الفتاوى

  • هل عبد سيدنا إبراهيم الشمس والقمر؟

    السلام عليكم ورحمة شيخ عبد الحي، هل سيدنا إبراهيم عبد الشمس والقمر؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فإن الخليل إبراهيم عليه السلام لم يعبد سوى الله عز وجل، ولم يتلبس بشرك قط؛ لأن الله سبحانه نفى ذلك عنه بقوله {ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين} وبقوله {إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين} وبقوله على لسانه {إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين} وأما قوله {هذا ربي} فهو محمول على وجوه ذكرها أهل التفسير أشهرها وجهان: أولهما أن إبراهيم عليه السلام قال ذلك على اعتباره مناظراً لا ناظراً، والمناظر قد يطرح بعض الأمور على سبيل الافتراض، أي أن معنى كلامه: افترضوا أن هذا ربي. مثلما قال سبحانه مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم {قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين} وهو عليه الصلاة والسلام يعلم يقيناً أنه محال أن يكون لله ولد، وقال {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} وهو يعلم يقيناً أنه على هدى.. الوجه الثاني: أن في الكلام همزة استفهام مقدرة، والمعنى (أهذا ربي؟)

  • قتل الجراد بالنار

    في بعض المزارع يكون الجراد كثيرا ويتضرر منه الناس حيث يأكل الزروع؛ فتأتي فرق المكافحة وتحفر حفراً صغاراً، ويكون معهم شيء من البنزين فإذا سقط صغار الجراد أحرقوه بالنار؛ فهل هذا يدخل ضمن النهي عن التعذيب بالنار؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    فللجواب عن هذا السؤال أذكر عدة مسائل؛ وأسأل الله تعالى لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح:

    أولاً: الجراد من جند الله عز وجل يرسله على من شاء من عباده، وقد أرسله الله عذاباً على قوم فرعون حين استكبروا عن قبول دعوة موسى عليه السلام؛ قال سبحانه {فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين}

    ثانياً: قد ورد النهي عن قتله في حديث أخرجه البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في الكبير والأوسط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقتلوا الجراد؛ فإنه جند الله الأعظم) وقد أورد السيوطي في الجامع الصغير، وحسنه الشيخ الألباني. قال البيهقي في شعب الإيمان: وهذا إن صح، فإنما أراد به ـ والله أعلم ـ إذا لم يتعرض لإفساد المزارع، فإذا تعرض له جاز دفعه بما يقع به الدفع من القتال والقتل، أو أراد به تعذر مقاومته بالقتال والقتل.ا.هـــــــــــــــــــــــــــ

    ثالثاً: لا خلاف بين العلماء في جواز قتل الجراد إذا حصل منه الإفساد؛ قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره للآية 133 من سورة الأعراف: واختلف العلماء في قتل الجراد إذا حل بأرض فأفسد؛ فقيل: لا يُقتل. وقال أهل الفقه كلهم: يُقتل. احتج الأولون بأنه خلق عظيم من خلق الله يأكل من رزق الله ولا يجري عليه القلم. وبما روي: (لا تقتلوا الجراد فإنه جند الله الأعظم) واحتج الجمهور بأن في تركها فساد الأموال، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم بقتال المسلم إذا أراد أخذ ماله؛ فالجراد إذا أرادت فساد الأموال كانت أولى أن يجوز قتلها. ألا ترى أنهم قد اتفقوا على أنه يجوز قتل الحية والعقرب؟ لأنهما يؤذيان الناس فكذلك الجراد.ا.هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    رابعاً: إذا أمكن قتله بأي وسيلة سوى الإحراق فذاك هو المطلوب؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (قرصت نملة نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل، فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح) رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه.  وقال عليه الصلاة والسلام (لا يعذب بالنار إلا رب النار) رواه أبو داود.

