الفتاوى

  • علاج الغضب

    سلام عليكم ورحمة الله، كيفك يا شيخنا الفاضل، يا شيخ أنا شاب في سن الأربعين، والحمد لله ملتزم بصلواتي الخمس في الجماعة، وورد يومي جزئين وأذكار الصباح والمساء وصلاة الضحى وبار بأرحامي؛ لكني يا شيخ أشتكي من الغضب وسرعة الانفعال من أبسط الأمور؛ فهل في أسباب لهذي وبما تنصحونني وجزاك الله خير

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني. قال {لا تغضب} فردد مراراً قال {لا تغضب} وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب}  فيا أخي عليك أن تعلم أن الأخلاق نوعان فمنها ما هو جبليٌّ أي طبعي في نفس الإنسان، ومنها ما هو مكتسب، أي لا بد فيه من رياضة النفس ومجاهدتها؛ وقد قال عليه الصلاة والسلام (إنما الحلم بالتحلم) فعليك أحسن الله إليك أن تجاهد نفسك باتباع الآتي: أولا إدمان القراءة في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لترى كيف كان حلمه وصفحه وصبره وتحمله الأذى. ثانيا الإكثار من الدعاء النبوي (اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف سيئها إلا أنت). ثالثاً: التفكير في حسن عاقبة من كظم غيظه وهضم حق نفسه، مع التفكير في سوء عاقبة الانفعال من التلفظ أو فعل ما لا ينبغي. رابعاً: الأخذ بالهدي النبوي حال الغضب من الاستعاذة بالله ثم تغيير الوضع ثم الوضوء؛ ففي الصحيحين من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع} وفي سنن أبي داود من حديث عطية بن سعد القرظي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء؛ فإذا غضب أحدكم فليتوضأ} والله الموفق والمستعان

  • الصبغة لإخفاء الشيب

    ما حكم الصبغة لإخفاء الشعر الأبيض من الرأس واللحية؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج عليك في تغيير الشيب بكل شيء سوى الأسود الخالص؛ بل يستحب ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) رواه مسلم. قال الإمام النووي: ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة، ويحرم خضابه بالسواد على الأصح. وقيل: يكره كراهة تنزيه، والمختار التحريم، لقوله صلى الله عليه وسلم (اجتنبوا السواد) هذا مذهبنا إلخ

    وحبذا لو غيرت شيبك بمزيج الحناء والكتم، لقوله صلى الله عليه وسلم (إن أحسن ما غيرتم به الشيب: الحناء والكتم) أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه. وقد خضب بذلك أبو بكر رضي الله عنه كما روى عنه البخاري في صحيحه، وخضب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالحناء وحده كما في صحيح مسلم. والعلم عند الله تعالى.

  • حكم تسميم الكلاب

    لدينا مجموعة من الكلاب بقريتنا، وتقوم بإتلاف المزروعات عن طريق الحفر والجري عليها وكسر ترس المياه؛ مما يؤدي إلى الغرق وقد كبدتنا خسائر فادحة، وربما خرجنا من الموسم من غير مكسب؛ فهل يجوز تسميمها؟ مع العلم أن السلطات لم تفعل لنا أي شي أفتونا أفادكم الله

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فمن كان أذاه ظاهراً ولم يندفع إلا بالقتل جاز قتله، ولو كان إنساناً معصوم الدم، يدل على ذلك إذنه صلى الله عليه وسلم في قتل الصائل؛ كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال (فلا تعطه مالك) قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال (قاتله) قال: أرأيت إن قتلني؟ قال (فأنت شهيد) قال: أرأيت إن قتلته؟ قال (هو في النار) رواه مسلم. قال الصنعاني رحمه الله تعالى في سبل السلام: قَالُوا: فَإِنْ قَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي مِنْهُ وَالْحَدِيثُ عَامٌّ لِقَلِيلِ الْمَالِ وَكَثِيرِهِ.ا.ه

    وأما في خصوص الكلاب فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل العقور منها، وأمر بقتل الأسود البهيم، وكذلك كل ما كان مؤذياً للإنسان في نفسه أو ماله جاز قتله بكل وسيلة تسرع في إزهاق الروح دون تعذيب للحيوان؛ فإذا كان ذلك يتأتى بالسم فلا حرج في قتلها به، والله تعالى أعلم.

