الفتاوى

  • زوال العقل المسقط للتكليف

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل وضعت الشريعة معياراً معيناً لزوال العقل الذي تسقط معه التكاليف الشرعية.. أفيدونا مشكورين مأجورين

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فالعقل هو مناط التكليف، ومن سلب نعمة العقل سقط عنه التكليف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق) والجنون: هو اخْتِلاَلٌ لِلْعَقْل يَمْنَعُ مِنْ جَرَيَانِ الأْفْعَال وَالأْقْوَال عَلَى نَهْجِ الْعَقْل. وَقِيل: الْجُنُونُ اخْتِلاَل الْقُوَّةِ الْمُمَيِّزَةِ بَيْنَ الأْشْيَاءِ الْحَسَنَةِ وَالْقَبِيحَةِ الْمُدْرِكَةِ لِلْعَوَاقِبِ بِأَنْ لاَ تَظْهَرَ آثَارُهَا، وَأَنْ تَتَعَطَّل أَفْعَالُهَ

    وَالْجُنُونُ يُؤَثِّرُ فِي أَهْلِيَّةِ الأْدَاءِ، فَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْعِبَادَاتِ كَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ.

    وَأَمَّا الْمُعَامَلاَتُ، فَحُكْمُ المجنون فِيهَا حُكْمُ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، فَلاَ يُعْتَدُّ بِأَقْوَالِهِ لاِنْتِفَاءِ تَعَقُّلِهِ لِلْمَعَانِي. وَأَمَّا أَهْلِيَّةُ الْوُجُوبِ، فَلاَ يُؤَثِّرُ فِيهَا الْجُنُونُ، فَإِنَّ الْمَجْنُونَ يَرِثُ وَيَمْلِكُ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ، وَالْمُتْلَفَاتُ بِسَبَبِ أَفْعَالِهِ مَضْمُونَةٌ فِي مَالِهِ كَالصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَصِل إِلَى سِنِّ التَّمْيِيزِ.

    وَيَنْقَسِمُ الْجُنُونُ أَيْضًا إِلَى مُطْبِقٍ وَغَيْرِ مُطْبِقٍ:

    وَالْمُرَادُ بِالْمُطْبِقِ الْمُلاَزِمُ الْمُمْتَدُّ. وَالاِمْتِدَادُ لَيْسَ لَهُ ضَابِطٌ عَامٌّ بَل يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْعِبَادَاتِ.

    ودون درجة الجنون العته، وهو فِي اللُّغَةِ: نُقْصَانُ الْعَقْل مِنْ غَيْرِ جُنُونٍ أَوْ دَهْشٍ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ: آفَةٌ تُوجِبُ خَلَلاً فِي الْعَقْل، فَيَصِيرُ صَاحِبُهَا مُخْتَلَطَ الْكَلاَمِ، فَيُشْبِهُ بَعْضُ كَلاَمِهِ كَلاَمَ الْعُقَلاَءِ، وَبَعْضُهُ كَلاَمَ الْمَجَانِينِ.

    وَالْمَعْتُوهُ فِي تَصَرُّفَاتِهِ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ، فَتَثْبُتُ لَهُ أَهْلِيَّةُ الأْدَاءِ الْقَاصِرَةِ، إِذْ لاَ فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّبِيِّ، والله تعالى أعلم

  • يخرج مني مذي عند الكلام بالهاتف

    أنا أعاني من نزول المذي بكثرة حين التحدث مع امرأة عبر الهاتف أو مباشرة؛ وذلك يوحي لي بأن هذه لا تنفع كزوجة لي؛ هل أقوم بغسل موضعه كل مرة علماً بأن ذلك يكون متكرراً جداً؛ علماً بأنني أعمل مع نساء في الشركة، وهل خروج المذي بالتفكير الكثير يوجب الغسل؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فيا أخي أوصيك بتقوى الله عز وجل، وأن تباعد بينك وبين أسباب الفتن؛ واعمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم “يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” وتذكَّر دائماً قول النبي صلى الله عليه وسلم “ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء” فلا تتكلم مع أجنبية إلا لضرورة أو لحاجة، وبقدر الحاجة دون استرسال، وإذا خرج منك مذي فلا يلزمك الغسل بل يلزمك أمران: أولهما غسل ذكرك كله، والثاني غسل ما أصاب من ثيابك، ويكفيك نضحه، وإذا كان وقت صلاة فلا بد من تجديد الوضوء؛ قال علي رضي الله عنه: كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني؛ فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال “اغسل مذاكيرك وتوضأ” والله الهادي إلى سواء السبيل.