    خامساً: لا حرج إن شاء الله تعالى في صنيع أولئك الناس من قتل تلك الحشرات بالنار؛ لأنه ليس ثمة طريق لكف أذاها إلا ذاك السبيل؛ وقد ذكر ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى فقال: ليس استعمال النار محرمًا في كل حال، بل إنما يكون إذا قصد به التعذيب، يعني: أن يعذب الإنسان الحيوان بالنار، هذا هو المحرم، وأما إذا قصد إتلاف المؤذي، ولا طريق إلى إتلافه إلا بالإحراق؛ فإن هذا لا يعد تعذيبًا بالنار، بل إنما هو قتل بالنار، ففرق بين التعذيب الذي يقصد به إيلام الحيوان والعنت عليه والمشقة وبين إتلاف الحيوان بطريق لا نتوصل إليه إلا بالنار، ولهذا في قصة نبي من الأنبياء أنه لسعته نملة، فأمر أن تحرق قرية النمل كلها، فأوحى الله إليه: هلّا نملة واحدة. يعني: هلّا أحرقت نملة واحدة. وهذا دليل على أنه إذا لم نتوصل إلى الخلاص من أذية بعض الحيوان إلا بالنار، فإن ذلك لا بأس به. وها هو الجراد يؤخذ ويشوى بالنار ويؤكل، كما جاء ذلك عن السلف، ولا ريب أن شيه بالنار هو إتلاف له عن طريق النار، والذي لا يحرق بالنار أي: لا يشوى بها، هو يغمس في الماء الذي يغلي حتى ينضج ويؤكل. فالمهم أنه يجب علينا أن نعرف الفرق بين كوننا لا نتوصل إلى دفع أذية الحشرة أو الحيوان إلا بالنار أو لا نتوصل إلى الانتفاع به إلا عن طريق النار، كما في شيّ الجراد وغمسه بالماء الحار، وبين أن نتخذ النار وسيلة تعذيب لهذا الحيوان، والمحرم إنما هو تعذيب الحيوان بالنار لا الوصول إلا الغاية منه أو التخلص منه عن طريق النار إذا كان لا يمكن التوصل إلا بها.ا.هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والعلم عند الله تعالى

  • مشاهدة مباريات كأس العالم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    فإن الأصل في الأشياء الإباحة؛ لكن هذه البراءة الأصلية لا بد أن نستصحب معها جملة من المحاذير التي يجب اجتنابها عند مشاهدة تلك المباريات:

    أولها: تضييع الصلوات؛ فإنه لا خير في عمل يلهي عن الصلاة، والله جل جلاله ذم قوماً {أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} وحال كثير من الناس أنه قد يؤدي به إدمان مشاهدة كرة القدم ومتابعة أخبارها إلى تضييع الصلوات من حيث الأصل، أو تضييع إقامتها مع جماعة المسجد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام؛ ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس؛ ثم أخالف إلى رجال يصلون في بيوتهم فأحرق عليهم بيوتهم).

    ثانيها: تضييع السعي على الواجبات المنوطة بكل واحد منا؛ كطلب العلم الواجب على العبد طلبه، أو الضرب في مناكب الأرض لإطعام الأهل والعيال.

    ثالثها: ما يصحب تلك المباريات من مشاهد مخالفة للشرع كصور النساء المتبرجات فواجب على العبد أن يغض بصره. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه (لا تُتبع النظرةَ النظرةَ فإنما لك الأولى وعليك الثانية)

    رابعها: على العبد أن يحذر من أن يوالي كافراً عدواً لله ورسوله أو يعادي مؤمناً ولياً لله ورسوله؛ من أجل كرة القدم؛ فما ينبغي أن تهتز عقيدة الولاء والبراء من أجل أمر هو في غايته (لعبة)

    خامسها: تجنب الإسراف في تلك المشاهدات؛ فإن الله تعالى سائلنا عن أعمارنا في أي شيء أذهبناها؛ أفي حق أم في باطل؟ أفي خير أم في شر؟ فيا ضيعة الأعمار تمضي سبهللا، والعاقل من أعد للسؤال جوابا (عن عمره فيما أفناه).

    ولقد صدق في وصف تلك اللعبة من قال في حقها وحق مدمنيها:

    أمضى الجسور إلى العلا * بزماننا كرة القـدم

    تحتل صـدر حيـاتنا * وحديثها في كل فم

    وهي الطريق لمن يريـ * ـد خميلة فوق القمـم

    أرأيت أشهرَ عندنـا * من لاعبي كرة القدم؟!

    أهم أشـدُّ توهجـا * أم نار برقٍ في علم؟!