  • زوجي يمارس العادة السرية

    السلام عليكم، أنا تزوجت زوجي عن طريق النت وكنا نمارس الرذيلة معاً قبل الزواج عن طريق النت، ولم أمارسها مع غيره ولكن هو كان معتاداً على هذه المعصية وجرَّني لفعلها بحجة أننا سنتزوج، والآن متزوجة قرابة الـ 4 سنوات زوجي يهجرني ولا يثيره شيء وعندما أنام يمارس العادة السرية!! حاولت بكل الطرق ومن ضمنها الترغيب بتحبيبه بي وتغيير شكلي وما إلى ذلك، وجربت معه العراك والخصام وجربت معه الترهيب من عواقب هذا الأمر ولكن دون جدوى، لفترة اعتقدت بأن هنالك من سحره لي، صراحة أنا كئيبة جداً عندي الآن 3 بنات إحداهن مصابة بشلل دماغي وحياتي تعيسة جداً، رغم تظاهري أمامه وأمام الناس أني طبيعية ولا مشكلة لديَّ!! ماذا أفعل لا أستطيع شرح قصتي ومشكلتي إلا من خلال مواقع النت لكنها حرجة جداً جداً، أفتوني وأنقذوا بيتي أرجوكم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فالممارسة التي أدمنها زوجك معك قبل الزواج عادت عليكما بالضرر؛ لأنكما ما اتقيتما الله عز وجل، والذي أنصحك به جملة أمور:

    أولها: التوبة إلى الله تعالى مما كان والإكثار من الاستغفار؛ لمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب

    ثانيها: العمل على تقوية إيمان زوجك بأن يواظب على الصلاة في أوقاتها، ويكثر من النوافل، وأن يكون له من القرآن ورد في كل يوم لا يخل به، وحبذا لو كان ذلك مشاركة بينكما

    ثالثها: محاولة إقناعه بخطورة فعله وأن الله قد يعاقبه في عرضه، وأنك بحاجة إلى إعفاف وإحصان، وحبذا لو اقتنع بوجوب عرض أمره على طبيب نفسي حاذق لعله يجد له علاجاً إن شاء الله، والله المستعان.

  • التفسير التحليلي والموضوعي

    يذكر كثير من العلماء هذا تفسير تحليلي وهذا تفسير موضوعي فما المراد منها مع توضيح ذلك بالمثال؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالتفسير التحليلي يراد به أن تؤخذ كل آية أو مجموعة آيات على حدة فيذكر ما يتعلق بها من الإعراب وأوجه البلاغة وسبب النزول والمعنى الإجمالي والأحكام المستنبطة منها، وهذا النوع من التفسير تجده عند المتقدمين كما في تفسير ابن جرير وابن كثير والشوكاني وكذلك عند المتأخرين كما في التحرير والتنوير ـ لابن عاشور ـ والتفسير المنير ـ للزحيلي ـ  وأيسر التفاسير ـ للجزائري ـ وهو ظاهر أيضاً في التفسير المسموع للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى، وبعضهم يربو على بعض في  صدق هذا الوصف على تفسيره

    وأما التفسير الموضوعي فيراد به جمع الآيات الواردة في الموضوع الواحد وشرحها؛ كما في الكتب التي تناولت حقوق المرأة في القرآن أو الآداب الاجتماعية في سورة النور أو الحجرات، أو حقوق غير المسلمين في القرآن أو أخبار بني إسرائيل في القرآن، ونحو ذلك من الموضوعات، وهذا النوع هو الذي طغى على كتابات المتأخرين لسهولة تناوله من ناحية، ولأنه يلبي حاجات الناس من ناحية أخرى.

