الفتاوى

  • التنكيس في القرآن

    ما هو التنكيس في القرآن؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالتنكيس في القرآن محمول على وجهين: أولهما تنكيس الآيات، وذلك بأن يقرأ من آخر السورة إلى أولها، وكان جماعة يصنعون ذلك في القصيدة من الشعر؛ مبالغة في حفظها وتذليلاً للسانه في سردها، فمنع السلف ذلك في القرآن؛ فهو حرام فيه. والوجه الثاني قراءة السور على غير ترتيب المصحف وهو خلاف الأولى، قال ابن بطال رحمه الله تعالى: لا نعلم أحداً قال بوجوب ترتيب السور في القراءة لا داخل الصلاة ولا خارجها، بل يجوز أن يقرأ الكهف قبل البقرة، والحج قبل الكهف مثلاً.ا.هـ وقال النووي رحمه الله تعالى: الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف؛ فيقرأ الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم ما بعدها على الترتيب، وسواء قرأ في الصلاة أو في غيرها؛ حتى قال بعض أصحابنا: إذا قرأ في الركعة الأولى سورة {قل أعوذ برب الناس} يقرأ في الثانية بعد الفاتحة من البقرة! قال بعض أصحابنا: ويستحب إذا قرأ سورة أن يقرأ بعدها التي تليها، ودليل هذا أن ترتيب المصحف إنما جُعل هكذا لحكمة؛ فينبغي أن يحافظ عليها إلا فيما ورد الشرع باستثنائه؛ كصلاة الصبح يوم الجمعة يقرأ في الأولى سورة السجدة وفي الثانية {هل أتى على الإنسان} وصلاة العيد في الأولى قاف وفي الثانية {اقتربت الساعة} وركعتي سنة الفجر في الأولى {قل يا أيها الكافرون} وفي الثانية {قل هو الله أحد} وركعات الوتر في الأولى {سبح اسم ربك الأعلى} وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالث {قل هو الله أحد} والمعوذتين، ولو خالف الموالاة فقرأ سورة لا تلي الأولى أو خالف الترتيب فقرأ سورة ثم قرأ سورة قبلها جاز؛ فقد جاء بذلك آثار كثيرة؛ وقد قرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه في  الركعة الأولى من الصبح بالكهف، وفي الثانية بيوسف، وقد كره جماعة مخالفة ترتيب المصحف وروى ابن أبي داود عن الحسن: أنه كان يكره أن يقرأ القرآن إلا على تأليفه في المصحف، وبإسناده الصحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قيل له: إن فلاناً يقرأ القرآن منكوساً؟ فقال: ذلك منكوس القلب. وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فممنوع منعاً متأكداً؛ فإنه يُذهِب بعض ضروب الإعجاز، ويزيل حكمة ترتيب الآيات، وقد روى ابن أبي داود عن إبراهيم النخعي الإمام التابعي الجليل والإمام مالك بن أنس أنهما كرها ذلك، وأن مالكاً كان يعيبه ويقول: هذا عظيم، وأما تعليم الصبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسن وليس هذا من هذا الباب؛ فإن ذلك قراءة متفاضلة في أيام متعددة مع ما فيه من تسهيل الحفظ عليهم، والله أعلم.

  • أفطرت بسبب الحمل

    أفطرت في رمضان قبل الماضي بسبب الحمل، ولم أستطع قضاؤه قبل رمضان التالي له؛ لأني كنت مرضعة، والآن قضيت تلك الأيام، السؤال: هل عليَّ كفارة وإذا كان عليَّ كم مقدارها؟ وجزاكم الله خيراً.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فليس عليك كفارة؛ إذ كان تأخير القضاء لعذر الإرضاع، وقد قال سبحانه {فمن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} والله تعالى أعلم

  • أسئلة عن الجهاد

    / أنا من العراق، والمجاميع الجهادية كثيرة عندنا ولله الحمد لله وحده،؛ مثل التوحيد والجهاد وأنصار السنة والجيش الإسلامي وكتائب ثورة العشرين والكثير الكثير، من الذي يستحق البيعة منهم؟

    2/ ما رأيكم بأسامة بن لادن، أيمن الظواهري، أبو مصعب الزرقاوي؟

    3/ ما حكم تطبيق الأحكام الشرعية (الحدود) في هذا الوقت في العراق مثل التعزير والجلد والرجم والقطع وغبرها؟

    4/ ما حكم الشيعة هل يقتلون أينما ثقفوا وتغنم أموالهم وتسبى نساؤهم؟

    5/ ما حكم العمل بالأحزاب السياسية مع الحكومة الجعفرية الأمريكية مثل الحزب الإسلامي العراقي؟