    لهم الجباية والعطـاء * بلا حدود والكـرم

    لهم المزايا والهبـات * وما تجود به الهمـم

    ولعالِمٍ سهرَ الليا * ليَ عاكفاً فوقَ القلمْ

    ولزارعٍ أحيا الموا * تَ فأنبتتْ شتّى النِّعمْ

    ومقاتلٍ حُرمَ السُّها * دَ ولمْ يزلْ رهنَ الحممْ:

    بعضُ الفتاتِ لكي تعيـ * ـشَ عَلِيّةً كرةُ القدمْ!

    فبفضلها سيكون هـ * ـذا الجيلُ مِن خيرِ الأممْ!

    وبفضلها يأتي الصبا * حُ وينتهي ليلُ الظُّلَمْ!

    وتُرَدُّ ص h يونُ التي * ما ردَها عِلمٌ وفَهمْ!

    كرةُ القدمْ..

    الناسُ تســهَرُ عندها * مبهورة حتى الصباحْ

    لتشاهدَ الفرسانَ يعـ * ـتركونَ في ساحِ الكفاحْ

    يعلوْ الهتافُ وتملأ الـ * آفاقَ أصواتُ الصياحْ

    هذا يشجعُ لاعبا * هذا جناحٌ، ذا جَناح

    اللاعبونَ أُسُودُ غا * بٍ يمْسحونَ لظى الجراحْ

    فيعانَقونَ، يطوَّقو * نَ الوَردَ أو زهرَ الأَقاح..

    وإذا دعا داعي الجhا * دِ وقالَ: حيّ على الفلاحْ

    هيا إلى ردّ العدوِّ * المستكنّ على البِطاح

    غطّ الجميعُ بنومهمْ * فوزُ الفَريقِ هوَ الفَلاح!!

    فوز الفريق هو السبيـ * ـلُ إلى الحضارة والصلاحْ

    وإلى اعتلاء العابرا * تِ، إلى الفضا فوقَ الرياح

    والعلمُ من لغوِ الحديـ * ـث، ودربهُ وخْزُ الجِراحْ

    كرة القدمْ..

    صارت أجلّ أمورنا * وحياتنا هذا الزمنْ

    أكلتْ عقول شبابنا * ويهودُ تجتاح المدن

    وعَويلُ أطفالٍ يتامى * جُرّعوا كاسَ الحزَنْ

    كم مسلمٍ فقدَ الرعا * ية والحماية والسكنْ

    كم جائعٍ.. والمالُ يُهـ * ـدَرُ.. لا حسابَ ولا ثمن

    صارت أجـــلَّ أمــــورنـــا    *   وحياتَنا هذا الزمن

    ما عاد يشغلنا سواها    *   في الخفاء وفي العلنْ

    واللاعب المقدام تَصـ    *   ـنعُ رجلُه مجـدَ الوطنْ

    عجباً لآلاف الشباب    *   وإنهم أهـل الشـيمْ

    صرفوا إلى الكرة الحقيـ    *   ـرة فاستبيح لهم غنمْ

    دخل العـدو بلادهم    *   وضجيجُها زرعَ الصمَمْ

    أيسـجل التاريخ أنَّـــــــ    *   ـــــــــــا أمـةٌ مسـتهتـرة؟!

    شهدت سقوط بلادها    *   وعيونها فوق الكرة؟!!

  • تاجر مخدرات يدعم الدعوة

    صديق لي كان يعمل في تجارة المخدرات قبل خمس سنوات، وحكم عليه من المحكمة بالسجن. والآن هو يعمل التجارة الحلال، ولكنني لست متأكداً بأنه يعمل في تجارة المخدرات مع تجارات أخرى أم لا،  وهو يريد أن يصرف بعض ماله فى البرنامج الدعوية والتعليمة. هل نستفيد من ماله ونتصرف بها فى البرامج الدعوية؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإذا كان الظاهر من حال الرجل أنه يتعامل في المواد المباحة ويمارس تجارة حلالاً فلا حرج عليكم في الاستفادة من ماله في سائر الأنشطة المشروعة، وإذا غلب على ظنكم أنه لا يزال على صلة بالاتجار في المخدرات فلا حرج كذلك في الانتفاع بهذا المال الخبيث في أبواب الخير – كالنفقة على المساجد والأنشطة الدعوية – وذلك لأنه يجب عليه التخلص منه وعدم الانتفاع به في شأن خاص، مع أخذ الحذر التام من دخول شيء من ذلك المال عليكم؛ لأنه مال خبيث، والله تعالى أعلم.

