الفتاوى

  • حكم لبس اللون الأحمر للرجال

    ما حكم لبس الثوب الكامل ذو اللون الأحمر أو الأصفر للرجال؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فقد ورد في السنة ما يدل على جواز لبس الثوب الأحمر؛ فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال {كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه، رأيته في حلة حمراء لم أر شيئاً قط أحسن منه} وفي سنن أبي داود من حديث هلال بن عامر عن أبيه قال {رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بمنى على بعير وعليه برد أحمر} قال ابن حجر: وإسناده حسن.  فهذان الحديثان يدلان على جواز لبس الأحمر، وقد قال بمدلولهما جماعة من الصحابة والتابعين، وفي ووردت نصوص أخرى تمنع من لبس الأحمر؛ فقد روى ابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال  {نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المفَدَّم} وهو المشبع بالعصفر، وأخرج الطبري عن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا  رأى  على الرجل ثوباً معصفراً جذبه وقال {دعوا هذا للنساء} وأخرج ابن أبي شيبة من مرسل الحسن {الحمرة من زينة الشيطان والشيطان يحب الحمرة} وأخرج أبو داود والترمذي وحسَّنه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال {مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوبان أحمران فسلَّم عليه؛ فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم} واستدلالاً بهذه الأحاديث قالت طائفة بالمنع من لبس الحمرة، والحقُّ إعمال هذه الأدلة كلها بالجمع بينها، وقد سلك أهل العلم في الجمع مسالك:

    1ـ فرَّق بعضهم بين ما كان مشبعاً بالحمرة دون ما كان صبغه خفيفاً

    2ـ وقال ابن عباس: يكره لبس الأحمر مطلقاً لقصد الزينة والشهرة، ويجوز في البيوت والمهنة

    3ـ رجَّح ابن القيم رحمه الله أن النهي مخصوص بالثوب الذي يكون حمرته خالصة، وأما ما كان فيه لون آخر غير الأحمر من بياض وسواد فلا يشمله النهي

    4ـ وسلك الطبري رحمه الله مسلك التفريق في الحكم باعتبار الزمان؛ فقال بعد أن ذكر الخلاف: الذي أراه جواز لبس الثياب المصبغ بكل لون، إلا أني لا أحب لبس ما كان مشبعاً بالحمرة، ولا لبس الأحمر مطلقاً ظاهراً فوق الثياب؛ لكونه ليس من لباس أهل المروءة في زماننا؛ فإن مراعاة زي الزمان من المروءة ما لم يكن إثماً، وفي مخالفة الزي ضرب من الشهرة

    5ـ وسلك ابن حجر قريباً من مسلك الطبري فقال: والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار فالقول فيه كالقول في الميثرة الحمراء، وإن كان من أجل أنه زي النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء فيكون النهي عنه لا لذاته، وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك.

  • هل أحلف على هذا؟

    أوكلني أخي بخصوص حقيبة فقدها وهو في طريق عودته من إحدى دول الاغتراب، والحقيبة فقدت  بواسطة شركة نقل، وأخيراً لجأ إلى المحكمة، وكتب كل ما بداخل الحقيبة وأسعارها؟ فهل أحلف على أساس هذه الورقة المكتوب عليها؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فلا حرج على أخيك في طلب ضمان الحقيبة المفقودة وفق العقد المبرم بينه وبين الشركة الناقلة، لكن لا يجوز لك أن تحلف على صحة ما كتبه أخوك عن محتويات الحقيبة؛ لأنه لا يجوز التوكيل في اليمين لكونها قد أشبهت العبادة من حيث كونها تعظيماً لله تعالى، ثم إن هذه اليمين في معنى الشهادة، ولا يجوز للمسلم أن يشهد إلا على ما أدرك صحته يقيناً؛ وقد روي في الحديث {على مثل الشمس فاشهد أو دَعْ} والله تعالى أعلم.

