الفتاوى

  • الكذب في الرؤيا

    لديَّ قريب لي مدمن على معصية، وقد أكثرت من النصح له كثيراً لكن دون جدوى؛ فهو مقتنع بأن ما يفعله لا ضرر منه.. سؤالي هل يجوز لي أن أكذب عليه وأخبره بأني رأيته في المنام على حال سيء بسبب هذه المعصية؟ مع العلم بأنه يصدِّقني دائماً فأنا لا أكذب ولله الحمد؟ مع أني أعلم أن الكذب في الرؤى لا يجوز!! وكما في الحديث أن الكاذب في الرؤى يؤمر يوم القيامة بالربط بين شعيرتين وما هو بفاعل.. فهل يجوز الكذب في الرؤى بقصد الإصلاح؟ وجزاكم الله الجنة مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    وجزاك الله الجنة مع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وثبتك على الصراط المستقيم، ورزقني وإياك حسن الختام وطيب المقام في جنات النعيم، وقد علمت أيها المبارك أنه لا يجوز الكذب في الرؤيا؛ للحديث الذي ذكرته في سؤالك، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم {أفرى الفرى أن يري العبد عينيه ما لم تريا} وعليه فإن المطلوب منك أن تباشر نصح هذا الإنسان وتكثر من الدعاء له مع يقينك التام بأن الهداية من الله تعالى، وأنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين، واعلم بأن الغاية الشريفة لا بد أن تكون الوسيلة إليها شريفة كذلك، وما رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكذب إلا في الحرب وإصلاح ذات البين وكلام الرجل لامرأته والمرأة لزوجها، والله المستعان.

  • الصلاة دون قراءة الصلاة الإبراهيمية

    لم أكن في التشهد الأخير في الصلاة أقرأ الصلاة الإبراهيمية، فقط أكتفي بقراءة التشهد، ظناً مني أنه ليس ركناً، ما حكم صلواتي التي مضت بدون الصلاة الإبراهيمية؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالمطلوب من المسلم أن يأتي بصلاته على صفة الكمال ليقع أجره كاملاً، وليحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم «صلوا كما رأيتموني أصلي» وفي خصوص الصلاة الإبراهيمية فإن الذي عليه أبو حنيفة ومالك وأكثر العلماء على أنها مستحبة لا واجبة، وعليه فلا يلزمك إعادة ما مضى من الصلوات، لكن عليك أن تأتي بها فيما تستقبل من صلاة تحصيلاً للأجر وطلباً للفضل، والله الموفق والمستعان.

  • هدي النبي في الإعتكاف

    أريد أن أعرف ما هو هديه e في الاعتكاف؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فقد بيَّن ذلك الإمام أبو عبد الله بن القيم رحمه الله في زاد المعاد فقال: كان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر  الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل وتركه مرة فقضاه في شوال؛ واعتكف مرة في العشر الأول ثم الأوسط ثم العشر الأخير يلتمس ليلة القدر؛ ثم تبيَّن له أنها في العشر الأخير؛ فداوم على اعتكافه حتى لحق بربه عز وجل، وكان يأمر بخباء فيضرب له في المسجد يخلو فيه بربه عز وجل، وكان إذا أراد الاعتكاف صلى الفجر ثم دخله؛ فأمر به مرة فضُرب فأمر أزواجه بأخبيتهن فضُربت؛ فلما صلَّى الفجر نظر فرأى تلك الأخبية فأمر بخبائه فقُوِّض، وترك الاعتكاف في شهر رمضان حتى اعتكف في العشر الأول من شوال؛ وكان يعتكف كل سنة عشرة أيام؛ فلما كان في العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً، وكان يعارضه جبريل بالقرآن كل سنة مرة؛ فلما كان ذلك العام فعرض عليه تلك السنة مرتين، وكان إذا اعتكف دخل قبته وحده، وكان لا يدخل بيته في حال اعتكافه إلا لحاجة الإنسان، وكان يخرج رأسه من المسجد إلى بيت عائشة فترجله وتغسله وهو في المسجد وهي حائض، وكانت بعض أزواجه تزوره وهو معتكف؛ فإذا قامت تذهب قام معها يقلبها، وكان ذلك ليلة، ولم يباشر امرأة من نسائه وهو معتكف لا بقبلة ولا غيرها، وكان إذا اعتكف طرح له فراشه ووضع له سريره في معتكفه، وكان إذا خرج لحاجته مر بالمريض وهو على طريقه فلا يعرج عليه ولا يسأل عنه.ا.هـ

    هذا وليحذر المعتكف من أن يجعل من المسجد مجلبة للزائرين ومكاناً لتجاذب أطراف الحديث والكلام في أمور الدنيا؛ لأنه يفوت بذلك غرض الاعتكاف من اعتزال الناس والإقبال على الله تعالى.

