الفتاوى

  • يريد الهجرة إلى المدينة المنورة

    السلام عليكم ورحمة الله وفقك الله أيها الشيخ الكريم وسدد خطاك وأدخلك الجنة مع الأنبياء الكرام.

    1/ لديَّ عربة عملت بها لمدة خمس سنوات ثم بعتها بمبلغ 80000 جنيه، هل عليَّ زكاة في هذا المبلغ؟ وكم مقدارها؟

    2/ هل الصلاة بعد أذان الفجر الأول وقبل الأذان الثاني تعتبر قيام ليل؟

    3/ أخي يرغب في بيع كل ما يملك بالسودان ويذهب إلى المدينة المنورة محبة لها ولساكنها صلى الله عليه وسلم ليحفظ القرآن ويدرس العلوم الإسلامية ويقيم هناك مع أبنائه وزوجته، بماذا تنصحونه؟ وجزاكم الله خيرا..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأحسن الله إليك وجمعني بك في جنات النعيم؛ إخواناً على سرر متقابلين؛ أما بعد.

    فليس في المبلغ المذكور الناتج من ببيع السيارة زكاة؛ لأنه ليس بالغاً نصاباً، لكن عند حلول حولك إذا انضافت إليه مبالغ أخرى تبلغ مع نصاباً فعليك أن تخرج من جميعها ربع العشر؛ فإن كان حولك في رمضان مثلاً وكان هذا المبلغ باقياً عندك، ولك أموال أخرى من أجرة عقار أو غيره تبلغ نصاباً فعليك أن تزكي الكل

    وصلاة الليل يبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء ولا ينتهي إلا بطلوع الفجر الصادق؛ وعليه فإن من صلى بعد الأذان الأول فإنه يكون مقيماً لليل؛ لأن الأذان الأول يكون بليل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن بلالاً يؤذن بليل؛ فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم” وكان رجلاً أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت.

    ومقصد أخيك طيب حيث أراد المقام في طيبة الطيبة، وقد قال عليه الصلاة والسلام “والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون” وقال “من استطاع منكم أن يموت بها فليمت؛ فإن من مات بها كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة” خاصة وقد أضاف إلى ذلك نية طيبة أخرى وهي طلب العلم الشرعي الذي هو أشرف العلوم وأزكاها، وقد قال عليه الصلاة والسلام “من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة” وفي المسجد النبوي المبارك من حلق العلم ومجالس الذكر ما يروي نهمته ويقضي به وطره، والله الموفق والمستعان.

  • الهجرة إلى استراليا

    عمي أرسل أسرته من السودان إلى أستراليا من غير محرم، وهو يعمل في السعودية في شركة أرامكو، ولديه منزلان في السودان، وليس عنده أي مشكلة مادية، وعندما نصحته قال لي: عندما يحملون الجنسية الاسترالية سوف يعيدهم إلى السودان لكي يضمن لهم مستقبلهم بحملهم الجنسية الاسترالية، وها هم قد حملوا الجنسية ولم يعودوا بعدُ إلى السودان، مع العلم بأن له خمسة أبناء أعمارهم ما بين ست عشرة سنة إلى سنتين، وأكبرهم بنت عمرها حوالي ست عشرة سنة، والذي يرعاهم في أستراليا خالهم ووالدتهم، مع العلم أن خالهم اشترى بيتاً في أستراليا عن طريق البنوك الربوية؛ استناداً على فتوى الشيخ القرضاوي بجواز شراء البيوت عن طريق هذه البنوك إذا كنت تعيش في دول الغرب “دار الكفر” نرجو يا شيخ أن تقدموا النصيحة إلى عمي، وهل يجوز السفر من غير محرم خاصة إلى دار كفر؟ وهل يجوز الإقامة بها؟ وهل يجوز حمل الجنسية الاسترالية؟ وما حكم شراء المنازل عن طريق البنوك الربوية في دول الغرب؟ وما حكم إسناد تربية الأولاد إلى خالهم الذي اشترى منزلاً عن طريق البنوك الربوية؟ وكيف يكون أثر ذلك على الأبناء في تحليل ما حرم الله مثل الربا؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالذي أنصح به عمك أن يتقي الله فيما استرعاه، وأن يعلم أنه موقوف غداً بين يدي الله تعالى، ومسئول عن تصرفاته تلك في سفر بناته من غير محرم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع محرم} وأعظم من ذلك إقراره أهله على الإقامة في دار الكفر، بل وتشجيعه إياهم من غير ضرورة ملجئة؛ ظاناً أن حمل جنسية تلك البلاد تضمن لهم مستقبلهم، وكأنه لا يعلم أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها، وأن ما عند الله لا يطلب بمعصيته، ثم إن استراليا بالإضافة إلى كونها دار كفر فهي دار حرب؛ حيث شاركت في غزو بلاد المسلمين، وهي من أعمدة العدوان الصليبي المعاصر على العراق وأفغانستان.