  • أشك في الأشياء أنها نجسة

    الحمد لله علي كل شئ، ومشكلتي باختصار هي مع الطهارة؛ فإني معذب تعذيباً شديداً لأنني أشك في معظم الأشياء التي من حولي؛ فأعتقد أنها نجسة؛ فمثلاً عندما أدخل الحمام لا أستطيع لمس أي شئ؛ كما لو أنني خرجت وأصاب ثوبي أي شئ من الماء الموجود في أسفل النعال أسارع بغسله فهذه أشياء بسيطة مما يحدث لي.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فاعلم أخي أن الأصل في الأشياء الطهارة، وأن الأعيان النجسة في شرع الله محدودة معدودة، فلا تَدَعْ للشيطان عليك سبيلاً، واستعذ بالله منه فإنه وسواس خناس، واعلم بأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يخوضون في ماء المطر ثم يصلون ولا يغسلون ثياباً ولا نعالاً، واعلم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى وفي نعليه نجاسة فخلعهما في أثناء صلاته، وبنى على مضى ولم يُعِدْ، فدين الله يسر، وقد قال سبحانه {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم ولعلكم تشكرون} فاستعن بالله ولا تعجز، وأكثر كذلك من قراءة آية الكرسي ليذهب الله عنك نزغة الشيطان، والله تعالى أعلم.

  • علاقتي بوالدتي سيئة

    مشكلتي باختصار إنني شاب ملتزم، ولكن علاقتي بوالدتي للأسف سيئة جداً؛ حيث إنه لا يوجد بيننا تعامل كما بين الأمهات والأبناء لا كلمة ثناء ولا كف أذى؛ بل توبيخ وشتم بألفاظ يقشعر لها البدن، ولا تبالي بوجود شخص غريب أو قريب، ودائماً ما تقف ضدي في أتفه الأشياء؛ حتى ولو كان الحق معي!! والله يا شيخ أصبحت في حيرة من أمري، كلما حاولت التودد إليها صدتني بأشنع ما يكون. جلبت لها بعض الأشرطة لعلها تغيِّر شيئاً من تعاملها، ولكن لم يتغير شيء، أرجو منكم توجيهي وإيجاد حل لمشكلتي في أسرع وقت ممكن فأنا في حال لا يعلمها إلا الله. وجزاكم الله خيرا

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فيا أخي سلْ ربك العافية، واحمده على نعمته عليك، ثم اعلم بأن الواجب عليك بر أمك والإحسان إليها؛ للنصوص الكثيرة الآمرة بذلك في الكتاب والسنة، والتي لم تقيِّد البر بكون الأم عاقلة أو مسلمة أو محسنة إلى ولدها أو قائمة بحقه، بل البر واجب على كل حال مع كل أم ولو كانت كافرة.

    عليه فالذي أنصحك به أن تكثر من الدعاء لأمك بأن يرقِّق الله قلبها ويأخذ بناصيتها إلى الخير، وتودد إليها ما استطعت، وقابل إساءتها بالإحسان وعقوقها بالبر وجفاءها بالرحمة، وعما قريب إن شاء الله ستجد عاقبة ذلك {والله لا يضيع أجر المحسنين} والله أعلم.

  • وجدها غير عذراء فطلقها

    تزوجت من فتاة من أسرة محترمة، وهى أيضاً طيبة وعلى خلق، دخلت عليها؛ فانقلبت حياتي جحيماً لا يطاق حيث وجدتها ليست بعذراء؛ قلت لها: في لحظتها أن نذهب للطبيب؛ ففاضت عيناها بالدموع وأنكرت، بدأت رحلة المعاناة، بدأت أشك في كل تصرفاتها، وبدأت أفتعل المشاكل حيث أضمرت في نفسي طلاقها، ولكن بعد فترة سترة لها ولأسرتها، وواتتني الفرصة بعد 5 أشهر؛ فطلقتها وعند حصول الطلاق لم تجد سبب الطلاق مقنعاً، وأصرت على معرفة الدافع للطلاق؛ فواجهتها هذه المرة بكل شئ، وأصرت على الإنكار؛ مدعية بأنها قد خلقت هكذا؛ علماً بأنني سألت أخصائي نساء، وكنت أحس من ردودها باستخفاف بعقلي، وادعت أنها تحبني ولا تستطيع العيش دوني، قاربت الآن عدتها على الانتهاء، وما أخشاه هو أن أكون سبباً في ضياع الفرصة لها في بداية صفحة جديدة؛ علماً بأني أصبحت لا أطيقها، ولكن سأطيقها إن كان هذا يرضى الله جل جلاله أفيدوني. وهل  حقاً طلق الرسول صلى الله عليه وسلم؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فلا حرج عليك في طلاق تلك المرأة ما دامت نفسك لا تطيقها، والطلاق رحمة ولعل الله يبدلها خيراً منك ويبدلك خيراً منها؛ كما قال سبحانه {وإن يتفرقا يُغْنِ الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً عليما} لكن كان الواجب عليك ـ أخي ـ أن تحسن الظن بتلك الأخت ما دمت قد خطبتها من بيت فضل ودين، وهي كذلك ـ كما تقول ـ طيبة وذات خلق، وقد تكون عذريتها ذهبت لا بفاحشة بل بحِكَّة أو سقوط أو غير ذلك من الأسباب، وبعض الظن إثم {ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً} وعلى كل حال لا أفضِّل أن تُرجعها ما دمت لها كارهاً؛ لئلا تعيش معها في شك دائم يفسد عليكما لذة الحياة الزوجية.