    والنوعان كلاهما يخدمان كتاب الله تعالى وبالناس إليهما حاجة، لأن القرآن لا تنقضي عجائبه، ومهما تطاول عليه الزمان فمعانيه تتجدد ولا يخلق على كثرة الرد، وقد يفتح الله على الآخر بما لم يفتح به على الأول؛ ولما قال أبو جحيفة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه {هل عندكم شيء مما ليس في القرآن؟} فقال {لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في كتابه وما في هذه الصحيفة} قلت {وما في الصحيفة؟} قال {العقل وفكاك الأسير وألا يقتل مسلم بكافر} رواه البخاري.

  • أسباب اختلاف العلماء في التفسير

    ما هي أسباب وأوجه اختلاف العلماء في تفسير القرآن؟ وهل هذا من نوع الخلاف المذموم شرعاً؟ وما هو واجب المسلم حيال هذا الخلاف؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن اختلاف العلماء رحمهم الله في تفسير القرآن يرجع إلى أسباب كثيرة بعضها يتعلق بلغة العرب كاشتراك اللفظ وتردده بين الحقيقة والمجاز، وبعضه يرجع إلى اختلاف المرويات عن الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم في تفسير الآية، وأكثره من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد، ويمكن للسائل أن يرجع إلى بعض الكتب التي عنيت بهذا الفن، ومن أفضلها كتاب (التفسير والمفسرون) للشيخ الدكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله تعالى.

  • اتخاذ الكهّان أولياء

    ما هو الحكم الشرعي في اتخاذ بعض المسلمين الكهان وأهل الكتاب أولياء؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن الكاهن ـ مسلماً كان أو كتابياً ـ  هو من يدَّعي معرفة الغيب من ضارب بالحصى أو الودع أو ناظر في النجوم أو خاطٍّ في الرمل أو من له اتصال ببعض الجن الذين يخبرونه ببعض المغيبات، وهذا الكاهن يمارس حراماً بادعائه علم الغيب لأنه معارض لقول ربنا في القرآن {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} وقوله سبحانه {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول} وقد حرَّمت الشريعة إتيان هؤلاء الكهان أو الجلوس إليهم أو تصديقهم فيما يدَّعون فقال النبي صلى الله عليه وسـلم (من أتى كاهناً أو عرافاً فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسـلم) ولما سأل معاوية بن الحكم رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسـلم  عن الكهان قال عليه الصلاة والسلام: (ليسوا بشيء) فقال معاوية: إنهم يخبروننا بالشيء أحياناً فيكون حقاً؟ قال عليه الصلاة والسلام: (تلك الكلمة يخطفها الجني فيلقيها إلى وليه من الكهان قبل أن يدركه الشهاب فيخلط معها مائة كذبة) رواه مسلم.

    وعليه فإنه يحرم موالاة هؤلاء الكهان أو تعظيمهم أو البشاشة في وجوههم ومن وقع في شيء من ذلك لزمته التوبة النصوح، والواجب الشرعي يحتم البراءة منهم وهجرهم وتحذير الناس من شرهم وبيان حكم الشرع فيهم؛ لقوله تعالى {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} وقوله تعالى {لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء} والله تعالى أعلم.

  • تسوية الصفوف في الصلاة

    أود الاستفسار عن حكم تسوية الصفوف في الصلاة، وهل تكون التسوية بمحاذاة أصابع الأقدام أم بمحاذاة الكعوب، الرجاء الإرشاد إلى مصدر مفصل في المسالة للاستزادة وجزاكم الله خيرا.

    الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد، فإن تسوية الصفوفِ من إقامة الصلاة، كما روى البخاري في (بَاب إِقَامَةُ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (أَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ). وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ). وفي رواية عَنْ أَنَس (أَنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقِيلَ لَهُ: مَا أَنْكَرْتَ مِنَّا مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلا أَنَّكُمْ لا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ).