  • أقل عدد لأيام الإعتكاف

    1. ما حكم قراءة القران بسرعة من أجل حصد مزيد من الأجر؟
    2. ما هو العدد الأقل لأيام الاعتكاف في رمضان؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا مانع من قراءة القرآن حدراً، لكن الممنوع هو أكل الحروف والإسراع المخل الذي لا يتبين معه معاني الكلمات، والأجر ليس موقوفاً على كثرة القراءة بل على حضور القلب والتدبر في المقروء، والمطلوب من القارئ أن يرتل القرآن؛ لقوله تعالى ((ورتل القرآن ترتيلا)) ويسن له ترديد الآية مرارا ليفقه معناها؛ وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم ليلة يردد قوله تعالى ((إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)) ويبكي، ومكثت عائشة رضي الله عنها ليلة تردد ((إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين * فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم)) وينبغي للقارئ أن يحسن صوته بالقراءة ويتغنى ويتباكى، ولا يكن همه آخر السورة.

    وليس للاعتكاف حد أدنى – عند جمهور العلماء – بل يصح ولو للحظة، والله تعالى أعلم.

  • كفارة القتل الخطأ

    قبل سنة قتلت امرأة في حادث حركة وأهل القتيلة عفوا عني وأنا لم أصم الشهرين والآن نويت الصيام وسألت بعض الناس عن الموضوع فقالوا لي تطعم فقط فماذا أفعل هل أصوم الشهرين أم أطعم؟ وجزاك الله خيرا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فمن قتل مؤمناً خطأ وجب عليه صيام شهرين متتابعين توبة من الله، ولا يجزئه الإطعام ما دام قادراً على الصيام؛ قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} ومن قال لك بأنه ليس عليك سوى الإطعام فقد قال على الله ما لا يعلم وتكلف ما لا يحسن، نسأل الله أن يتوب على الجميع.

  • رأيت امرأة جاري عارية

    لقد نظرت من فوق حائط الجار، ورأيت امرأة تخلع ملابسها تماماً!! ولم أستطع غض نظري، مع العلم بحق الجار عليَّ؛ ما هي كفارتها؟ وأنا نادم على الفعل، ولقد رحلت من ذلك الحي.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالواجب على الجار أن يحفظ حق جاره ويصون حرماته، وقد كان ذلك مما يتفاخر به أهل الجاهلية؛ حتى قال قائلهم: وأغض طرفي ما بدت لي جارتي  + حتى يواري جارتها مأواها. وما حدث منك يعتبر بائقة عظيمة وتعدياً على ذلك الجار، وقد قال صلى الله عليه وسلم {لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه} والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى مما كان، ولو استطعت أن تطلب العفو منهم جملة دون أن تفضح نفسك فهو أولى، والله تعالى أعلم.

  • استعمال السواك في المسجد

    هل يجوز استعمال السواك داخل المسجد وفي صف الصلاة؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء} أخرجه مالك وأحمد والنسائي وصححه ابن خزيمة، وذكره البخاري تعليقا. وقد ورد في الأحاديث ما يدل على أن السواك من سنن المرسلين وأنه من خصال الفطرة وأنه مرضاة للرب مطهرة للفم وأن فضل الصلاة التي يستاك لها سبعون ضعفاً، إلى غير ذلك من الفضائل، وهو سنة. قال النووي: بإجماع من يعتد به في الإجماع. مستحب في كل وقت لكن يتأكد استحبابه في خمسة أوقات: عند الوضوء، وعند الصلاة، وعند تغير الفم، وعند قراءة القرآن، وعند الاستيقاظ من النوم. قال ابن دقيق العيد: السر فيه ـ أي في السواك عند الصلاة ـ أنَّا مأمورون في كل حال من أحوال التقرب إلى الله أن نكون في حالة كمال ونظافة؛ إظهارا لشرف العبادة، وقد قيل: إن ذلك الأمر يتعلق بالملك، وهو أن يضع فاه على فم القارئ ويتأذى بالرائحة الكريهة. فسُنَّ السواك لأجل ذلك.أ.هـ

    قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام: هل يسن ذلك للمصلي وإن كان متوضئاً كما يدل له حديث: {عند كل صلاة}؟ قيل: نعم يسن ذلك، وقيل لا يسن إلا عند الوضوء؛ لحديث {مع كل وضوء} وأنه يقيد إطلاق {عند كل صلاة} بأن المراد عند وضوء كل صلاة. ولو قيل: إنه يلاحظ المعنى الذي لأجله شرع السواك، فإن كان قد مضى وقت طويل يتغير فيه الفم بأحد المتغيرات التي ذكرت وهي: أكل ما له رائحة كريهة، وطول السكوت، وكثرة الكلام، وترك الأكل والشرب، شرع وإن لم يتوضأ وإلا فلا لكان وجه.

    وعليه: فلا حرج في استعمال السواك داخل المسجد وفي صف الصلاة مع الاحتراز من أن يخرج شيء من الدم من فمه؛ وذلك خروجاً من خلاف العلماء، والله تعالى أعلم.

  • عاجز عن أداء زكاة الفطر

    ما حكم العاجز عن زكاة الفطر؟ ولم يؤدها عامدًا؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالمقرر في شريعتنا أن التكليف قرين القدرة، ومن عجز عن الشيء فإنه لا يحاسب عليه ولا يطالب به، قال تعالى ((لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)) وقال ((لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها)) فمن عجز عن إخراج الزكاة لكونه غير مالك لقوت يوم العيد وليلته، أو أنه يملك القوت ولا يوجد ما يفضل عنه مما يخرج منه الزكاة فلا تثريب عليه، والله تعالى أعلم.

  • دخول الكافر للمسجد الحرام

    أرجو من المشرف سؤال الشيخ عبد الحي عن دليل تخصيص المسجد الحرام ـ مكة أو المدينة ـ من دخول الكافر دون بقية المساجد؟ ولكم جزيل الشكر والعرفان

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن الله تعالى يقول في كتابه الكريم )يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا( وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه بهذه الآية عام تسع من الهجرة؛ فأمر الصديق أبو بكر رضي الله عنه منادياً ينادي في الناس {ألا يحجن بعد هذا العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان} وحرم رسول الله حكمه كحرم مكة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم {إن الله تعالى حرم مكة وإني حرمت المدينة} إلا ما استثناه الشرع من جواز دخوله بغير إحرام، وللفائدة فإن لفظة المسجد الحرام تطلق في لسان الشرع مراداً بها أحد ثلاثة معان:

    أولها: خصوص الكعبة المشرفة؛ كما في قوله تعالى )فول وجهك شطر المسجد الحرام(

    ثانيها: المسجد المحيط بالكعبة المشرفة؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم {صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد}

    ثالثها: الحرم كله؛ كما في الآية الكريمة )سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى( وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أسري به من بيت أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها

    وأما غير المسجد الحرام فلا حرج في دخول الكافر إن دعت لذلك حاجة كمناظرته على الإسلام، أو دعوته إليه، أو الاستعانة به في عمل لا يقدر عليه المسلم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في ربط ثمامة بن أثال في سارية المسجد لما أسره الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك ناظر وفد نصارى نجران في مسجده الشريف، والعلم عند الله تعالى.

  • تقبيل يد الصالحين

    لديَّ جار كان يناقشني بأنه يجوز تقبيل أيدي الصالحين والشيوخ، وبأنه يوجد حديث صحيح يجيز تقبيل أيدي الصالحين، فهل هذا الكلام صحيح؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالمستحب إذا لقي المسلم المسلم أن يصافحه ويتبسم في وجهه، وهذا هو الهدي المضطرد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حرج على المسلم من تقبيل أيدي الصالحين وأهل العلم والتقى إذا كانت على وجه التقرب إلى الله تعالى؛ لما ثبت في الصحيح من حديث وفد عبد القيس قالوا: لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله. وفي سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه ومستدرك الحاكم وصححه من حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه أن يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات… الحديث وفي آخره: فقبلا يده ورجله. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقد روي ذلك من فعل عدد من الصحابة الكرام حيث قبَّل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم، وقبَّل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وقبَّل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه، وقبَّل علي بن أبي طالب يد العباس ورجله، قال النووي رحمه الله تعالى: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب، فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة، وقال أبو سعيد المتولي: لا يجوز. والله تعالى أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى