الفتاوى

  • حكم الإحتفال بأعياد الميلاد وعيد الأم

    ما حكم الاحتفال بأعياد الميلاد؟ والمولد النبوي؟ وعيد الأم؟ وغيرها من الأعياد؟ وهل يعتبر من التشبه باليهود والنصارى؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    الاحتفال بأعياد الميلاد إن كان المقصود ما يسمى بالكريسماس ففي الاحتفال به وبأمثاله من الأعياد الشركية خلل عقدي؛ لأننا منهيون معشر المسلمين عن شهود الزور ومشاركة الكفار في أعيادهم التي ترتبط بما هم عليه من دين باطل، وقد قرر علماؤنا رحمهم الله أن من هنأ كافراً بقوله: مبارك عليك عيدك، فكأنه قال: مبارك عليك كفرك، وقد عُلم أن المسلم لا يجوز له تهنئة مسلم على معصية من شرب خمر أو ممارسة فاحشة، فكيف به لو هنأ كافراً على كفره، لا شك أن الذنب أعظم.

    وإن كان المقصود بأعياد الميلاد ما جرت به عادة بعض الناس من الاحتفال كل عام باليوم الذي ولد فيه وما يصحب ذلك من جمع الأصحاب وصناعة مأكولات بعينها وترديد أغنية أو نشيد خاص فهي بدعة مقيتة حمل عليها حب التقليد ومحاكاة غير المسلمين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {من تشبه بقوم فهو منهم}، وأما عيد الأم فقد اخترعه الغربيون من أجل أن يستروا سوآتهم في عقوقهم لأمهاتهم وعدم قيامهم بحقوقهن، أما نحن المسلمين فلا حاجة بنا إلى مثل ذلك لأننا نتعبد الله سبحانه وتعالى ببر الأمهات والآباء والإحسان إليهم ديانة واستجابة لأمر ربنا حين قال  )وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تتنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا(

    وأما الاحتفال بالمولد النبوي فإن كان المقصود به ما جرت عليه عادة الناس في هذه البلاد وغيرها من الاجتماع على الرقص والطرب والسهر وكثرة الأكل وما يصحب ذلك من اختلاط الرجال بالنساء وارتكاب ما حرم الله تعالى فلا شك في أن النبي صلى الله عليه وسلم برئ من ذلك وممن فعله، وقد شابهوا في فعالهم تلك النصارى الضالين حين يرتكبون ما حرم الله عز وجل بزعم الاحتفال بميلاد المسيح عليه السلام، وإن كان المقصود بالاحتفال التذكير بمكارم أخلاقه وعظيم شمائله وحسن سيرته صلوات الله وسلامه عليه فلا يمنع من هذا مسلم سواء وافق ذلك ذكرى مولده أو كان في يوم آخر، لكننا لا نسميه عيداً إذ لا عيد في الإسلام سوى يومي الفطر والأضحى ويوم الجمعة، والله تعالى أعلم.

  • لعب الأطفال لليدو والشطرنج

    هل يجوز لعب الليدو والشطرنج للأطفال؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج في أن يلعب الأطفال بشيء من تلك المذكورات، والله تعالى أعلم.

  • أحكام العدو الصائل

    الكيفية التي نتعامل بها مع العدو الصائل؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    الصيال: هو الاِسْتِطَالَةُ وَالْوُثُوبُ عَلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وفي الكلام عن الكيفية التي يحصل بها التعامل مع الصائل يلزم توضيح أمور:

    أولها: أن الصيال حرام لأنه اعْتِدَاءٌ عَلَى الْغَيْرِ، والله تعالى يقول {وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وَيقوْل الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُل الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)

    ثانياً: ذهب جمهور العلماء إلى وجوب دفع الصائل على النفس وما دونها؛ وَاسْتَدَل أَصْحَابُ هَذَا الرَّأْيِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فَالاِسْتِسْلاَمُ لِلصَّائِل إِلْقَاءٌ بِالنَّفْسِ لِلتَّهْلُكَةِ، لِذَا كَانَ الدِّفَاعُ عَنْهَا وَاجِبًا. وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قُتِل دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ) وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ – يُرِيدُ قَتْلَهُ – فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ) وَلأِنهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَصُول عَلَيْهِ قَتْل نَفْسِهِ، يَحْرُمُ عَلَيْهِ إِبَاحَةُ قَتْلِهَا، وَلأِنَّهُ قَدَرَ عَلَى إِحْيَاءِ نَفْسِهِ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ فِعْل ذَلِكَ، كَالْمُضْطَرِّ لأِكْل الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا

    ثالثاً: إِنْ قَتَل الْمَصُول عَلَيْهِ الصَّائِل دِفَاعًا عَنْ نَفْسِهِ وَنَحْوِهَا فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ – عِنْدَ الْجُمْهُورِ – بِقِصَاصٍ وَلاَ دِيَةٍ وَلاَ كَفَّارَةٍ وَلاَ قِيمَةٍ، وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ، لأِنَّهُ مَأْمُورٌ بِذَلِكَ. أَمَّا إِذَا تَمَكَّنَ الصَّائِل مِنْ قَتْل الْمَصُول عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ.

    رابعاً: َيُدْفَعُ الصَّائِل بِالأْخَفِّ فَالأْخَفِّ، فَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِكَلاَمٍ أَوِ اسْتِغَاثَةٍ بِالنَّاسِ حَرُمَ الضَّرْبُ، أَوْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِضَرْبٍ بِيَدٍ حَرُمَ بِسَوْطٍ، أَوْ بِسَوْطٍ حَرُمَ بِعَصًا، أَوْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِقَطْعِ عُضْوٍ حَرُمَ دَفْعُهُ بِقَتْلٍ، لأِنَّ ذَلِكَ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ، وَلاَ ضَرُورَةَ فِي الأْثْقَل مَعَ إِمْكَانِ تَحْصِيل الْمَقْصُودِ بِالأْخَفِّ.

    وَعَلَيْهِ فَلَوِ انْدَفَعَ شَرُّهُ بِشَيْءٍ آخَرَ، كَأَنْ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ نَارٍ، أَوِ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ، أَوْ حَال بَيْنَهُمَا جِدَارٌ أَوْ خَنْدَقٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ضَرْبُهُ، وَإِنْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً عَطَّلَتْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ، لأِنَّهُ كُفَى شَرُّهُ وَلأِنَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا يَحْصُل بِهِ الدَّفْعُ لاَ حَاجَةَ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلُهُ.

    خامساً: َاسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ صُوَرًا مِنْهَا:

    أ – لَوْ كَانَ الصَّائِل يَنْدَفِعُ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا وَنَحْوِهِمَا، وَالْمَصُول عَلَيْهِ لاَ يَجِدُ إِلاَّ السَّيْفَ فَلَهُ الضَّرْبُ بِهِ، لأِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ إِلاَّ بِهِ، وَلَيْسَ بِمُقَصِّرٍ فِي تَرْكِ اسْتِصْحَابِ السَّوْطِ وَنَحْوِهِ.

    ب – لَوِ الْتَحَمَ الْقِتَال بَيْنَهُمَا، وَاشْتَدَّ الأْمْرُ عَنِ الضَّبْطِ فَلَهُ الدِّفَاعُ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا لَدَيْهِ، دُونَ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ.

    ج – إِذَا ظَنَّ الْمَصُول عَلَيْهِ أَنَّ الصَّائِل لاَ يَنْدَفِعُ إِلاَّ بِالْقَتْل فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ دُونَ مُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، وَكَذَا إِنْ خَافَ أَنْ يَبْدُرَهُ بِالْقَتْل إِنْ لَمْ يَسْبِقْ هُوَ بِهِ فَلَهُ ضَرْبُهُ بِمَا يَقْتُلُهُ، أَوْ يَقْطَعُ طَرَفَهُ. وَيُصَدَّقُ الْمَصُول عَلَيْهِ فِي عَدَمِ إِمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِدُونِ مَا دَفَعَ بِهِ، لِعُسْرِ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ.

    د – إِذَا كَانَ الصَّائِل مُهْدَرَ الدَّمِ – كَمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ – فَلاَ تَجِبُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي حَقِّهِ بَل لَهُ الْعُدُول إِلَى قَتْلِهِ، لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ

    وجمهور العلماء على أن الحكم لا يختلف فِي الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِ الْغَيْرِ وَمَا دُونَهَا مِنَ الأْطْرَافِ إِذَا صَال عَلَيْهَا صَائِلٌ – عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ إِذَا كَانَ الْمَصُول عَلَيْهِ مَعْصُومَ الدَّمِ، بِأَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ مَظْلُومًا.

    وَاسْتَدَلُّوا فِي وُجُوبِ الدِّفَاعِ عَنْ نَفْسِ الْغَيْرِ وَأَطْرَافِهِ بِنَفْسِ الأْدِلَّةِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا فِي الدفاع عن النفس، وذلك لأن دماء المسلمين متكافئة وذمتهم واحدة. والعلم عند الله تعالى.

  • التفسير الإشاري

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته! فضيلة الشيخ! ما حكم التفسير الإشاري، ذكر الشيخ محمد علي الصابوني رحمه الله تعالى في كتابه” التبيان في علوم القرآن” ثلاثة أقسام للتفسير: 1- التفسير بالماثور 2- التفسير بالرأي 3- التفسير الإشاري. هل هذا التقسيم صحيح؟ هل يوجد في الدين الإسلامي التفسير الإشاري والعلم اللدني؟ أفيدونا إفادة مدللة بارك الله فيكم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فإن التفسير الفيضي أو الإشاري هو تأويل آيات القرآن الكريم على خلاف ما يظهر منها بمقتضى إشارات خفية تظهر لأرباب السلوك، ويمكن التوفيق بينها وبين الظاهر المراد.

    وهذا التفسير لا يرتكز على مقدمات علمية، بل يرتكز على رياضة روحية يأخذ بها الصوفي نفسه حتى يصل إلى درجة تنكشف له فيها من سجف العبارات هذه الإشارات القدسية، وتنهل على قلبه من سُحُب الغيب ما تحمله الآيات من المعارف السبحانية.

    وهذا النوع ليس بجديد بل عرف قديماً، من لدن نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أشار إليه القرآن، وعرفه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وقالوا به.