  • تطويل الركوع لإنتظار المسبوق

    هل يصح للإمام انتظار المسبوقين بتطويل الركعة بمجرد سماع حركة مصلين قادمين أو من يدعو الإمام بالانتظار؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج على الإمام في تطويل الركعة انتظاراً للداخل، وذلك إذا توافرت شروط ذكرها الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع حيث قال بعد أن ذكر الخلاف في المسألة: والصحيح استحباب الانتظار مطلقاً بشروط: أن يكون المسبوق داخل المسجد حين الانتظار، وألا يفحش طول الانتظار، وأن يقصد به التقرب إلى الله تعالى لا التودد إلى الداخل وتمييزه، وهذا معنى قولهم: لا يميز بين داخل وداخل.ا.هــــــــ

    أما المالكية رحمهم الله فعندهم يكره للإمام أن ينتظر أحداً في الركوع؛ إلا إذا خشي الإمام ضرراً معتبراً يصل إليه من الشخص الداخل، أو كان الداخل جاهلاً سيعتد بالركعة التي لم يدرك ركوعها، قال الدردير في شرحه لمختصر خليل: يكره للإمام أن يطيل الركوع لأجل داخل معه في الصلاة لإدراك ركعة إن لم يخش ضرر الداخل إذا لم يطل أو فساد صلاته لاعتداده بالركعة التي لم يدرك ركوعها معه.ا.هـــــــــــــــــــــــ

  • زوجها يأمرها بالنمص

    ما حكم الشرع في نمص الزوجة للحواجب بأمر الزوج للتزين؟ وهل الزوج يكون آثما؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا يجوز للزوجة نمص حاجبيها تزيناً للزوج، ولو كان ذلك بأمره؛ إذ لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام لعن النامصة والمتنمصة، فالزوج الآمر بذلك آثم، وكذلك الزوجة إن هي امتثلت لأمره المخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الزوجين أن يتزين كل منهما لصاحبه بالحلال الطيب من السواك والكحل والعطر ولبس الحسن الجميل من الثياب، والله الهادي إلى الصواب.

  • حكم التدخل في شؤون الغير

    ألسؤال: متي يكون القصر ومتي يكون الجمع؟

    السؤال الثاني: هل يعتبر التدخل في شؤون الغير من الحسد؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالقصر لا يكون إلا في سفر مسافته أربعة برد أي ستة عشر فرسخاً، وهو ما يعادل 85 كيلو متر تقريبا، ولا بد أن يكون سفراً مباحاً، أما سفر المعصية فلا تقصر فيه الصلاة ولا يستفاد فيه من سائر الرخص.

    وأما الجمع فإنه أوسع من القصر فيجوز في السفر والمطر والمرض والوحل والخوف وكذلك عند حصول المشقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسـلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.

    وأما التدخل في شئون الغير فإنه لا ينتظمه حكم واحد بل يختلف باختلاف الأحوال؛ فمن التدخل ما يكون دعوة إلى الله ونصحاً في الدين وليس تدخلاً فيما لا يعني،  كنهيك الرجل عن منكر يفعله، ومنه ما يكون وجيهاً معتمداً على صلة القرابة فالأب والأم أو الإخوة لهم التدخل في أمور لا يصح أن يتدخل فيها غيرهم؛ فمثلاً الأب الصالح يحق له معرفة أين كان ولده، ومن يصادق، وله عليه  الولاية وحق التأديب

    ونبينا عليه الصلاة والسلام كانت كل استفصالاته في موقعها، تدل المسلم على خير أو تحذره من شر؛ كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو في صحيح البخاري لما سأله عليه الصلاة والسلام عمن تزوج بها أبكراً أم ثيباً؟ فقال بل ثيب فقال عليه الصلاة والسلام: “فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك” فالسؤال هنا ليس تطفلاً أو مجرد حب استطلاع، وإنما سؤال المعلم الذي يريد من وراء السؤال التوصل إلى نفع المسئول.

