فضيلة الشيخ عبد الحي …السلام عليكم ورحمة الله
اشتريت عقار في إحدى دول الخليج عن طريق بنك إسلامي بصيغة الإيجار المنتهي بالتمليك؛ حيث يشتري البنك ما قيمته 85% من قيمة العقار من البائع بعقد بيع، على أن أدفع ما قيمته 15% للبائع ومن ثم يؤجر لي حصته بعد إضافة الأرباح بأجر معلوم لمدة معلومة مع وعد بالبيع عند نهاية المدة وبعد سداد كامل الأجرة.
في أحد بنود عقد الإيجار:
1/ لو تأخرت عن الدفع تماطلاً يجب عليَّ أن أتبرع بنسبة معينة لجهة خيرية وﻻ يأخذها البنك.
2/ لو حصل تضخم في مؤشر الاقتصاد مثلاً كانخفاض في قيمة العملة يتم إعادة حساب قيمة حصة البنك في العقار بمعادلة حسابية لمجابهة مقدار التضخم ويخطرني البنك بتغيير قيمة الأجرة.
ما حكم الشرع في صيغة الإجارة المنتهية بالتمليك؟ وما صحة العقد أعلاه؟ مع العلم أن هيئة الرقابة الشرعية في البنك يقرون هذا لكن قلبي غير مطمئن أشيروا عليَّ. وجزاكم الله خيراً
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فقد كان واجباً عليك – أحسن الله إليك – أن تسأل عن الحكم قبل مباشرة العقد؛ أما وقد فعلت فإن الحكم في هذه المسألة أنه قد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بالرياض في 25/جمادى الآخرة/1421 لجواز بيع الإجارة المنتهي بالتمليك أن يكون هناك عقدان منفصلان يستقل كل منهما عن الآخر زماناً، بحيث يكون إبرام عقد البيع بعد عقد الإجارة، أو وجود وعد بالتمليك في نهاية مدة الإجارة، وأن تكون الإجارة فعلية وليست ساتراً للبيع، وأن يكون ضمان العين المؤجرة على المالك لا على المستأجر، وبذلك يتحمل المؤجر ما يلحق العين من غير ضرر ناشئ من تعدي المستأجر، أو تفريطه، ولا يلزم المستأجر بشيء إذا فاتت المنفعة. وإذا اشتمل العقد على تأمين العين المؤجرة فيجب أن يكون التأمين تعاونياً إسلامياً لا تجارياً، ويتحمله المالك المؤجر وليس المستأجر، وأن تطبَّق على عقد الإجارة المنتهية بالتمليك أحكام الإجارة طوال مدة الإجارة، وأحكام البيع عند تملُّك العين. وأن تكون نفقات الصيانة غير التشغيلية على المؤجر لا على المستأجر طوال مدة الإجارة.
وفي القرار نفسه أن من صور العقد الممنوعة: وجود عقد إجارة ينتهي بتملك العين المؤجرة مقابل ما دفعه المستأجر من أجرة خلال المدة المحددة، دون إبرام عقد جديد، بحيث تنقلب الإجارة في نهاية المدة بيعاً تلقائياً. وكذلك إجارة عين لشخص بأجرة معلومة ولمدة معلومة مع عقد بيع له معلق على سداد جميع الأجرة المتفق عليها خلال المدة المعلومة، أو مضاف إلى وقت في المستقبل.
وعليه فإن الصورة الواردة في السؤال هي من الصور الممنوعة التي لا يجوز التعامل بها؛ ويكون العقد فاسداً، وتطبق عليه أحكام العقود الفاسدة من إعادة السلعة – إن كان موجودة – إلى بائعها، أو إعادة قيمتها إن كانت قد تلفت أو كان المشتري قد تصرف فيها بالبيع أو الهبة ونحوهما.
أما الشرط الجزائي الوارد في العقد والمترتب على تأخير سداد الأجرة فلا إشكال فيه لانتفاء شبهة الربا عنه، وكذلك تغيير قيمة الأجرة مراعاة للتضخم الحاصل لا إشكال فيه، وعليه فإن المطلوب تغيير هذه الصيغة من أجل أن يسلم البيع من أسباب التحريم، والعلم عند الله تعالى.
فهذه معاملة فاسدة لورود عقدين غير منفصلين – بيع وإجارة – على عين واحدة التي هي السيارة، وقد اشترط مجمع الفقه الإسلامي الدولي أن يكون ثمة عقدان منفصلان يستقل كل منهما عن الآخر زمانا.