    أما إشارة القرآن إليه، ففي قوله تعالى {فَمَالِ هؤلاء القوم لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً}، وقوله {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً}، وقوله {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ}

    فهذه الآيات كلها تشير إلى أن القرآن له ظهر وبطن. وذلك لأنّ الله سبحانه وتعالى حيث ينعى على الكفار أنهم لا يكادون يفقهون حديثاً، ويحضهم على التدبر في آيات القرآن الكريم لا يريد بذلك أنهم لا يفهمون نفس الكلام، أو حضهم على فهم ظاهره، لأن القوم عرب، والقرآن لم يخرج عن لغتهم فهم يفهمون ظاهره ولا شكّ. وإنما أراد بذلك أنهم لا يفهمون عن الله مراده من الخطاب، وحضَّهم على أن يتدبروا في آياته حتى يقفوا على مقصود الله ومراده، وذلك هو الباطن الذي جهلوه ولم يصلوا إليه بعقولهم.

    وأما الصحابة فقد نُقِل عنهم من الأخبار ما يدل على أنهم عرفوا التفسير الإشاري وقالوا به، أما الروايات الدالة على أنهم يعرفون ذلك فمنها:

    ما أخرجه ابن أبى حاتم من طريق الضحَّاك عن ابن عباس أنه قال: (إن القرآن ذو شجون وفنون، وظهور وبطون، لا تنقضي عجائبه، ولا تُبلغ غايته، فمَن أوغل فيه برفق نجا، ومَن أوغل فيه بعنف هوى، أخبار وأمثال، وحلال وحرام، وناسخ ومنسوخ، ومُحكم ومتشابه، وظهر وبطن، فظهره التلاوة، وبطنه التأويل، فجَالِسُوا به العلماء، وجَانِبُوا به السفهاء) وروى عن أبى الدرداء أنه قال: (لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يجعل للقرآن وجوهاً) وعن ابن مسعود أنه قال: (مَن أراد علم الأوَّلين والآخرين فليَثَوِّر القرآن) وهذا الذي قالوه لا يحصل بمجرد تفسير الظاهر.

    وأما الروايات الدالة على أنهم فسَّروا القرآن تفسيراً إشارياً، فما رواه البخاري عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه قال: (كان عمر يُدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وَجَدَ في نفسه فقال: لِمَ تُدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه مَن حيث علمتم، فدعاه ذات يوم فأدخله معهم، فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم. قال: ما تقولون في قوله تعالى: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح} فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذاك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له قال: {إِذَا جَآءَ نَصْرُ الله والفتح} وذلك علامة أجلك، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ واستغفره إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} فقال عمر: (ما أعلم منها إلا مَا تقول)

    فبعض الصحابة لم يفهم من السورة أكثر من معناها الظاهر، أما ابن عباس وعمر، فقد فهما معنى آخر وراء الظاهر، هو المعنى الباطن الذي تدل عليه السورة بطريق الإشارة.

    وأيضاً ما ورد من أنه لما نزل قوله تعالى في الآية من سورة المائدة: {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} فرح الصحابة وبكى عمر رضى الله تعالى عنه وقال: ما بعد الكمال إلا النقص، مستشعراً نعيه عليه الصلاة والسلام، فقد أخرج ابن أبى شيبة: أن عمر رضى الله تعالى عنه لما نزلت الآية بكى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك)؟ قال: أبكاني أنَّا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذا كمل فإنه لم يكمل شيء قط إلا نقص، فقال عليه الصلاة والسلام: (صدقت).

    فعمر رضى الله عنه أدرك المعنى الإشاري: وهو نعى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على فهمه هذا.. وأما باقي الصحابة، فقد فرحوا بنزول الآية، لأنهم لم يفهموا أكثر من المعنى الظاهر لها.

    غير أن المعاني الباطنية للقرآن لا تقف عند الحد الذي تصل إليه مداركنا القاصرة، بل هي أمر فوق ما نظن وأعظم مما نتصور. ولقد فهم ابن مسعود أن في فهم معاني القرآن مجالاً رحباً ومتسعاً بالغاً فقال: (مَن أراد علم الأوَّلين والآخرين فليُثَوِّر القرآن) وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ}، وقال: {مَا كَانَ حَدِيثاً يفترى ولاكن تَصْدِيقَ الذي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ}

    ومهما يكن من شيء فإن ظاهر القرآن – وهو المنزَّل بلسان عربي مبين – هو المفهوم العربي المجرَّد. وباطنه هو مراد الله تعالى وغرضه الذي يقصد إليه من وراء الألفاظ والتراكيب، هذا هو خير ما يقال في معنى الظاهر والباطن.

    ولا يُشترط في فهم ظاهر القرآن زيادة على الجريان على اللِّسان العربي، فكلُّ معنى مستنبَط من القرآن غير جار على اللِّسان العربي فليس من تفسير القرآن في شيء.. لا مما يُستفاد منه ولا مما يُستفاد به. ومَن ادَّعى فيه ذلك فهو مبطل في دعواه.

    أما المعنى الباطن، فلا يكفي فيه الجريان على اللِّسان العربي وحده. بل لا بد فيه مع ذلك من نور يقذفه الله تعالى في قلب الإنسان يصير به نافذ البصر سليم التفكير، ومعنى هذا أن التفسير الباطن ليس أمراً خارجاً عن مدلول اللَّفظ القرآني، ولهذا اشترطوا لصحة المعنى الباطن شرطين أساسيين:

    أولهما: أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب بحيث يجرى على المقاصد العربية.

    وثانيهما: أن يكون له شاهد – نصاً أو ظاهراً – في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض.

    وقد فصَّل في هذين الشرطين الشيخ محمد حسين الذهبي رحمه الله تعالى؛ فقال: الشروط التي يجب أن تتوفر في التفسير الإشاري:

    أولاً: ألا يكون التفسير الإشاري منافياً للظاهر من النظم القرآني الكريم.

    ثانياً: أن يكون له شاهد شرعي يؤيده.

    ثالثاً: ألا يكون له معارض شرعي أو عقلي.

    رابعاً: ألا يدَّعى أن التفسير الإشاري هو المراد وحده دون الظاهر، بل لا بد أن نعترف بالمعنى الظاهر أولاً، إذ لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر “ومَن ادّعى فهم أسرار القرآن ولم يُحَكِّم التفسير الظاهر فهو كمن ادَّعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب”.

    إذا علمتَ هذا، علمتَ بصورة قاطعة أنه لا يمكن لعاقل أن يقبل ما نُقِل عن بعض المتصوفة من أنه فسَّر قوله تعالى في سورة البقرة {مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} فقال: معناه “من ذل” من الذل “ذي” إشارة إلى النفس “يشف” من الشفاء “ع” أمر من الوعي!!

    وما نُقِل عن بعضهم من أنه فسَّر قوله تعالى في سورة العنكبوت: {وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين} فجعل “لمع” فعلاً ماضياً بمعنى أضاء، و”المحسنين” مفعوله.

    هذا التفسير وأمثاله إلحاد في آيات الله، والله تعالى يقول: {إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ في آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ} قال الألوسي في تفسير هذه الآية: “أي ينحرفون في تأويل آيات القرآن عن جهة الصحة والاستقامة فيحملونها على المحامل الباطلة، وهو مراد ابن عباس بقوله: يضعون الكلام في غير موضعه”

    هذه هي الشروط التي إذا توفرت في التفسير الإشاري كان مقبولاً، ومعنى كونه مقبولاً عدم رفضه لا وجوب الأخذ به، أما عدم رفضه فلأنه غير مناف للظاهر ولا بالغ مبلغ التعسف، وليس له ما ينافيه أو يعارضه من الأدلة الشرعية.

    وأما عدم وجوب الأخذ به، فلأنه من قبيل الوجدانيات، والوجدانيات لا تقوم على دليل ولا تستند إلى برهان، وإنما هي أمر يجده الصوفي من نفسه، وسر بينه وبين ربه. فله أن يأخذ به ويعمل على مقتضاه، دون أن يُلزم به أحداً من الناس سواه.ا.هـــــ والعلم عند الله تعالى

  • أنام بجانب زوجتي وأنا صائم

    أنا متزوج منذ فترة قصيرة، وفي هذا الشهر الكريم رمضان أنام أنا وزوجتي في فراش واحد؛ فما حكم ذلك؟ فأنا أعلم أنه لا مجامعة بعد الإمساك؛ لكن ونحن نيام قد نتلامس، أو قد تقع يدي على جزء من جسمها، أو العكس قد تقع يدها على جزء من جسمي، فما حكم الدين في ذلك؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فاعلم ـ أخي ـ أنه لا حرج على المسلم في أن يضمه وزوجه فراش واحد حال صيامهما، أو أن يلمس شيئاً من بدنها أو تلمس شيئاً من بدنه؛ مع الاحتياط الواجب لئلا يفسد صومهما، خاصة من كان في مثل حالك حديث عهد بعرس، وقد سئلت أمنا عائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله يقبل وهو صائم؟ قالت: بلى ولكنه كان أملككم لإربه. والله تعالى أعلم.

  • أباطيل في خطبة الجمعة

    إمام مسجدنا ذكر في خطبة الجمعة وهو على المنبر أن الإمام أحمد بن حنبل رأى الله تبارك وتعالى 99 مرة، وأخبر الناس أنه إذا رآه في المرة المائة سيسأله عن أفضل عبادة، وأنه عاد وذكر أنه رآه للمرة المائة وسأله، وأجابه المولى عز وجل بأن أفضل عبادة هي تلاوة القرآن، وأيضاً قال: (من لم يؤمن بأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب لا يقبل عمله، إن صلى لا تقبل صلاته، وإن صام لا يقبل صومه، وإن زكى لا تقبل زكاته، وإن حج لا يقبل حجه). وقال أن صلاة ركعة واحدة للمتزوج أفضل من سبعين ركعة للأعزب. وقال أن امرأة أتت الرسول عليه الصلاة والسلام، وروت له حلماً، فسألها عن زوجها، فأخبرته بأنه في الجهاد، فطلب منها أن تصبر لأنها لن تراه مرة أخرى لأنه استشهد، فخرجت فلقيت سيدنا عثمان رضي الله عنه، وأخبرته بالحلم الذي روته لرسول الله، فقال لها اذهبي لمنزلك وستجدين زوجك؛ وقد كان، فعادت مرة أخرى للرسول عليه الصلاة والسلام، فأخبرته بما حدث لها مع سيدنا عثمان ورجوع زوجها، عندها رفع صلى الله عليه وسلم بصره إلى السماء، فرأى جبريل الذي أخبره بأن تفسيره للحلم صحيح؛ لكن الله أحيا زوجها حتى لا يكون سيدنا عثمان كذاباً، فما رأيكم فيما يقول؟ وهل لذلك سند صحيح؟ أفيدونا رحمكم الله.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالواجب على خطيب الجمعة أن يعنى بتعليم الناس المهم من أمور دينهم؛ ويبدأ بصغار العلم قبل كباره، وينأى بهم عما يثير الخلافات ويوسِّع الشقة بينهم، وعليه أن يأتي بما تستوعبه العقول وتطمئن إليه القلوب، وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ {مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً} وليس بالضرورة أن يعرض الإمام على الناس كل ما عنده، بل قد يسكت عن بعض العلم لأنه قد لا يفهم على مراده هو؛ وفي صحيح البخاري (باب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لاَ يَفْهَمُوا) وَقَالَ عَلِيٌّ: {حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} وروى من حديث أنس رضي الله عنه قال: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذٍ: {مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ} قَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: {لاَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا} وعلى الإمام أن يتجنب في خطبته القصص المختلقة والأحاديث المكذوبة، وكل ما يحيله العقل، وعليه كذلك أن يتجنب ذكر الأشخاص والطوائف حال إنكاره منكراً؛ وليتقيد بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يقول {ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا}

    قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد مبيناً هدي النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة: وَكَانَ يُقَصّرُ الْخُطْبَةَ، وَيُطِيلُ الصّلَاةَ، وَيُكْثِرُ الذّكْرَ، وَيَقْصِدُ الْكَلِمَاتِ الْجَوَامِعَ، وَكَانَ يَقُولُ {إنّ طُولَ صَلاَةِ الرّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنّةٌ مِنْ فِقْهِه} وَكَانَ يُعَلّمُ أَصْحَابَهُ فِي خُطْبَتِهِ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعَهُ، وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ فِي خُطْبَتِهِ إذَا عَرَضَ لَهُ أَمْرٌ أَوْ نَهْيٌ؛ كَمَا أَمَرَ الدّاخِلَ وَهُوَ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلّيَ رَكْعَتَيْنِ . وَنَهَى الْمُتَخَطّيَ رِقَابَ النّاسِ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ بِالْجُلُوسِ. وَكَانَ يَقْطَعُ خُطْبَتَهُ لِلْحَاجَةِ تَعْرِضُ أَوْ السّؤَالِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَيُجِيبُهُ ثُمّ يَعُودُ إلَى خُطْبَتِهِ فَيُتِمّهَا. وَكَانَ رُبّمَا نَزَلَ عَنْ الْمِنْبَرِ لِلْحَاجَةِ ثُمّ يَعُودُ فَيُتِمّهَا؛ كَمَا نَزَلَ لِأَخْذِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللّه عَنْهُمَا فَأَخَذَهُمَا ثُمّ رَقِيَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ فَأَتَمّ خُطْبَتَهُ؛ وَكَانَ يَدْعُو الرّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ تَعَالَ يَا فُلَانُ اجْلِسْ يَا فُلَانُ صَلّ يَا فُلَانُ. وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِمُقْتَضَى الْحَالِ فِي خُطْبَتِهِ فَإِذَا رَأَى مِنْهُمْ ذَا فَاقَةٍ وَحَاجَةٍ أَمَرَهُمْ بِالصّدَقَةِ وَحَضّهُمْ عَلَيْهَا. وَكَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ السّبّابَةِ فِي خُطْبَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِ اللّهِ تَعَالَى وَدُعَائِهِ. وَكَانَ يَسْتَسْقِي بِهِمْ إذَا قَحَطَ الْمَطَرُ فِي خُطْبَتِه، وَكَانَ يُمْهِلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتّى يَجْتَمِعَ النّاسُ فَإِذَا اجْتَمَعُوا خَرَجَ إلَيْهِمْ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ شَاوِيشٍ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا لَبِسَ طَيْلَسَانًا وَلَا طُرْحَةً وَلَا سَوَادًا؛ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ سَلّمَ عَلَيْهِمْ؛ فَإِذَا صَعِدَ الْمِنْبَرَ اسْتَقْبَلَ النّاسَ بِوَجْهِهِ وَسَلّمَ عَلَيْهِمْ؛ وَلَمْ يَدْعُ مُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةِ؛ ثُمّ يَجْلِسُ وَيَأْخُذُ بِلَالٌ فِي الْأَذَانِ؛ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ قَامَ النّبِيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَخَطَبَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ لَا بِإِيرَادِ خَبَرٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَلَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ سَيْفًا وَلَا غَيْرَهُ؛ وَإِنّمَا كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا قَبْلَ أَنْ يَتّخِذَ الْمِنْبَرَ؛ وَكَانَ فِي الْحَرْبِ يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْسٍ.ا.هـــ

    وأما المسائل التي ذكرها إمامكم فأجيب عنها اختصاراً:

    أولاً: ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه جل جلاله مناماً في أحسن صورة؛ فقد خرج عليه الصلاة والسلام على أصحابه غداة وهو طيب النفس، مسفر الوجه أو مشرق الوجه، فقلنا: يا رسول الله إنا نراك طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه، فقال: {ما يمنعني وأتاني ربي الليلة في أحسن صورة، فقال: يا محمد. قلت: لبيك ربي وسعديك. فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري أي رب. قال ذلك مرتين أو ثلاثاً. قال: فوضع كفه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السماوات وما في الأرض. ثم تلا هذه الآية (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض) الآية، قال: يا محمد: فيم يختصم الملأ الأعلى؟. قال: قلت في الكفارات. قال: وما الكفارات؟ قلت: المشي على الأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد خلاف الصلوات (بعد الصلوات) وإبلاغ (اسباغ) الوضوء في المكاره. قال: من فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. ومن الدرجات: طيب الكلام، وبذل السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام. فقال: يا محمد إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تتوب علي، وإذا أردت فتنة في الناس فتوفني غير مفتون) رواه أحمد ورجاله ثقات.

    وأما رؤية الإمام أحمد لربه تعالى مناماً فقد ذكرها بعض العلماء واختلف قولهم ما بين مجوِّز ومانع، لكن الذي يستنكر من حديث الإمام قوله إنه سأل ربه عن أفضل العبادات..الخ لأنه لا وحي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وليس الناس بحاجة إلى رؤى ليعرفوا فضل قراءة القرآن أو غيرها من العبادات، وقد قال سبحانه ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا))

    ثانياً: قوله (من لا يؤمن بأبي بكر وعمر..الخ) إن كان مراده أن مبغض الصحابة في دينه دخن وفي إيمانه شك؛ فكلامه صحيح لما ثبت من الأدلة المتضافرة الموجبة لحب الصحابة وتعظيمهم رضوان الله عليهم

    ثالثاً: قوله بأن ركعة من المتزوج خير من سبعين ركعة من العزب؛ هراء لا قيمة له؛ إذ لا اعتبار للزواج وعدمه بل المعتبر النية الصالحة وموافقة العمل للسنة

    رابعاً: وأما حكايته المتضمنة لتفسير عثمان رضي الله عنه لرؤيا تلك المرأة؛ فهذيان لا قيمة له، بل إن فيه طعناً في رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حيث لا يشعر، والواجب نصح الإمام المذكور بأن يذكر للناس ما ينفعهم دون تعريج على مثل تلك الأباطيل، والله الموفق والمستعان.

  • الفتح على الإمام

    قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أُرْتِجَ عَلَى الإْمَامِ فِي الْفَاتِحَةِ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْل: بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ تَجِبُ فِي الصَّلاَةِ كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا.

    أَمَّا عَلَى الْقَوْل: بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ تَجِبُ فِي جُل الصَّلاَةِ لاَ فِي كُلِّهَا، وَحَصَل الرِّتَاجُ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي جُل الصَّلاَةِ، كَأَنْ يَقِفَ فِي ثَالِثَةِ الثُّلاَثِيَّةِ، أَوْ رَابِعَةِ الرَّبَاعِيَةِ، فَالْفَتْحُ عَلَيْهِ سُنَّةٌ، أَمَّا صَلاَةُ الإْمَامِ فَصَحِيحَةٌ مُطْلَقًا، لأِنَّهُ كَمَنْ طَرَأَ لَهُ الْعَجْزُ عَنْ رُكْنٍ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ، أَمَّا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَيُسَنُّ الْفَتْحُ عَلَيْهِ إِنْ وَقَفَ حَقِيقَةً: بِأَنِ اسْتَفْتَحَ وَلَمْ يَنْتَقِل لِغَيْرِ سُورَةٍ وَلَمْ يُكَرِّرْ آيَةً، أَوْ وَقَفَ حُكْمًا: بِأَنْ رَدَّدَ آيَةً، إِذْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ لِلتَّبَرُّكِ أَوِ التَّلَذُّذِ بِهَا، وَيُحْتَمَل لِلاِسْتِطْعَامِ، كَقَوْلِهِ: “وَاللَّهُ” وَيُكَرِّرُهَا أَوْ يَسْكُتُ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ بَعْدَهَا “غَفُورٌ رَحِيمٌ”

    وَمِنَ الْحُكْمِيِّ أَيْضًا: خَلْطُ آيَةِ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ، أَوْ تَغْيِيرُهُ آيَةً تَغْيِيرًا يَقْتَضِي الْكُفْرَ، أَوْ وَقْفُهُ وَقْفًا قَبِيحًا فَيَفْتَحُ عَلَيْهِ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى الصَّوَابِ، وَلاَ سُجُودَ عَلَيْهِ لِلْفَتْحِ عَلَى إِمَامِهِ، وَأَمَّا إِنِ انْتَقَل إِلَى آيَةٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، أَوْ لَمْ يَقِفْ فَيُكْرَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلاَ تَبْطُل صَلاَةُ الْفَاتِحِ وَلاَ سُجُودَ عَلَيْهِ.

    وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى الإْمَامِ مُسْتَحَبٌّ، قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا أُرْتِجَ عَلَى الإْمَامِ وَوَقَفَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ اسْتُحِبَّ لِلْمَأْمُومِ تَلْقِينُهُ، وَكَذَا إِذَا كَانَ يَقْرَأُ فِي مَوْضِعٍ فَسَهَا وَانْتَقَل إِلَى غَيْرِهِ اسْتُحِبَّ تَلْقِينُهُ، وَإِذَا سَهَا عَنْ ذِكْرٍ فَأَهْمَلَهُ، أَوْ قَال غَيْرَهُ اسْتُحِبَّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقُولَهُ جَهْرًا لِيَسْمَعَهُ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ” كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَقِّنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الصَّلاَةِ. وَالأْخْبَارِ السَّابِقَةِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْفَتْحِ عَلَى الإْمَامِ.

    وَلاَ يَقْطَعُ الْفَتْحُ عَلَى الإْمَامِ مُوَالاَةَ الْفَاتِحَةِ، لأِنَّهُ فِي مَصْلَحَةِ الصَّلاَةِ، فَلاَ يَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا، وَإِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، لأِنَّهُ إِعَانَةٌ لِلإْمَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَطْلُوبَةِ.

    وَلاَ بُدَّ فِي الْفَتْحِ عَلَيْهِ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ، وَلَوْ مَعَ الْفَتْحِ، وَإِلاَّ بَطَلَتْ صَلاَةُ الْفَاتِحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

    وَيَكُونُ الْفَتْحُ عَلَى الإْمَامِ إِذَا تَوَقَّفَ عَنِ الْقِرَاءَةِ وَسَكَتَ، وَلاَ يَفْتَحُ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُ.

    فَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْقِرَاءَةَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إِنْ كَانَ عَالِمًا، وَإِلاَّ فَلاَ تَبْطُل، لأِنَّهَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامِّ غَالِبًا، وَالْفَتْحُ مَنْدُوبٌ عِنْدَهُمْ وَلَوْ فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَفِي حَاشِيَةِ الْقَلْيُوبِيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الرَّكْعَةِ الأْولَى مِنَ الْجُمُعَةِ، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ الْوُجُوبُ فِي هَذِهِ، وَأَنَّهُ لاَ يَقْطَعُ مُوَالاَةَ الْفَاتِحَةِ وَإِنْ طَال، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

    وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا أُرْتِجَ عَلَى الإْمَامِ فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ كَالْفَاتِحَةِ لَزِمَ مَنْ وَرَاءَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ غَلِطَ فِي الْفَاتِحَةِ، لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلاَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْبِيهُهُ عِنْدَ نِسْيَانِ سَجْدَةٍ وَنَحْوِهَا مِنَ الأْرْكَانِ الْفِعْلِيَّةِ.

    وَإِنْ عَجَزَ الْمُصَلِّي عَنْ إِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ بِالإْرْتَاجِ عَلَيْهِ فَكَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ، يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ، وَلاَ يُعِيدُهَا كَالأْمِّيِّ، فَإِنْ كَانَ إِمَامًا صَحَّتْ صَلاَةُ الأْمِّيِّ خَلْفَهُ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ، وَالْقَارِئُ يُفَارِقُهُ لِلْعُذْرِ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ، لأِنَّهُ لاَ يَصِحُّ ائْتِمَامُ الْقَارِئِ بِالأْمِّيِّ، هَذَا قَوْل ابْنِ عَقِيلٍ، وَقَال الْمُوَفَّقُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ.

    وَلاَ يَفْتَحُ الْمُصَلِّي عَلَى غَيْرِ إِمَامِهِ مُصَلِّيًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فَإِنْ فَعَل كُرِهَ وَلَمْ تَبْطُل الصَّلاَةُ بِهِ، لأِنَّهُ قَوْلٌ مَشْرُوعٌ فِيهَا

  • صفوف النساء في الصلاة

    السلام عليكم. من المعروف أن أفضل صفوف النساء في صلاة الجماعة هي آخرها، ومن هذا المنطلق نجد بعض النساء يقمن بعمل صف ثان وثالث بدون اكتمال الصف الاول، يقولون إن الصف الأول يتمه من تأتي متأخرة للصلاه!! وبالفعل عند نهاية الصلاة تكون الصفوف الاثنين أو ثلاثة تامة؛ فما صحة ذلك؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فقد روى الإمام البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا» وقد قال أهل العلم في شرحه: قَوْله: (وَخَيْرُ صُفُوف النِّسَاء آخِرُهَا) إنَّمَا كَانَ خَيْرهَا لِمَا فِي الْوُقُوف فِيهِ مِنْ الْبُعْد عَنْ مُخَالَطَة الرِّجَال، بِخِلَافِ الْوُقُوف فِي الصَّفّ الْأَوَّل مِنْ صُفُوفهنَّ، فَإِنَّهُ مَظِنَّة الْمُخَالَطَة لَهُمْ وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ الْمُتَسَبَّب عَنْ رُؤْيَتهمْ وَسَمَاع كَلَامهمْ وَلِهَذَا كَانَ شَرّهَا، وَفِيهِ أَنَّ صَلَاة النِّسَاءِ صُفُوفًا جَائِزَة مِنْ غَيْر فَرْق بَيْن كَوْنهنَّ مَعَ الرِّجَال أَوْ مُنْفَرِدَات وَحْدهنَّ.ا.هـــ