    6/ هل تنصح بقراءة كتب أبي محمد المقدسي؟

    7/ لماذا لا يأتي العلماء إلى العراق من السعودية؟ ألم يكن جهاد الدفع واجباً على المسلمين؟

    8/ ما حكم القتال داخل المدن؟

    9/ ما حكم التترس بالمدنيين؟

    10/ ما حكم العمل بالأجهزة الأمنية للدولة الجعفرية الأمريكية مثل الشرطة والحرس الوطني؟ وإذا كان العمل لأجل أن يكون عيناً للمجاهدين؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالذي أنصح به السائل ـ أولاً ـ أن يعمد إلى طرح أسئلته هذه وما شابهها على بعض أهل العلم الموثوقين في العراق، وهم بحمد الله كثيرون؛ لأنهم أدرى بالواقع المسئول عنه، وأقدر على معرفة الحقيقة من طرقها الشرعية، وقد قال الله جل جلاله {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} وسأجتهد ـ إن شاء الله ـ في جوابك عما سألت عنه وفق ما أعلم:

    1/ الواجب عليك أن تبذل جهدك في قتال الغزاة الصليبيين، وأن تتعاون في ذلك مع من هم أقرب إلى السنة وأتبع للحق من المجموعات التي تتولى قيادة المسلمين في هذا الجهاد المشروع، ولو لم تبايع أحداً ـ لاشتباه الأمر ـ  فلا حرج عليك؛ إذ جهاد الدفع لا يشترط له راية ولا إمام

    2/ الأشخاص الذين تسأل عنهم مبلغ علمي أنهم مسلمون مجاهدون مطارَدون من قبل قوى الشر ـ أمريكا وعملائها ـ ولا أستطيع الحكم عليهم من خلال ما ينسب إليهم في وسائل الإعلام القائمة على تزوير الحقائق وتجريم البريء والنقل غير المسئول عن وسائل الإعلام الصهيونية والصليبية

    3/ أجمع أهل العلم على أن تطبيق الحدود منوط بالإمام أو من ينيبه، ولا يستثنى من ذلك إلا إقامة السيد الحدَّ على أمته؛ لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد ر ضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال {إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت  فبيعوها، ولو بضفير} قال ابن شهاب لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة.. أما القصاص والقطع والرجم والجلد ـ سوى ما استثني ـ فلا يحق لأحد سوى الإمام، ومبلغ علمي أنه لم يبايَع أحد ـ من المسلمين ـ بالإمامة في العراق حتى اليوم، بل لم يدَّع أحد ذلك لنفسه

    4/  الشيعة معدودون ـ في الجملة ـ من طوائف المسلمين، والمسلم حتى لو كان باغياً فإنه لا يعامل معاملة الكافر؛ لما رواه البزار والحاكم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  {هل تدري يا ابن أم عبد كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟} قال: الله ورسوله أعلم. قال {لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيؤها}

    5/ العمل السياسي ـ فيما يظهر ـ يبدو غير ذي فائدة في ظل وجود الاحتلال الصليبي، إذ لن يسمح لمسلم يتوق لتحكيم الإسلام وسيادته ـ عقيدة وشريعة ـ أن يكون ذا سلطان نافذ أو كلمة مسموعة، وواجب الوقت هو دفع هؤلاء المعتدين؛ حتى تتطهر منهم البلاد ويرتاح العباد

    6/ كتب المقدسي ليس لي عليها اطلاع؛ ولذلك لا أستطيع الحكم عليها

    7/ جهاد الدفع واجب على أهل البلد التي دهمت من قبل الكفار ـ سواء في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو الشيشان أو غيرها ـ فإذا لم تحصل بهم الكفاية، ينتقل الوجوب إلى من يليهم من المسلمين الأقرب فالأقرب، وسواء في ذلك العالم والعامي والذكر والأنثى والشاب والشيخ ممن يطيقون القتال؛ لعموم قوله تعالى {انفروا خفافاً وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله}

    8/ القتال داخل المدن يُنظر إليه باعتبار المصالح والمفاسد، وقد استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم  أحد أيخرج لقتال المشركين أم يبقى داخل المدينة؟ فالأمر يرجع إلى النظر من قبل أهل الميدان ليرجحوا ما كانت مصلحته غالبة

    9/ لا يجوز للمسلم التترس بالمسلمين غير المحاربين ـ من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ـ لما يفضي إليه ذلك من سفك دمائهم وهتك حرماتهم؛ خاصة وأن العدو الكافر لا يرقب في مؤمن إلاً ولا ذمة؛ وليس للمسلم أن يفدي نفسه بمسلم سواه؛ إذ المسلمون تتكافأ دماؤهم

    10/ الحكومة القائمة في العراق ـ بأمر الأمريكان ـ هي صنيعة للصليبيين، موالية لهم، ساعية في إطفاء جذوة الجهاد وإقناع المسلمين بالرضا بالدون والعيش الذليل، وعليه فلا يجوز لمسلم أن يتعامل معها على أنها حكومة شرعية، بل هي عميلة خائنة، ولا أحسب مسلماً يستطيع العمل من خلالها من أجل أن يكون عيناً لإخوانه، ولو استطاع فلا حرج؛ لأن نبينا صلى الله عليه وسلم بعث العيون على الأعداء واشتهر من بين أصحابه حذيفة بن اليمان وطلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد وعبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنهم والعلم عند الله تعالى.

  • الصلاة خلف المبتدع

    ما حكم الصلاة خلف إمام مبتدع أمثال الصوفية وبقية الطرق؟ أفتونا جزاكم الله خيراً

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالصلاة خلف كل مسلم صحيحة ـ مبتدعاً كان أو على السنة ـ إلا من كانت بدعته مكفِّرة؛ كمن يعتقد أن لغير الله من الأولياء ونحوهم تصرفاً في الكون، أو من يعتقد أن أحداً سوى الله يعلم الغيب بإطلاق، ونحو ذلك من البدع التي تخرج صاحبها ـ بعد إقامة الحجة عليه وانتفاء الموانع عنه ـ من دائرة الإسلام؛ عياذاً بالله تعالى، وأما من كانت بدعته دون ذلك ـ كحال المبتدعين بدعاً عملية ـ فهؤلاء يُصلَّى خلفهم، وإن كان الأولى إقامة غيرهم مكانهم؛ صيانة لدين المسلمين من الدَّخَن، والعلم عند الله تعالى

  • قتل امرأة في حادث سيارة

    أسال عن الذي يقود عربة، ثم يعمل بها حادث غير مقصود؛ فيصيب امرأة كبيرة؛ فتنقل إلى المستشفى، ثم تموت في نفس اليوم هل عليه كفارة؟ أو ماذا عليه أن يفعل؟ مع العلم بأن أهل المرأة المتوفاة قد عفوا عن الدية، وجزاكم الله خيراً.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فهذا الشخص قاتلٌ خطأً، وقد قال ربنا سبحانه {ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيما} وعليه فإن المطلوب من هذا الشخص صيام شهرين متتابعين، ولا يضره أن يكون الشهران ستين يوماً أو تسعة وخمسين، والله تعالى أعلم.

  • استعار مالا ليشغّله

    ما حكم شخص استعار مبلغاً من المال ليشغله لصاحبه وهو بدوره يستفيد ولكنهما لم يتفقا على الفائدة؟ هل هذا يعتبر ربا؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فهذه المعاملة تكون صحيحة لو جرت على أحكام عقد المضاربة المعروف في الشريعة الإسلامية، وذلك بأن يكون المال من شخص، والجهد من آخر، على أن يتقاسما الأرباح بنسبة مشاعة؛ كالنصف أو الثلث أو الربع، ونحو ذلك على ما يتراضى عليه الطرفان، وهما كذلك شريكان في الوضيعة ـ أي الخسارة ـ فالأول خسر ماله والآخر خسر جهده، وعليه تكون المعاملة سالمة من الربا، جارية على مراد الشرع الحنيف، والله تعالى أعلم.

  • حكم التأمين

    ما حكم التأمين الصحي؟ مع العلم أن هناك مبلغاً يخصم من المرتب سواء رضينا أم أبينا؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالتأمين المباح شرعاً هو التأمين التعاوني؛ وهو أن يتفق عدة أشخاص على أن يدفع كل منهم اشتراكاً معيَّناً لتعويض الأضرار التي قد تصيب أحدهم إذا تحقق خطر معيَّن، كما هو الشائع عند سائقي سيارات الأجرة والباصات السفرية؛ ووجه جوازه أنه من عقود التبرعات التي يقصد منها المواساة والتعاون على تفتيت الأخطار، والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة، ولا ربحاً من أموال غيرهم، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر؛ ففعلهم هذا داخل في عموم قوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى}

    أما التأمين القائم على دفع قسط ثابت من قبل الشخص المؤمَّن له إلى جهة معينة وهي شركة التأمين؛ وتتعهد الشركة بموجب ذلك دفع مبلغ معيَّن عند تحقق خطر معيَّن ـ حسب العقد ـ من حَرَقٍ أو غَرَقٍ أو هَدْمٍ أو سرقة ونحو ذلك، ويكون العوض المدفوع إما إلى شخص المؤمَّن له أو ورثته؛ كالذي تفعله شركات التأمين على الحياة أو السيارات أو المباني؛ وعقد التأمين ـ بالصورة هذه ـ عقد فاسد قد أحاطت به عوامل البطلان من كل جانب، لكونه عقد معاوضة لا تبرع، وقد خالف الشريعة الإسلامية من وجوه عدة منها:

    أولاً: اشتماله على الغرر الفاحش المؤثر في عقود المعاوضات المالية؛ حيث يدفع الشخص المؤمن القسط الثابت، ثم هو لا يدري ـ وقت العقد ـ مقدار ما يعطي أو يأخذ؛ فقد يرجع إليه المال الذي دفعه أضعافاً مضاعفة، وذلك في حال حصول الحادث المشروط في العقد، وقد يضيع عليه ماله الذي دفعه، وكذلك شركة التأمين قد تغرم القسط أضعافاً مضاعفة، وقد تنال مال الشخص المؤمَّن له في غير مقابل، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر

    ثانياً: اشتماله على الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة؛ حيث ينطبق على هذا العقد تعريف الربا الذي هو زيادة مال بلا مقابل في معاوضة مال بمال، فلو أن الشركة دفعت للمستأمن أو لورثته أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل، ثم إنها تدفع ذلك بعد مدة من دفع المستأمن القسط فيكون ربا نسيئة، وكلاهما حرام داخل في عموم قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله…}

    ثالثاً: اشتماله على أكل أموال الناس بالباطل؛ حيث تلتزم الجهة المؤمَّن لديها ـ الشركة ـ بضمان الشيء التالف بالغرق أو الحرق أو الهدم أو التلف أو السرقة دون أن تكون متسببة في ذلك ولا مباشرة له، وقد قال سبحانه {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون}

    رابعاً: في عقد التأمين بالصورة الشائعة الآن تحريض للناس على أسباب الفساد؛ حيث يعمد كثيرون إلى الاستهتار بأرواح الناس وممتلكاتهم؛ لعلمهم بأن شركة التأمين ستضمن ما يكون من تلف للأموال أو إزهاق للأنفس {والله لا يحب الفساد}

    خامساً: في عقد التأمين بالصورة الشائعة الآن شبه من الميسر؛ حيث يدفع الشخص المؤمَّن له مالاً، ويتوكف أن يرجع إليه أضعافاً مضاعفة، وقد لا يرجع إليه شيء أصلاً، وهذا هو القمار؛ لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية مالية، والغُنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، أو الغرم بلا جناية أو تسبب فيها؛ وقد قال سبحانه {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}

    وهذا الحكم يسري على التأمين الصحي مثلما يسري على غيره من أنواع التأمين ـ سوى التعاوني ـ إذ قد تحقق فيه الغرر والربا والقمار وأكل أموال الناس بالباطل؛ فلربما يدفع شخصٌ الأقساط زماناً طويلاً ولا يحتاج إلى علاج، ورب آخر لا يدفع إلا يسيراً ثم يصاب بداء عضال يحتاج علاجه إلى مال كثير، يربو على ما دفعه أضعافاً مضاعفة.

    ولو استدل بعض الناس على جوازه بأن فيه تحقيقاً لمصالح الناس، والشريعة ما جاءت إلا لجلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، فإن الجواب على ذلك أن المصلحة التي شهد الشرع بإلغائها لا اعتبار لها؛ لأن الشريعة لم تلغها إلا لغلبة جانب المفسدة فيها على جانب المصلحة، وإن بدا للناس خلاف ذلك؛ ويشهد لهذا قوله تعالى {ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} فلم تعتبر المصلحة في الخمر والميسر لكونها مرجوحة في جانب المفسدة الكبيرة. ولو استدل بعضهم بقاعدة “الضرورات تبيح المحظورات” فالجواب أن المباح في كسب المال من طرقه المشروعة أكثر بكثير من المحرَّم، وليس هناك ضرورة معتبرة شرعاً تلجئ إلى ما حرَّمه الشرع من التأمين. وقد يقول بعضهم: إن هذا أمر متعارف عليه في دنيا الناس اليوم من غير نكير فوجب القول بإباحته!! والجواب على ذلك بأن العرف لا اعتبار له إذا خالف الشرع، وكذلك لا اغترار بكثرة الواقعين فيه؛ فإن الله تعالى قال {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله}

    والبديل الشرعي لذلك أن يُشجَّعَ المسلمون ـ أفراداً وجماعات ـ على التأمين التعاوني، وتُعمَّمَ فكرته على سائر المدن والقرى بحسب الأخطار التي يراد تغطيتها، والفئات التي يراد استفادتها منه؛ فيكون هناك قسم للتأمين الصحي، وآخر ضد العجز والشيخوخة، وثالث للباعة المتجولين، ورابع للتجار، وهكذا.

  • طلقني وأرجعني في نفس الليلة

    زوجي طلقني طلقة واحدة، وفى نفس الليلة اعتذر لي؛ فهل تعتبر طلقة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فإذا كان الزوج قد تلفظ بالطلاق فهو واقع، وتحسب عليه طلقة، والرجعة صحيحة إذا كانت تلك الطلقة هي الأولى أو الثانية، أما إذا كانت المكملة للثلاث فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره، والله تعالى أعلم.

  • مُحفّظ قرآن يسيء للأطفال

    السلام عليكم، نحن في بلجيكا، نحث على تعليم أولادنا في المساجد العربية والقرآن، عند إمام المسجد، لكني أصبت بالصدمة عندما حكى لي ابني أن الإمام يدعوه بالحمار أو رأس البغل…عندما يخطئ، وأنا في بيتي لا تذكر تلك الكلمات، ذهب الأب وتكلم مع الإمام فأحرج وقال: إنه ينعت الآخرين، بعدها قال لي ابني: إنه أخافه لكي لا يحكي لي ما يحدث معه، مع أن ابني تعلم جيداً عند هذا الإمام وصعب هنا، وجود معلمين أكفاء؟ فماذا أفعل هل أتركه عنده أم أوقفه عن التعلم لكي لا يتأثر بإمام يجهل سوء كلامه؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فأنتم مأجورون على سعيكم في تعليم أولادكم كلام الله تعالى ولغة كتابه؛ ليكون ذلك بركة ورحمة عليهم وعليكم في الدنيا والآخرة؛ وقد صح عن رسول الله e من حديث عثمان رضي الله عنه أنه قال {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} وهذا المعلم لم يتق الله تعالى في أبناء المسلمين الذين جعلوهم أمانة بين يديه؛ ليربيهم على هدي القرآن وأدب القرآن، وقد قال سبحانه {ولا تنابزوا بالألقاب} فمن وصف مسلماً ـ صغيراً أو كبيراً ـ بالحمار أو رأس البغل فهو آثم من جهتين: أولاهما مخالفة النهي الصريح الوارد في الآية، وثانيهما الوقوع في الكذب؛ إذ المرء ليس بحمار ولا رأس بغل، وهذا الإمام آثم من جهة ثالثة وهي ضرب المثل السيئ والقدوة السيئة لهؤلاء الصغار.

    وما قمت به من توجيه العتب لهذا الإمام ونهيه عن هذا المنكر هو ما ينبغي فعله؛ وعليك أن تحث الآخرين على نصحه، وفي الوقت نفسه لكم أن تبحثوا عن معلم آخر يحسن تعليم الصغار القرآن واللغة العربية، ويتجنب ما يقع فيه هذا المعلم من تلقين الأولاد تلك الألفاظ السيئة، ولا تسع في سحب ولدك من تلك الحلقات؛ لأن مصلحتها راجحة وخيرها عميم، والله تعالى أعلم.

  • حد المرتد

    أرجو توضيح حد المرتد من الكتاب والسنة، وأرجو سرعة الرد للأهمية وشكراً.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فحد المرتد ثابت بإجماع المسلمين، وقد نقل هذا الإجماع ابن قدامة رحمه الله في المغني فقال: أجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد؛ وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ وأبي موسى وابن عباس وخالد وغيرهم؛ ولم ينكر ذلك فكان إجماعاً.ا.هـ وقد ثبتت بذلك الأحاديث في السنة المطهرة كقوله صلى الله عليه وسلم {من بدل دينه فاقتلوه} متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم {لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان، وكفر بعد إيمان، والنفس بالنفس} متفق عليه، ومن أهل العلم من يرى أن حد المرتد ثابت بالقرآن في آية الحرابة {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا..} الآية، وقد طبَّق هذا الحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن أبي بردة رضي الله عنه في قصة قدوم معاذ على أبي موسى في اليمن؛ قال {فلما قدم عليه ألقى له وسادة؛ قال: انزل. وإذا رجل عنده موثق، قال: ما هذا؟ قال: كان يهودياً فأسلم؛ ثم تهود! قال: اجلس. قال: لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله. ثلاث مرات فأمر به فقتل، وجرى بذلك عمل المسلمين في سائر الأعصار، والعلم عند الله تعالى.

زر الذهاب إلى الأعلى