    ومن التدخل ما يكون حسناً في الأمور الدنيوية المباحة، كإبداء الخبرات  والإشارة بالرأي من غير إلزام من باب تقديم النصيحة. والعلم عند الله تعالى.

  • الذين لا يُسألون في قبورهم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، غفر الله لكم، من هم الذين لا يُسألون في القبر؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    والذين لا يسألون في قبورهم أربعة أصناف، وهم بعد الأنبياء:

    أولاً: الشهداء؛ فقد روى المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده في الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقربائه” رواه الترمذي وابن ماجة.

    ثانياً: من مات مرابطاً في سبيل الله، فقد روى فضالة بن عبيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطاً في سبيل الله؟ فإنه ينمي له عمله يوم القيامة

    ثالثاً: الذي يموت بداء البطن، وقد ثبت في حديث يرويه عبد الله بن يسار، قال: ” كنت جالساً وسليمان بن صرد وخالد بن عرفطة، فذكروا أن رجلاً توفي مات ببطنه، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهدا جنازته، فقال أحدهما للآخر: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره “؟ فقال الآخر: بلى، وفي رواية: صدقت، ويأمن فتنة القبر” رواه الترمذي وأبو داود.

    رابعاً: الذي يموت يوم الجمعة، ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “ما من مسلم يموت يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر” رواه أحمد والترمذي، والحديث صحيح بمجموع طرقه أو حسن

  • الحمد لله عدد خلقه

    يا شيخ ممكن أقول (الحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) ولا ما ورد الكلام ده في السنة؟

    بل يمكنك ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم جويرية رضي الله عنها أن تقول (سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه” ففي صحيح مسلم” من حديث جويرية أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: “ما زلتِ على الحال التي فارقتكِ” قالت: نعم. فقال عليه السلام: “لقد قلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وُزِنتْ بما قُلْتِ منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته” وهذا يصح في جميع الأذكار. قال ابن الملقن رحمه الله تعالى في (التوضيح شرح الجامع الصحيح) بعد أن ذكر حديث الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فإن زاد: عدد خلقه، وزنة عرشه ورضا نفسه ومداد كلماته كان عظيمًا كما شهد له به عليه السلام.ا.هــ وخرّج أبو داود، والترمذي، والنسائي من حديث سعد بن أبي وقّاص أنَّه دخل مع النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – على امرأةٍ وبَين يديها نوى، أو قال: حَصى تسبِّح به، فقال: ((ألا أُخبِرُك بما هو أيسرُ من هذا وأفضل؟ سبحانَ الله عددَ ما خلق في السماء، وسبحانَ الله عدد ما خلَق في الأرض، وسُبحان الله عدد ما بينَ ذلك، وسبحانَ الله عددَ ما هو خالق، والله أكبر مثلُ ذلك، والحمد لله مثلُ ذلك، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله مثل ذلك)) وخرّج النسائيّ، وابن حبان في “صحيحه” من حديث أبي أمامة، أن النبيّ – صلى الله عليه وسلم – مرّ به، وهو يحرك شفتيه، فقال: “ماذا تقول يا أبا أمامة؟ ” قال: أذكر ربي، قال: “ألا أخبرك بأكثر، أو أفضل من ذكرك الليل مع النهار، والنهار مع

    الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، سبحان الله ملء ما خلق، سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء، وسبحان الله ملء ما في الأرض والسماء، وسبحان الله عدد ما أحصَى كتابه، وسبحان الله ملء ما أحصى كتابه، وسبحان الله عدد كل شيء، وسبحان الله ملء كل شيء، وتقول: الحمد لله مثل ذلك”