    وأما سؤالك عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت أنه طلق أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، ثم نزل عليه جبريل عليه السلام يأمره بمراجعتها رحمة بعمر رضي الله عنه ولأنها صوامة قوامة، فراجعها عليه الصلاة والسلام وبقيت عنده  حتى توفي عنها، والله تعالى أعلم.

  • أنجب منها ثمانية ثم تزوج بغيرها

    رجل تزوج بامرأة وأنجب منها ثمانية من البنين والبنات، وعندما تزوجها كان معلماً وبراتب متواضع، عموماً أتيحت فرصة الهجرة، وعندما ذهب إلي الخارج ومن حقه تزوج من امرأة أخرى، ولكن السؤال أنه عندما كان في الخارج لم يستشر زوجته الأولي في أن يأخذ الثانية معه إلي الخارج، وكان يأتي في العطلات إلي بلده ويقسم الزمن بينهما؛ مع أنه كان طول باقي السنة مع الثانية .. وعندما أتي نهائياً بني للجديدة بيتاً واتخذه بيتاً له، ولم يأت لينام مع القديمة ولا يوماً واحداً.. وما زالت زوجته الأولي تطيعه وتعطيه حق الزوج ولم تسأله عن تصرفاته والفترة قد طالت -ثلاث سنوات أو تزيد- وجزاكم الله خيراً

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.ً

    فالواجب على المسلم إذا تزوج بأكثر من واحدة أن يعدل بينهن في النفقة والمبيت، وأن يتقي الله ما استطاع، ولا يجوز له أن يفضِّل واحدة على الأخرى في المبيت؛ بدعوى أن إحداهما شابة والأخرى عجوز، بل الواجب العدل بين الزوجات جميعاً؛ سواء في ذلك الشابة والعجوز والجميلة والشوهاء والولود والعاقر والصحيحة والمريضة، اللهم إلا إذا تنازلت إحداهما عن ليلتها لغيرها بطيب نفس منها؛ كما فعلت أم المؤمنين سودة رضي الله عنها حين وهبت ليلتها لعائشة إرضاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وطلباً لراحته، ولو وهبت ليلتها جاز لها الرجوع في الهبة متى شاءت.

    وكان واجباً على هذا الرجل أن يجعل العطلة كلها للأولى ما دام قد رضي أن يسافر مع الثانية ويبقى معها عامة سنته، قال علماؤنا: لا يجب على الرجل الإقراع بين نسائه إلا في سفر القربة كالحج والعمرة والجهاد، أما في غير ذلك من الأسفار فله أن يصحب معه من يراها صالحة له في السفر دون غيرها، وأما ما يفعله الآن من المبيت مع الثانية فهو من الظلم البين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل} رواه النسائي وأبو داود.

  • حكم لبس الثوب السوداني

    1ـ هل يجوز لبس الثوب مربوطاً في الوسط ـ أعني الثوب السوداني ـ بدلاً من لبسه بالطريقة المعروفة؟ وأيهما أفضل شرعاً؟ أفتوني.

     2ـ ما حكم الشرع في تضجر وغضب من لحقه ظلم، وسُلِب حقه الوظيفي، وقُلِّل من شأنه من قبل رئيسه لإرضاء شخص آخر لمصلحة شخصية وأشياء لا ترضي الله والناس بينهما؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فلم تجعل الشريعة للبس الثوب طريقة معينة لا ينبغي تجاوزها، بل المطلوب أن تحرص المرأة المسلمة على التستر والحشمة في ثيابها؛ بحيث لا تصف جسدها ولا تبدي مفاتنها، وأما ربطه في الوسط أو غيره فالأمر في ذلك واسع.