    أذكِّر عمك بقول الله تعالى )قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون( وأقول له: لعل أولادك يقعون فيما حرَّم الله تعالى، حيث المعاصي سهلة دانية في تلك البلاد، فلا معروف يعرف ولا منكر ينكر، ثم إنك قد تعرض ـ بفعلتك تلك ـ دينهم للضياع، بل ربما يرتد بعضهم والعياذ بالله وتكون أنت ممن قال الله فيهم )ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون( وأسأل الله الهداية للجميع.

  • أرباح الودائع

    أنا مقيم في السعودية، وأرسلت مبلغ مالي لأختي، ولديها حساب جاري في بنك الخرطوم، وقامت بايداع المبلغ في حسابها والغرض ليس الادخار وانما أريد أن أكمل على المبلغ لشراء أرض، وقبل يومين أبلغتني أن البنك أرسل لها رسالة توضح أنه تم إيداع مبلغ في حسابها 1700 جنيه كأرباح عن المبلغ الموجود في حسابها دون علمنا ودون الاتفاق معنا؛ ما حكم هذه الزيادة وفي حال أنني أرغب في التبرع والتصدق بها هل يجوز ذلك؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج عليك في الانتفاع بتلك المبالغ الزائدة على ما أودعته في البنك؛ لأن البنوك التي في السودان لا تتعامل بالربا؛ إذ الربا ممنوع بالقانون، وأمارة ذلك أنها لا تشترط لك زيادة بنسبة معلومة من رأس المال كما تصنع البنوك الربوية في بلاد شتى، بل هذه الزيادة أرباح ناتجة عن تشغيل البنك لتلك الأموال، وهذه الأرباح تزيد حيناً وتنقص حينا، وعليه فهي مباحة لا حرج في التصرف فيها بكل أنواع التصرفات المشروعة.

    أما الزيادة التي تكون بنسبة مشروطة من رأس المال؛ كأن تودع مالك في بنك فيقول لك: عندك زيادة سنوية بنسبة 10% أو أكثر أو أقل فهذه هي الفائدة الربوية التي أطبقت كلمة المجامع الفقهية على تحريمها، ولو حصلت فإن الواجب على من وجدها في حسابه أن يتخلص منها بإنفاقها في باب من أبواب الخير؛ وذلك فرارا من حرب الله ورسوله التي توعد بها آكل الربا، والله الموفق والمستعان.

  • مارست الزنا وأنا متزوج

    مارست البغاء مع مسلمة متزوجة؛ رغم أني متزوج من امرأة كريمة ما رأيت منها إلا الخير، وشعرت بالندم والألم وقلت في نفسي: علي الطلاق لن أمارس هذه العملية مرة أخرى. وذلك دون أن تكون نيتي إيقاع الطلاق؛ لكنني وقعت مع تلك المرأة في الفاحشة أربع أو خمس مرات بعد ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله، عليه آمل الإجابة عن هذه الأسئلة:

