لديَّ ابن ذكر، يبلغ من العمر 19سنة، يدرس بإحدى المدارس العليا بالسنة الأولى، تعلَّم السرقة والحصول على المال عن طريق البحث في محفظتي أو محفظة أمه أو أفراد العائلة، وحينما نكتشف فعلته ونواجهه يقسم بالله انه لم ير أي شئ وانه بريء من هذه التهم، لكن نعرف أنه هو الفاعل، وقد بلغ به الأمر إلى سرقة النقود من الحساب البنكي لأمه؛ مستغلاً معرفته برقم الحساب، وبعد مواجهته أنكر، لكن البنك زوَّدنا بكل المعلومات؛ فقمت بمواجهته بالحقيقة مستعملاً كل الوسائل بما فيها الضرب؛ فاعترف بكل أفعاله الحديثة والقديمة، ووعدني بأن يقلع عن هذه الأفعال المشينة وأن يتفرغ لدراسته وواجباته الدينية، سيدي أريد أن أعرف هل بإمكان ابني الإقلاع عن هذه الأفعال؟ هل يتطلب الأمر اللجوء إلى الطبيب النفسي؟ هل أخطأت حين ضربته؟ هل يوجد تفسير لهذه الظاهرة دينياً…إن ابني لا ينقصه شئ فالأمور ميسرة والحمد لله.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فسل الله لولدك الهداية وأن يلهمه ربه رشده وأن يأخذ بيده إلى سواء الصراط، واعلم ـ أخي ـ بأن الله تعالى قد يبتلي العبد في ولده؛ لينظر كيف يصنع؟ وهذه الظاهرة قد شكا منها أناس غيرك، والواجب عليك أن تبحث عن الأسباب فقد يكون الأمر راجعاً إلى رفقاء سوء يحيطون به ويزينون له سرقة المال، وقد يكون راجعاً لبعض المواد الفاسدة التي رآها في وسائل الإعلام من أفلام تحرِّض على ذلك، وقد يكون السبب نفسياً، والذي أنصحك به أخي:
أولاً: لتكن علاقتك بولدك قائمة على المصارحة والوضوح، لا الإرهاب والتخويف؛ لأن مصيبة الكذب أعظم من مصيبة السرقة، والمؤمن يطبع على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب، فاجتهد ـ عافاك الله ـ في أن تصاحب ولدك وأن تعطيه الثقة التامة؛ لعل في ذلك علاجاً له إن شاء الله
ثانياً: احرص على أن تصحبه إلى المسجد لأداء الصلاة مع الجماعة، ورغِّبه في مجالس الخير وحلق العلم، واختر له أصحاباً طيبين؛ يعينونه إذا ذكر ويذكِّرونه إذا نسي
ثالثاً: إذا كان في بيتك بعض المعينات على الفساد كالقنوات المفسدة فأخرجها حسبة لله، ونيتك أن يكون ذلك إن شاء الله من أسباب صلاح ولدك وذريتك
رابعاً: اجتهد في الدعاء بأن يصلح الله ما فسد من خلق ولدك، وقل كما قال الصالحون )ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما( وقل )رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء( وقل )رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين(