الوالدة تسأل بأن أختي – وهي طبيبة – تباشر تمريض والدي بعد إجرائه جراحة طبية كبيرة، ومن ضمن ذلك أنها تدخل معه إلى الحمام وتقوم بغسله وتنظيفه؛ فهل في ذلك محظور شرعي؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
فأسأل الله تعالى أن يرزقكم بر الوالدين في الحياة وبعد الممات؛ فإن أجر البر عظيم، وجواباً على سؤالك أقرر جملة من المبادئ:
أولها: الأصل أن عورة الرجل لا يجوز أن ينظر إليها أخ ولا أخت ولا أم ولا أب، لقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله السائل: عوراتنا ما نأتي منها، وما نذر، فقال صلى الله عليه وسلم: (احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك) رواه أبو داود
ثانيها: الوالد – عافاه الله – يجب أن يباشر تنظيفه زوجته إن كانت مطيقة لذلك قادرة عليه؛ لأنه يجوز لها الاطلاع على عورته من غير ما حرج؛ فقد قال ربنا جل جلاله {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}
ثالثها: هذان الحكمان الواردان في الفقرتين السابقتين إنما يسريان في حال السعة والاختيار؛ أما في حال الضيق والاضطرار؛ فيما لو كان الوالد على حالة لا يستطيع معها أن ينظف نفسه من الأذى، وكذلك لا تستطيع مباشرة ذلك زوجته؛ فإن لأختكم أن تغسل والدها المسن إذا كان الوالد ساتراً لما بين سرته وركبته؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، والحاجة تنزل منزلة الضرورة، لكن لا يجوز لها أن تمس ما بين سرته وركبته بغير حائل؛ لأن هذه عورة الرجل فكما أنه لا يجوز النظر إليها فمن باب أولى لا يجوز لها مسها.
رابعها: هذا الحكم يشمل الحي والميت معاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (غط فخذك فإنها من العورة) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وفي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت)
هذا والعلم عند الله تعالى، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،