    1ـ هل يعتبر اليمين أمراً ملزماً ووقع الطلاق في هذه الحالة ووجب تنفيذه؟

    2 ـ إن كانت الإجابة بنعم؛ فكيف يتسنى لي رد زوجتي، وما هي الطريقة الشرعية؟

    3ـ للأسف الشديد سوف أنسج قصة خيالية لدواعي الطلاق إن وقع، ومن المحال مصارحة زوجتي بتلك الواقعة؛ لأني أعرف الالتزام الشرعي والأخلاقي الذي تتحلى به زوجتي، فما الحكم؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    أولاً: قد أتيت كبيرة من كبائر الذنوب، بل هي أكبر الكبائر بعد الشرك بالله وقتل النفس، قال تعالى والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ! يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً ! إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً( ومن زنى بعدما أحصن فهو عند الله أشد إثماً ممن زنى قبل إحصانه، ومن زنى بامرأة متزوجة فهو أعظم ذنباً ممن زنى بامرأة لا زوج لها؛ لأن الذنب يتضاعف وزره بمقدار ما ترتب عليه من مفاسد، وأنت قد أفسدت على أخيك المسلم زوجه ولطخت فراشه وانتهكت عرضه ولا حول ولا قوة إلا بالله، فبادر ـ أخي ـ بالتوبة النصوح وباعد بينك وبين تلك المرأة التي لا تتقي الله بل تتجاسر على أن تقول على الله ما لا تعلم.

    ثانياً: إن كان طلاقك هذا حديث نفس لم يتلفظ به لسانك فلا شيء عليك ولا يقع طلاقاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم {إن الله تعالى عفا لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم أو تفعل} وإن كان التلفظ باللسان قد وقع وأنت لا تنوي طلاقاً، فيلزمك كفارة يمين بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم؛ فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام متتابعات.

    ثالثاً: لا تحدث بجرمك أحداً لا زوجتك ولا غيرها واستتر بستر الله؛ فإن الله تعالى حيي ستير، واحمده سبحانه على العافية والستر ولا تعد إلى مثل هذا العمل القبيح، ولا يتأتى لك ذلك إلا إذا ابتعدت عن جو المعصية وذلك بمباعدة تلك المرأة والحيلولة دون وصولها إليك أو وصولك إليها، والله الموفق والمستعان.

  • الزنا بمحارم الزاني

    مما يقال أن الزانى يكون الوفاء من أهل بيته؟ هل هذا الدَّين ثابت شرعاً لابد من وقوعه؟ وكيف التوفيق بين هذا القول وبين الاَية {ولا تزر وازرة وزر أخرى} ومن يزنى بها بغرض إيفاء دين الزنا ما ذنبها؟ لتدفع ثمن ذنب غيرها؟ ومن زنى ببصره وبسمعه وبيده وكذلك قبَّل ولكنه لم يضاجع امرأة قط؟ هل الوفاء بقدر ما فعل أم قد يكون أكبر؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فهذا الكلام لا أصل له في الشرع – كتاباً أو سنة – لأن الأدلة القاطعة دالة على أن كل إنسان يحاسب على ذنبه ولا يؤاخذ أحد بجريرة غيره؛ كما قال سبحانه {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} وقال سبحانه {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} وقال سبحانه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} وقال سبحانه {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وقال سبحانه {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى}

    وفي السنة الصحيحة من حديث سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : أَلاَ لاَ يَجْنِي جَانٍ إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ , لاَ يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ ، وَلاَ مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ. رواه أحمد وابن ماجه، وعن أبي رمثة قال “خرجت مع أبي حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأيت برأسه ردع حناء وقال لأبي هذا ابنك قال نعم قال «أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه وقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا تزر وازرة وزر أخرى» رواه أحمد وأبو داود

    وأما الحديث الذي رواه ابن النجار عن أنس رضي الله عنه ولفظه: «من زنى زني به ولو بحيطان داره» فهو حديث موضوع، وقد ذكره الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الضعيفة برقم: 724

    وما نسب إلى الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: من يزن يزن به ولو بجداره إن كنت يا هذا لبيباً فافهم، فإنه كذلك لا يصح عنه، والعلم عند الله تعالى