    ومن وقع عليه ظلم من قبل رئيسه في العمل فله أن يرفع شكواه لمن يملك إزالة الظلم عنه من رئيس أعلى أو جهة يتحاكم إليها، ولا يضيره أن يذكر الظالم بفعله؛ لقوله تعالى {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاً عليما} ولا حرج عليه كذلك في أن يغضب أو يتضجر، وقد كانت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ حين رميت بالإفك تبكي الليل والنهار حتى ظنت أن البكاء فالقٌ كبدَها، وفوضت أمرها إلى الله فقالت: لا أقول إلا كما قال أبو يوسف {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون} ولا خير للعبد من اللجوء إلى ربه ليكشف عنه السوء، والله أعلم.

  • إسقاط الجنين أقل من أربعين يوما

    ما حكم إسقاط الجنين الذي لم يبلغ من العمر 40 يوم هل يجوز أم لا؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فلا يجوز إسقاط الجنين في أي مرحلة من مراحل الحمل؛ إلا بقرار طبيب موثوق عند تحقق الخطر على حياة الأم، وأما ما سوى ذلك فهي جناية على موجود حاصل، ولا يسلم فاعل ذلك من المؤاخذة الشرعية، والله تعالى أعلم.

  • حكم كتابة الوصية

    هل من الواجب كتابة الوصية {وما تدري نفس بأي أرض تموت}؟ وهل صحيح يتزاورون أهل الوصايا في القبور دون غيرهم؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالوصية مستحبة عند جمهور العلماء؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده} رواه الشيخان، وحمل الجمهور الحديث على معنى الحزم والاحتياط؛ لأن الموت قد يفجؤه وهو على غير وصية، وما ينبغي للمؤمن أن يغفل عن ذكر الموت والاستعداد له.

    وأما القول بأن أهل الوصايا يتزاورون في القبور دون غيرهم فلا أعلم له من الشرع دليلاً، والله أعلم.

  • لا أشعر باللذة مع زوجتي

    أنا شاب ابلغ من العمر 27 عاماً، متزوج ولي طفلان، لا أدري كيف أبدأ ولا أين انتهي؟ هنالك عدة أمور أعاني منها، وأرجو منك يا شيخنا الفاضل أن تساعدني جزاك الله عنا كل خير

    أولا: علاقتي مع زوجتي علاقة طيبة، وهنالك حب متبادل، وهي حريصة عليَّ كل الحرص، ولكن بدأت مشكلة معي وهي أنه عندما أنام معها لا أشعر بأي لذة أو إشباع!! وعندما تطلب مني أحاول أن أختلق الأعذار لكي لا أنام معها، وقد شعرت مراراً بانزعاجها مني ولكنها معظم الوقت تحاول أن تتفادى بأن لا تخلق أي مشكلة، ولكني في نفس الوقت متمسك بهذه العادة السيئة التي لا أستطيع أن ابتعد عنها وكأنني مدمن عليها ألا وهي العادة السرية، وأنا أعلم أنها هي إحدى الأسباب التي تجعلني بعيداً عن زوجتي؛ كما أنها إحدى الأسباب التي تشعرني بعدم الاكتفاء مع زوجتي، وأنا دائماً في حيرة من أمري ولا أعلم ماذا افعل؟ طبعاً لا أخفيك القول بأنه يوجد عندي تلفاز مع ستلايت وهنالك محطات بذيئة كنت دائما أتابعها، وعندما كنت أنوي أن ألغي نظام الستلايت أعود إلى متابعتها وأنسى ما كنت ناويا عليه.

    ثانياً: أنا لست ملتزما بالصلوات الخمس، بعض الأوقات أو الأيام التزم بها عند سماعي درساً مؤثراً أو حضوري لجنازة ما، ثم بعد أيام تخف عزيمتي وأعود كما كنت عليه في السابق، أثناء الليل أصاب بأرق، والتفكير الشديد وضيق التنفس، وبعض الأوقات أستفرغ من كثرة الضيق ويهيأ لي بان ملك الموت من حولي وأصاب بالذعر؛ عندها أوقظ زوجتي من النوم كي تبقى معي!! وبعض الأوقات أخرج لأستنشق قليلاً من الهواء، ولكن هذه الحالة مستمرة معي خاصة عندما يحل الظلام والسكون وأبقى جالساً وحدي أفكر في هذه الدنيا التعيسة… أرجو منك يا شيخنا الجليل أن تساعدني؛ لأنني أتعذب في حياتي ولا أدري ماذا أفعل