  • الإجهاض بسبب الإغتصاب

    السلام عليكم ورحمة الله، ربنا ينزل علينا نعمة الأمان، بستفسر لو في واحده اتعرضت للاغتصاب م قبل الجنجويد وحاليا ظهر ليها حمل.. ممكن تعمل عملية اجهاض تنزل الجنين ..يجوز ولا لا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله تعالى أن يبدلنا بعد الخوف أمناً، وأن يرد هؤلاء البغاة الظالمين المعتدين على أعقابهم خاسرين، وأن ينزل بهم نقمته، أما بعد.

    فقد اتفق أهل العلم على تحريم الإجهاض إذا كان بعد نفخ الروح؛ ولا يستثنى من ذلك إلا حالة ثبوت خطر على حياة الأم من بقاء ذلك الجنين، وأما قبل نفخ الروح فقد اختلفوا؛ حيث ذهب الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة إلى جوازه إذا كان قبل نفخ الروح، قال الرملي في نهاية المحتاج: الراجح تحريمه بعد نفخ الروح مطلقاً وجوازه قبله. ا.هـ وفي حاشية قليوبي: نعم يجوز إلقاؤه ولو بدواء قبل نفخ الروح فيه خلافاً للغزالي.ا.هـ

    وأضيق من هذا القول ما ذهب إليه بعض الحنابلة وبعض المالكية إلى جوازه قبل أربعين يوماً، قال المرداوي في الإنصاف: ويجوز شرب دواء لإسقاط نطفة.ا.هـــ

    وأضيق المذاهب في ذلك مذهب المالكية وبعض الشافعية وبعض الحنابلة حيث ذهبوا إلى عدم الجواز مطلقاً، قال الدردير في شرحه على خليل: لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً.ا.هــــ

  • فناء النار

    هناك من العلماء من يقول بفناء النار وهناك من يقول بعكس ذلك ما هو القول الفصل في هذا الخلاف؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإنَّ اعتقادَ أهلِ السُّنة أنَّ النارَ غيرُ فانِية؛ لقولِ الله عز وجل {وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ}  وقولِه جل جلاله {خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُون} وقوله تعالى {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب} وقوله تعالى {لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها} وقوله تعالى {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا}

    وأما قولُه تعالى {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ} وقولُه عز وجل {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} فقد ذكرَ أهلُ التفسير “أنَّ الاستِثناءَ عائدٌ على العُصاةِ مِن أهلِ التوحيد، ممن يُخْرِجُهم الله من النار بشفاعةِ الشافعِين من الملائكة والنبيِّين والمؤمنين حين يشفعُون في أصحابِ الكبائر، ثم تأتي رحمةُ أرحَمِ الراحمين؛ فتُخرِجُ من النار من لم يعمَلْ خيراً قط، وقال يوماً من الدهر: لا إله إلا الله. كما وردت بذلك الأخبارُ الصحيحة المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمضمون ذلك من حديث أنس وجابر وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، ولا يبقى بعد ذلك في النار إلا من وَجَبَ عليه الخلودُ فيها ولا محيدَ له عنها. وهذا الذي عليه كثيرٌ من العلماء قديماً وحديثاً في تفسيرِ هذه الآية الكريمة”. [تفسير ابن كثير 4/351-352]. وأما الاستِثناء في قوله تعالى {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّك} فـ”معنى الاستثناء هاهنا: أنَّ دوامَهم فيما هم فيه من النعيم، ليس أمراً واجِبا بذاته، بل هو موكُولٌ إلى مشيئة الله تعالى؛ فله المنة عليهم؛ ولهذا يُلْهَمون التسبيحَ والتحمِيدَ كما يُلْهَمُون النَّفَس” [تفسير ابن كثير 4/352]. وإذا استحضرنا حديثَ الجهنميين التي يخرجون من النار وقد امتحِشُوا ويدخلون الجنة كما في الصحيحين ازددنا فهماً واقتناعاً بهذا التفسير؛ فالخلودُ في الجنة للسعداءِ برحمةِ اللهِ ولُطفِه، والخلودُ في النارِ للأشقياءِ بِعَدلِه وحِكْمَتِه، ولا يُخلَّد في النار عُصاةُ الموحِّدين وأهلُ الكبائرِ من هذه الأمة. وأما ما يُنسَبُ إلى ابنِ القيم رحمه الله من القول بفناء النار، فهو على خلاف ما قرَّره رحمه الله في (الوابل الصيِّب)؛ ولذلك جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: “رأي ابن القيم في فناء النار يمكنك أن ترجع إليه في كتابه [الوابل الصيب] فقد صرح فيه بأن النار لا تفنى، كما هو قول جمهور أهل السنة والجماعة”. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء2/2. س13 من الفتوى رقم (4264)].

    وننصح السائل الكريم بالعناية بمعرفة أحكام العبادات والمعاملات والعلم الواجب معرفته والأمورِ التي يترتبُ عليها عَملٌ ولا يسَع أحداً جهلها. وقد قيل:

      وإذا طَلبتَ العِلمَ فاعْلَمْ أنه    حِمْلٌ فأبْصِرْ أيَّ حِمْلٍ تَحْمِلُ!

        وإذا عَلِمْتَ بأنه مُتفاضِلٌ   فاشْغَلْ فُؤادَك بالذي هو أفضلُ!

    والله الموفق للعلم النافع والعمل الصالح.

  • زوجات النبي

    من هم زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بالترتيب؟ ومتى ولد بالعام الميلادي؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فقد اعتنى أهل العلم بالسير كالإمام أبي محمد بن حزم الظاهري رحمه الله في كتابه (جوامع السيرة) والحافظ أبي الفداء بن كثير في (البداية والنهاية) والإمام أبي عبد الله بن القيم في كتابه (زاد المعاد) بذكر زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم على الترتيب فذكروا ما خلاصته: أول أزواجه صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، تزوجها عليه الصلاة والسلام وهو ابن خمس وعشرين سنة، وماتت رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت؛ فلما ماتت خديجة تزوج عليه السلام سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر الصديق، واسمه عبد الله، بن أبي قحافة، واسمه عثمان، بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم، بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، ولم يتزوج بكراً غيرها، تزوجها بمكة وهي بنت ست سنين، وبنى بها بعد الهجرة بسبعة أشهر في شوال، وهي بنت تسع سنين، وبقيت معه تسع سنين وخمسة أشهر، وماتت سنة ثمان وخمسين.

    ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب بعد الهجرة بسنتين وأشهر، وتوفيت سنة خمس وأربعين، وصلى عليها مروان، وهو أمير المدينة، ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد الله بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة، وتوفيت زينب في حياته بعد ضمه لها بشهرين، وتزوج أم سلمة، واسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي، وهي آخر نسائه موتاً، ماتت سنة تسع وخمسين، وتزوج زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، وهي أول نسائه موتاً بعده، ماتت في أول خلافة عمر، وهي التي زوجها الله تعالى منه، ثم تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، وتوفيت سنة ست وخمسين في ربيع الأول، وصلى عليها مروان، ثم تزوج أم حبيبة، واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، فيما بعد الحديبية، سيقت إليه من بلاد الحبشة؛ وماتت في خلافة أخيها معاوية، سنة أربع وأربعين، وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حيي بن أخطب، من بني النضير، من ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم هرون بن عمران أخي موسى بن عمران عليهما السلام، وماتت سنة خمسين؛ ثم تزوج ميمونة بنت الحارث ـ وهي خالة خالد بن الوليد وعبد الله ابن عباس ـ وهي آخر من تزوج صلى الله عليه وسلم تزوجها بمكة في عمرة القضاء بعد إحلاله، ماتت أيام معاوية وذلك سنة إحدى وخمسين.

زر الذهاب إلى الأعلى