الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا العطل ناتجاً عن عيب سابق للعقد في المبيع وظهر بعد التجربة والاستعمال فإنه من ضمان البائع، قال النووي القسم الثالث: العيب الحادث بعد القبض إذا أسند إلى ما قبل القبض…. ثم ذكر فيه وجهين:
الأول: أنه على ضمان البائع في الأصح عند الشافعية وبه قال أبو حنيفة، فيثبت الرد وللمشتري أن يرد جميع الثمن.
الثاني: أنه على ضمان المشتري وليس له الرد ولكن يرجع على البائع بالأرش… انتهى. والمراد بالأرش ثمن النقص الحاصل بسبب العيب.
أما إن حدث العيب في المبيع بنفسه أو بفعل المشتري فلا ضمان، قال النووي رحمه الله القسم الثاني: إذا حدث العيب بعد القبض ولم يستند إلى سبب قبل القبض فإنه لا يثبت به الرد…. انتهى.
وإنما لم يثبت الرد لأن المبيع دخل في ضمان المشتري بالقبض فلم يرد بالعيب الحادث.
والمقصود أنه لا يلزم البائع قبول المبيع المعيب ولا يحق للمشتري إلزامه بالرد.
لكن لو رضي البائع بقبول رد المبيع المعيب أو إصلاحه بلا إلزام من المشتري فلا بأس، لأن عدم قبول الرد من حق البائع فإذا أسقط حقه فما المانع منه، اللهم إلا أن يمتنع أخذه على المشتري لحق الشرع، كأن يكون المبيع عصيراً فتخمر (صار خمراً) عند المتشري ثم اطلع على عيب، فإنه لو أراد البائع أن يأخذه بعيبه لا يُمكَّن من ذلك لما فيه من تمليك الخمر، وهما ممنوعان منه بالشرع، وفي ضوء ما ذكر تعلم جواب سؤالك. والله أعلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعيب الحادث في المبيع بعد القبض الأصل فيه أنه من ضمان المشتري، إلا إن كان العيب مستنداً لسبب سابق للقبض فحينئذ يكون من ضمان البائع
والضمان التابع للمبيع إن كان متعلقا بسلامة المبيع وخلوه من العيوب فهو جائز، ويكون هذا الضمان زيادة في التأكيد لما هو من مقتضى العقد، وأما إن كان هذا الضمان مطلقا لكل ما يحدث للمبيع فهو محرم لما فيه من الغرر، وعليه؛ فإن كان هذا الخراب الحادث متعلقا بعيب قبل البيع فيجب عليكم ضمانه، وأما إن كان الخراب ليس ناتجا عن عيب موجود قبل البيع فلا يجب عليكم إعادة تركيب الباب. والله أعلم.
إذا تم البيع وترك المشتري البقرة لدى البائع فهي أمانة عنده فلا يضمنها إلا بما تضمن به سائر الأمانات من تفريط في الحفظ ونحوه. وعليه فيلزم المشتري دفع ثمن البقرة الهالكة فهلاكها عليه، ويجب عليه تسديد الثمن فورا إلا أن يكون اتفق مع البائع على التقسيط.
فما دمت قد تعاقدت مع البائع على شراء هذه الشاة، وتركتها عنده وديعة باختيارك، وافترقتما على ذلك فالبيع صحيح، وانتقلت بذلك ملكية الشاة إليك ولزمك دفع ثمنها، ولا يؤثر في ذلك كونك قد تركت الشاة عند البائع أمانة، أو لم تسلم الثمن لأن تسليم الثمن في الحال ليس من شروط صحة البيع.
والأصل في هذا قول ابن عمر رضي الله عنهما) ما أدركته الصفقة حيا مجموعاً فهو من مال المبتاع) رواه الدارقطني، ورواه البخاري تعليقاً مجزوما به.
وعلى هذا؛ فإذا هلكت هذه الشاة عند البائع دون تفريط منه، كانت مصيبتها عليك ولزمك دفع ثمنها، ولكن اشترط العلماء لوجوب الضمان عليك في مثل هذه الحالة أن تقوم بينة بهلاكها؛ وإلا لم يجب عليك ضمانها
قال في التاج والإكليل: لو لم يقبض المبتاع الأمة في البيع الصحيح حتى ماتت عند البائع أو حدث بها عنده عيب وقد قبض ثمنها أم لا، فضمانها من المبتاع وإن كان البائع احتبسها بالثمن كالرهن. ابن رشد: المشهور من قول ابن القاسم أن السلعة المبيعة المحبوسة بالثمن رهن به تكون مصيبتها من المشتري إن قامت بينة بتلفها، وإن لم تقم بينة لم يصدق البائع في ذلك ولزمه غرم قيمتها.
فالصائغ العامل في محله يعتبر أجيرا مشتركا، وقد اختلف العلماء هل يضمن أو لا يضمن إذا لم يكن منه تعد أو تفريط.
والقائلون بتضمينه اختلفوا في أي شيء يضمن، فمن قائل إنه لا يضمن إلا إذا حصل تلف بعمله، ومن قائل إنه ضامن لما يمكن التحرز عنه كالغصب والسرقة والضياع، ومن قائل إنه يضمن طالما أنه انفرد باليد، ومما جاء في هذا القول الأخير ما ذكره صاحب الكافي: وأما الصناع فضامنون لكل ما ضاع عندهم فيما يغيبون عليه، ولا يقبل قولهم في هلاك شيء مما قبضوه واستعملوا فيه إذا انفردوا… انتهى.
ومما يستدل على هذا أن عمر بن الخطاب ضمن أنس بن مالك رضي الله عنهما بضاعة كانت معه فسرقت أو ضاعت فغرمها إياه.
وبناء على ما تقدم فالصائغ هنا ضامن في قول طائفة من أهل العلم لما ضاع من مجوهرات تلك المرأة. فلها أن تأخذ مثلها منه إن كانت مثلية، والمثلي هو ما له مثل أو نظير في الأسواق من غير تفاوت في أجزائه كالمكيلات والموزونات والمذروعات والمعدودات، أو قيمتها إن لم تكن كذلك أو تراضيا على القيمة.