    والنساء كالرجال مأمورات بتسوية صفوفهن وإتمام الصف الأول ثم الذي يليه، وقد وردت في ذلك أحاديث صحاح منها ما رواه مسلم عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ» قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْح مُسْلِمٍ: الصَّفّ الْأَوَّل الْمَمْدُوح الَّذِي وَرَدَتْ الْأَحَادِيث بِفَضْلِهِ هُوَ الصَّفّ الَّذِي يَلِي الْإِمَام سَوَاء جَاءَ صَاحِبه مُقَدَّمًا أَوْ مُؤَخَّرًا، سَوَاء تَخَلَّلَهُ مَقْصُورَةٌ أَوْ نَحْوُهَا، هَذَا هُوَ الصَّحِيح الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْمُحَقِّقُونَ.ا.هـــــ

    (وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

    وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسـلم على أهل الصفوف الأولى ودعا لهم وبين عظيم أجرهم؛ ففي الصحيحين «لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» وروى أحمد والنسائي وابن ماجه عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَغْفِر لِلصَّفِّ الْمُقَدَّم ثَلَاثًا، وَلِلثَّانِي مَرَّة»

    فواجب على النساء تسوية صفوفهن وإكمال الصف الأول ثم الذي يليه، وأما المحظور الذي من أجله قال النبي صلى الله عليه وسـلم “خير صفوف النساء آخرها” فما عاد موجوداً في زماننا من حيث كون مصلى النساء مفصولاً عن مصلى الرجال، ولا سبيل إلى رؤيتهم أو الاختلاط بهم، والعلم عند الله تعالى

  • الأرحام الواجب صلتهم

    من هم الأرحام الواجب صلتهم؟ الرجاء التفصيل‎..

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالأرحام الواجب صلتهم هم جميع أقاربك من جهة أبيك وأمك؛ ذكوراً وإناثاً من كان منهم محرماً ومن لم يكن؛ فيدخل في ذلك الآباء والأمهات والأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ومن تناسل منهم، لكن بعضهم آكد صلة من بعض، وتكون الصلة حسب الطاقة وذلك بالزيارة أو المهاتفة وكذلك المهاداة وإعانة محتاجهم وإغاثة ملهوفهم وعيادة مريضهم وتشييع ميتهم والسؤال عنهم إلى غير ذلك من أنواع الصلة، وعليك أن تبتغي بذلك وجه الله تعالى لا ترجو منهم جزاء ولا شكورا، قال النبي صلى الله عليه وسـلم “ليس الواصل بالمكافئ” وقد أمرنا ربنا جل جـلاله أن نصل من قطعنا ونعطي من حرمنا ونحلم على من جهل علينا، والله الموفق والمستعان.

     

  • أختي الصغيرة متبرجة

    السلام عليكم إني فتاة محجبة مقبلة على الثلاثين، ولي أخت قاصر جميلة وتخرج بلباس متبرج، إذا أعجب بي شخص ما، عندما يعلمون انها أختي يُلغى ذلك الاعجاب، حتى إن كان ينوي التقدم لي كأنه يتراجع وهذا شعور نوعاً ما صعب علي كأنثى.. كيف أُبقي إيماني قويا من هذه الناحية

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فإنني أسأل الله تعالى أن يرزقك حلالا، ويقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وإني أوصيك بجملة أمور سائلاً الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشدا، وأن يرزقك موجبات رحمته وعزائم مغفرته، وهي: أولاً: عليك أن تعلمي يقيناً أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها؛ فالذي كتبه الله لك سيكون في الوقت الذي يشاء على الوجه الذي يريد، وهو سبحانه {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} فلا تخافي ولا تحزني، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا) وقال عليه الصلاة والسلام (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك). ثانياً: أكثري من الاستغفار؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) والله تعالى يقول على لسان العبد الصالح نوح عليه الصلاة والسلام {استغفروا ربكم إنه كان غفارا. يرسل السماء عليكم مدرارا. ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} وعلى لسان العبد الصالح هود عليه الصلاة والسلام {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين}.. ثالثاً: لا تطيعي وسوسة الشيطان؛ فما أدراك أن أحداً قد انصرف عنك بسبب لباس أختك؟ لعل ذلك كله أوهام وخيالات يزينها الشيطان الذي قال الله عنه {يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم} رابعاً: باشري نصح أختك الصغيرة بأن عليها الاحتشام في ملبسها والاعتدال في هيئتها من أجل أن تكبر على هذا الخلق الفاضل والمسلك القويم، ولا تقصري في ذلك ولا تألي جهداً، بل تحببي إليها بالهدايا والعطايا حتى تطيع أمرك وتستجيب لنصحك، واجعلي من نصحك لها وسيلة إلى الله من أجل أن يعجِّل فرجك وينفِّس كربك، والله الموفق والمستعان

زر الذهاب إلى الأعلى