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فإنني أوصيك ـ يا أخي ـ بداية بتقوى الله تعالى؛ فإنها مفتاح كل خير؛ وقد قال سبحانه {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} وقال {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقال {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} وقال {ومن يتق الله يكفِّر عنه سيئاته ويعظم له أجرا} كما أوصيك بالمسارعة إلى الله تعالى بتوبة نصوح تمحو ما كان من الخطايا والآثام، والله تعالى يتوب على من تاب، وقد قال )وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى( وقال النبي صلى الله عليه وسلم {إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها} فعجِّل بالتوبة ـ رحمك الله ـ تفلح وتنجو إن شاء الله. وأما ما سألت عنه فالجواب:

    أولاً: احمد الله حمداً كثيراً على أن رزقك زوجةً طيبةً، حريصةً عليك، راغبةً في إرضائك، غير ساعية في إثارة المشكلات معك؛ فهذه نعمة تستوجب الشكر {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}

    ثانياً: ما تشعر به من عدم الإشباع حال قضائك وطرك مع زوجتك إنما هو جزاء ما اقترفت يداك؛ حين أدمنت النظر إلى تلك المشاهد المحرمة على القنوات الماجنة، فصارت نفسك تتوق إلى الحرام ولا تجد اللذة في الحلال، والجزاء من جنس العمل، وقد قيل:

    وأنت إذا أرسلت طرفك رائداً                  لقلبك يوماً أتعبتـك المناظر

    رأيت الذي لا كله أنت قادر                  عليه ولا عن بعضه أنت صابر

    ثالثاً: عليك بتجديد حياتك مع زوجك، وانصحها بأن تبتعد عن الرتابة في ملبسها وهيئتها ومسكنها، وأن حسن تبعل المرأة لزوجها ـ في تحسين منظرها وتطييب ريحها وتجميل وجهها ـ من أفضل القربات؛ خاصة في زمان كثرت فيه المغريات والفتن

    رابعاً: لا يحل لك أن تهجر زوجك بحيث تعرضها للفتن؛ واعلم أن إتيانها واجب عليك؛ قال سبحانه )فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله( وما ينبغي لك أن تذرها كالمعلَّقة، واعلم بأنك كما تُفتن بالنساء فهي كذلك تُفتن بالرجال، وما شرع الله الزواج إلا لحكم عظيمة من بينها قضاء الوطر في الحلال وإرواء الشهوة بالمباح

    خامساً: العادة السرية محرمة؛ لعموم قوله سبحانه {والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} وأنت لا تمارس هذه العادة إلا إذا استحضرت صورة محرمة، ويكفي هذا في تحريم هذه العادة الخبيثة

    سادساً: إن لم تك قادراً على منع نفسك من مشاهدة الحرام وكبح جماحها، فالواجب عليك التخلص من جهاز الاستقبال الذي يجلب لك تلك المنكرات؛ فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، واعلم بأن ضرر هذه القنوات يعود على أهل بيتك ـ من زوج وعيال ـ والإثم عليك أنت يا من سهَّلت دخول هذا الفساد إلى بيتك؛ فاتق الله في نفسك وفيهم

    سابعاً: الصلاة عمود الدين، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، وما كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة؛ وهي آخر ما يفقد المرء من دينه؛ فحافظ عليها وواظب مع جماعة المسجد، وجاهد نفسك في ذلك، وإذا وجدت مشقة في أول الأمر فاصبر؛ واعلم أنها خير عون لك في صلاح دينك ودنياك وآخرتك )واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين( ولا تدع الشيطان يسول لك تأخيرها عن وقتها أو أن تصليها وحدك في البيت، بل جاهد نفسك وشيطانك، وقد قال الله تعالى )والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين(

    ثامناً: إذا أويت إلى فراشك فكن على طهارة واقرأ آية الكرسي وخواتيم البقرة، وانفث في كفيك بالإخلاص والمعوذتين ثلاث مرات وامسح بهما ما استطعت من جسدك، ثم اذكر الله حتى تغلبك عيناك؛ إذا فعلت ذلك فلن ترى إلا خيراً إن شاء الله

    تاسعاً: الجأ إلى الله تعالى وألح عليه بالدعاء بأن يهدي قلبك وينفس كربك، وأكثر من الاستغفار والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تلق خيراً كثيراً، والله الموفق والمستعان

زر الذهاب إلى الأعلى