  • تسجيل البيت بإسم الزوجة للحصول على إيجار

    أنا موظف عام خصص لي إيجار سكن سنوي بملغ محدد، وشاءت الأقدار أن صاحب المنزل المستأجر طالب بإخلاء المنزل، والآن ـ والحمد لله ـ اكتمل بناء منزلي الخاص؛ حفاظاً على هذا المكتسب من الوظيفة هل يجوز لي أن استأجر منزلي بعد أن أقوم بتحويل ملكيته إلى زوجتي؛ علماً بأن منزلي في نفس منطقة الإيجار وأن إيجاره أعلى من الذي يدفع لمستأجر آخر؟ وأفيدوني عن شرعية هذا الإيجار بعد أن استفتيت قلبي ولم أر ضرراً يقع على آخر بل أحافظ على منزلي!!!

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    أولاً: اعلم ـ بارك الله فيك ـ أن استفتاء القلب المذكور في حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال {جئت تسأل عن البر؟} قلت: نعم, قال {استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك} رواه أحمد والدرامي وحسَّنه النووي ليس معناه اتباع الهوى، وأن يتشهى الإنسان من الأحكام ما يريد؛ وإنما معناه ـ كما قرر أهل العلم ـ هو أن من تعارضت عنده أقوال العلماء فإنه يجب عليه أن يقلِّد من كان ثبتاً في دينه أقوى في علمه؛ فإن لم يترجح عنده شيء رجع إلى قلبه؛ فما وجد في صدره منه حرجاً تركه وابتعد عنه. يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: إذا كان التردد من جهة اختلاف المفتين، اختلاف المجتهدين في مسألة، فاختلف المجتهدون في تنزيل واقعة هذا المستفتي على النصوص؛ فمنهم من أفتاه بكذا، ومنهم من أفتاه بكذا. فهذا ليس الإثم في حقه أنْ يبقى مع تردُّدِ نفسه، ليس الإثم في حقه أن يزيل تردد نفسه، وليس البر في حقه أن يعمل بما اطمأنت إليه نفسه خارجا عن القولين، بل البر في حقه ما اطمأنت إليه نفسه من أحد القولين؛ لأنه لا يجوز للعامي أنْ يأخذ بقول نفسه مع وجود عالم يستفتيه، بل إذا استفتى عالما، وأوضح له أمرَه وأفتاه فإن عليه أن يفعل ما أفتاه العالم به، فإذا اختلف المفتون فإنه يأخذ بفتوى الأعلم الأفقه بحاله

    ثانياً: المعاملة التي تسأل عنها تحكمها اللوائح والأنظمة التي تضبط العلاقة بينك وبين الجهة المخدِّمة لك؛ والذي أعلمه أن عقود العمل تتيح للمستخدم سكناً يستأجره أو بدل سكن يُبذل له إن كان يملك سكناً، وفي مثل حالتك أنت تريد تسجيل البيت باسم زوجتك من أجل أن تتقاضى إيجاراً هو في الواقع أعلى بكثير من بدل السكن الذي تتيحه لك وظيفتك فيما لو قبضته مضافاً إلى راتبك، وفي هذا تحايل على الأنظمة؛ وما ينبغي لك ذلك، وأنت مأجور على تحريك في أمر دينك وحرصك على الحلال، والله الموفق والمستعان.

  • زكاة الأسهم

    السؤال: لدي أسهم هل أخرج الزكاة من القيمة الكاملة لها بناء على سعرها اليوم أم أخرجها من أرباحها فقط؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن زكاة الأسهم تكون بحسب نوع النشاط الذي تمارسه الشركة التي أنت مساهم فيها؛ فإن كانت من الشركات التجارية كشركات الاستيراد والتصدير فالزكاة واجبة في قيمة السهم وربحه معاً عند حلول الحول مع بلوغ النصاب؛ لأنها تعامل معاملة عروض التجارة وتزكى كزكاتها، وأما إن كانت من الشركات ذات الأصول الثابتة كشركات النقل والشركات الصناعية فالزكاة واجبة في الربح فقط إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بضمه إلى غيره عند حلول الحول، والله تعالى أعلم.