    وروى مسلم في (بَاب تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَإِقَامَتِهَا) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ). وعن أبي هريرة: (قَالَ أَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ). وعن النُّعْمَان بن بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ).. وفي رواية عن النعمان (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  يُسَوِّي صُفُوفَنَا حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ، فَرَأَى رَجُلا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنْ الصَّفِّ، فَقَالَ: عِبَادَ اللَّهِ لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ).

    ومن السنة في تسوية الصف: إلزاقُ المنكب بالمنكب والقَدَم بالقَدَم، كما روى البخاري في (بَاب إِلْزَاقِ الْمَنْكِبِ بِالْمَنْكِبِ وَالْقَدَمِ بِالْقَدَمِ فِي الصَّفِّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ: رَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنَّا يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ).  وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي. وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ). قال ابنُ رَجَب: “حديث أنس هذا يدلُّ على أنَّ تسويةَ الصفوف: محاذاة المناكب والأقدام. وفي حديث النعمان: دلالة على أن الكعب هوَ العظم الناتيء في أسفل الساق، ليس هوَ في ظهر القدم، كما قاله قوم”. [فتح الباري لابن رجب 5/144]. وقال ابنُ بطال: “هذه الأحاديث تُفسِّرُ قولَه عليه السلام: (تراصُّوا فى الصف)، وهذه هيئةُ التراص، وفيه: أنَّ الكعبَ هو العظمُ الناتئ فى أثر الساق ومؤخر القدم، كما قال أهل المدينة”. [شرح ابن بطال 3/427]. وقال ابنُ حَجَر رحمه الله: “هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْقَاسِم الْجَدَلِيِّ وَاسْمُهُ حُسَيْن بْن الْحَارِث قَالَ اَلنُّعْمَان بْن بَشِير يَقُولُ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: (أَقِيمُوا صُفُوفكُمْ ثَلَاثًا، وَاَللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اَللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ. قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْت الرَّجُلَ مِنَّا يَلْزَقُ مَنْكِبه بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ). وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ النُّعْمَان هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَعْبِ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ الْعَظْم النَّاتِئ فِي جَانِبَيْ الرِّجْلِ – وَهُوَ عِنْدَ مُلْتَقَى السَّاقِ وَالْقَدَمِ – وَهُوَ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَلْزَقَ بِاَلَّذِي بِجَنْبِهِ، خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَعْبِ مُؤَخَّر الْقَدَم، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ يُنْسَبُ إِلَى بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَلَمْ يُثْبِتْهُ مُحَقِّقُوهُمْ، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيّ قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكَعْبَ فِي ظَهْر الْقَدَم”. [فتح الباري 3/77].

    والموفَّقُ من حافظ على سُنةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وصلى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي.

  • خرقة الحيض وتأخير الزواج

    هل صحيح أن الفتاة عند الحيض إذا رمت الخرقة بدمها يكن هناك عارض وتأخر في الزواج؟

    وهل صحيح إنه في زول ممكن يعمل لزول عمل؟ إذا نعم كيف أعرف؟ وماذا أفعل؟ جزاك الله خير

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فعلى المسلم أن يعتقد أن كل شيء بقدر، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وعليه أن يأخذ بالأسباب الشرعية الموصلة إلى الأغراض الدينية والدنيوية المشروعة، ولا يتعلق بالخرافات والأوهام والأساطير؛ قال تعالى ((قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)) وقال سبحانه ((ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله)) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس وهو يعلِّمه {واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك}

    ولا صحة لما يقال من أن الفتاة إذا رمت خرقة الحيض بدمها يكون ذلك سبباً لتأخير زواجها، بل هذا منكر من القول وزور، والزواج من الأمور التي تجري بقدر الله تعالى، وأما السحر فوجوده حقيقة وقد ذكره ربنا في القرآن وأمرنا أن نستعيذ من شر النفاثات في العقد، لكن ما ينبغي للمسلم أن يعيش خائفاً وجلاً هياباً، يعتقد أن للسحرة قدرة على كل شيء، بل عليه أن يحافظ على الأذكار الشرعية والتحصينات النبوية، وعليه أن يعتقد يقيناً أن كيد الشيطان ضعيف، وليس فعل الساحر إلا من كيد الشيطان، والله الموفق والمستعان.