  • تحويل الأموال من الخارج

    شخص خارج السودان يحول أموال المغتربين إلى أهلهم في السودان بفائدة ويحاول تحقيق شرط التقابض لكن أحياناً تحول الظروف دون ذلك. فما حكم المال الذي يربحه. وجزاكم الله خيرا.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فيا أخي شرط التعامل في الصرف هو التقابض بمعنى أن تدفع العملة التي عندك وتقبض ما يقابلها من العملة الأخرى في ذات اللحظة دون تأخير، سواء كان القبض نقداً أو شيكاً معتمداً بتاريخ اليوم نفسه؛ بحيث يمكنك صرفه في ذات الوقت لو أردت، ودليل اشتراط التقابض قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولا تبيعوا غائباً منها بناجز) وحديث ابن عمر رضي الله عنهما (وَنَهَى عَنِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ) رواه البخاري، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ) وفي موطأ مالك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: (لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا شَيْئًا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ وَإِنْ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا) ومن حديث القاسم بن محمد أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: (الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَالصَّاعُ بِالصَّاعِ وَلَا يُبَاعُ كَالِئٌ بِنَاجِزٍ) قال الباجي رحمه الله تعالى في المنتقى: قَوْلُهُ: (وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالذَّهَبِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ نَاجِزٌ) مَنَعَ مِنْ تَأَخُّرِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الصَّرْفِ عَنْ حَالِ النَّقْدِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْأَجَلَ فِي الصَّرْفِ وَالْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ النَّاجِزَ هُوَ مَا نَجَزَ الْقَبْضُ فِيهِ حَالَ الْعَقْدِ وَالْغَائِبُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا غَابَ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ حَالَ الْعَقْدِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي كُمِّ الصَّيْرَفِيِّ أَوْفَى تَابُوتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا غَابَ عَنْ الْحُضُورِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِيهِ لِمُقَابَلَتِهِ بِالنَّاجِزِ.ا.هـــــ

    والشاهد من هذه الأحاديث قوله (ولا تبيعوا غائباً بناجز) وذلك في الذهب والفضة، ويقاس عليهما كل ما اتخذه الناس ثمناً للأشياء وقيماً للمتلفات، فلا يجوز بيع عملة حاضرة بأخرى غائبة، بل لا بد من وجود العوضين في مجلس العقد، فإذا كان هذا الشخص ملتزماً بذلك الشرط محاولاً تحقيقه قدر إمكانه فلا حرج عليه في ذلك التعامل والفائدة التي يتقاضاها حلال إن شاء الله، وما يحصل إحياناً مما هو خارج عن وسعه لا يؤاخذه الله به، والله تعالى أعلم.

  • قضاء الصلوات

    بحمد الله أصبحت أصلي الخمس في وقتها، وعزمت على قضاء ما تركته كسلاً من الصلاة لسنوات طويلة، هل علي أن أصلي السنن الراتبة الحاضرة؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فعليك – أحسن الله إليك – أن تجتهد في قضاء ما فاتك من صلوات تلك السنوات، واحرص على أن تستغرق أكثر الوقت في قضائها، ولا تشتغل عنها بالسنن ولا النوافل؛ فما تقرب العبد إلى ربه بشيء أحب إليه مما افترض عليه، والله تعالى أعلم.

  • نسيت المضمضة في الغسل

    اغتسلت من الجنابة ونسيت المضمضة والاستنشاق وجففت أعضائي، ثم توضأت مباشرة مع المضمضة والاستنشاق ثم صليت، فهل صلاتي صحيحة؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فليست المضمضة والاسنتشاق من فرائض الغسل عند جمهور العلماء، بل المطلوب تعميم البدن بالماء مع نية رفع الحدث أو استباحة الممنوع، وعليه فغسلك صحيح وصلاتك صحيحة إن شاء الله، والله الموفق والمستعان.

زر الذهاب إلى الأعلى