  • حدود التعامل بين الجنسين في الجامعة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا طالب في كلية الصيدلة، وهي كلية عملية، ونضطر للتعامل مع الطالبات؛ فإذا طلبت مني إحدى الطالبات أن أشرح لها شيئاً لم تفهمه في المنهج باعتباري طالب متفوق؛ هل أوافق أن أشرح لها؟ هل يجوز ذلك أو لا يجوز؟

    كما أننا نتواصل عبر الفيسبوك هل يجوز لي التواصل معهم من خلاله؟ وما هي الحدود في التواصل عبر الفيس بوك؟ أرجو الرد لأنني أرى مخالفات في الجامعة وأود النصح و الدعوة ولكن ينقصني الحجة والأدلة؟ جزاكم الله  خيراً

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالطالب أجنبي عن الطالبة، لا يجوز له أن يخلو بها ولا أن يصافحها ولا أن ينظر إليها نظرة شهوة، بل ينبغي له أن ينزلها من نفسه منزلة أخته؛ فيحب لها ما يحب لأخته ويكره لها ما يكره لأخته؛ فيكون تعامله معها قائماً على المعاني التي تقتضيها الرجولة والشهامة والديانة من غوث الملهوف وإعانة المحتاج ونصرة المظلوم والدفاع عن العرض؛ مع التحلي بآداب الإسلام في غض البصر وصيانة العرض والذود عن الحريم، وهذه صفات كان أهل الجاهلية يتمادحون بها؛ حتى قال قائلهم:

    وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها

    وليس بمؤتمن ذاك الذي يهتبل وجود الطالبة معه ليمارس معها ما لا يرضاه لأخته من الغزل والهزل وتبادل كلمات الحب والغرام، أو ملامستها وممازحتها ومحاولة التعدي على عرضها مع بذل الأماني العاطلة والعواطف الكاذبة لها؛ وقد قيل في صنيع هذا وأمثاله:

    يا هاتكاً حُرَمِ الرجال وقاطعاً سُبُل المودة عشت غيرَ مكرَّم

    لو كنت حراً من سلالة ماجد ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم

    وعلى الطالبة أن تتقي الله ربها وتلتزم أحكام دينها؛ لئلا تكون فتنة للناس وحبلاً من حبائل الشيطان، فعليها أن تغض بصرها وتلزم حجابها وعفافها وحياءها، ولا تبدي زينة ولا تضرِبَ برِجلٍ ولا تخضع بقول فيطمع الذي في قلبه مرض، بل تكون خفيضة الصوت كثيرة الصمت ظاهرة الحياء في هيئتها ومشيتها وملبسها؛ لتنال احترام الطيبين الصالحين، ويهابها أهل الشر من المفسدين.

    وعلى كل عاقل من الجنسين أن يسد الذرائع المفضية إلى ارتكاب الحرام، وأن يوصد الأبواب التي يمكن أن يلج منها الشيطان؛ فإن الشيطان قد يأتي للطالب أو الطالبة من باب من أبواب الخير في ظاهرها؛ فيقول: ما الخطب فيما لو شرحت لها درساً أو شرحت لك مسألة؟ وهكذا يزين لهما الاختلاط من هذا الباب، وقد علم كل عاقل أنه يمكن للطالبة أن تشرح لزميلتها كما أن الطالب يمكنه الاستعانة بزميل، وكذلك التواصل عبر الفيسبوك وغيره من الوسائط الحديثة فتح أبواباً للشر عريضة، وخير لمن أراد السلامة والنجاة أن يسد تلك الأبواب، والله الموفق والمستعان.

زر الذهاب إلى الأعلى