  • كيفية صلاة الإستسقاء

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    الاستسقاء هو طلب السقيا عند حلول القحط والجدب بالمسلمين، وصفتها ثابتة في حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: {خَرَجَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَوَاضِعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَخَشِّعًا، مُتَرَسِّلًا، مُتَضَرِّعًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا يُصَلِّي فِي اَلْعِيدِ، لَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ} رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ. وكان صلى الله عليه وسلم يخطب خطبة واحدة جامعة يدعو فيها ويستغفر ويحول ردائه ثم يصلي ركعتين يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً بدون تكبيرة الانتقال كصلاة العيد. وأما الدعاء المسنون فهو ثابت من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: { شَكَا اَلنَّاسُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ الْمَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ، فَوُضِعَ لَهُ فِي اَلْمُصَلَّى، وَوَعَدَ اَلنَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ اَلشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى اَلْمِنْبَرِ، فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اَللَّهَ، ثُمَّ قَالَ: “إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدَبَ دِيَارِكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمْ اَللَّهُ أَنْ تَدْعُوَهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ، اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ” ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى اَلنَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبِلَ عَلَى اَلنَّاسِ وَنَزَلَ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اَللَّهُ سَحَابَةً، فَرَعَدَتْ، وَبَرَقَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ}  رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

  • أريد أن أتوب ولكن!!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عمري 42 عاما، عشت ما مضى منها في الانغماس في كافة أنواع الفواحش، وصدقت نيتي في التوبة وقرأت عن موضوع التوبة كثيرا .. ولي سؤالان:

    1. ماذا عن الصلوات المكتوبة التي لم أؤدِّها منذ بلوغي وإلى اليوم .. كنت أصلي وقتاً أو وقتين في اليوم وأتوقف شهوراً ثم أعود يوماً ويومين وأنقطع مرة أخرى .. وكنت أصوم رمضان أحيانا، ولا أصلى أثناء الصيام.
    2. عملت في خارج السودان وداخله في أعمال، وكنت أحياناً آخذ من المال أو الأشياء الموضوعة بعهدتي بكميات قليلة من دون علم صاحب العمل .. وطالت المدة وانقطعت معرفتي بمن عملت معهم وأغلبهم خارج السودان، ولا أعلم كيف أرد لهم مالهم .. وحتى الآن لا أملك مالاً لأرده لهم ولا أعمل حاليا .. فماذا أفعل إن وجدت مالاً وأنا لا أعلم وسيلة توصلني للذين أخذت منهم مالاً فيما سبق؟ أفيدوني أفادكم الله

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فالحمد لله الذي منَّ عليك بالتوبة النصوح وأسأل الله تعالى أن يتوفانا جميعاً مسلمين وأن يستعملنا صالحين، والصلوات التي فاتتك ليس عليك قضاؤها لأن مذهب جمع من أهل العلم أن الصلاة لا تُقضى إذا كان تركها عمداً لا سهواً ولا نسياناً وهو ما يصدق على مثل حالتك، بل المطلوب منك التوبة والاستغفار مما مضى وأن تواظب على صلاتك في مقبل أيامك وتكثر من النوافل ما استطعت إلى ذلك سبيلا. وأما الصيام فواجب عليك قضاؤه لأنه دين في ذمتك؛ فعليك أن تحصي الأيام التي أفطرت فيها وتقضيها مكان كل يوم يوماً، مع الإكثار من الاستغفار، وكذلك الأموال التي أخذت بغير حق يجب عليك ردها إلى أربابها دون أن تفضح نفسك؛ فإن عجزت عن الوصول إليهم فتصدق بها عنهم على نية أن تسلم بين يدي الله عز وجل يوم القيامة، والله الموفق والمستعان.

  • الوتر في حال الجمع والقصر

    كان قاصرا صلاة المغرب والعشاء، هل يمكن له ان يصلي ركعتي الشفع وركعة الوتر بعد صلاة القصر؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    فهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم؛ حيث ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن وقت الوتر مرتبط بصلاة العشاء وليس بدخول وقت العشاء، فمن صلى العشاء مع المغرب تقديما فلا حرج عليه أن يصلي بعده الوتر، وأما المالكية رحمهم الله تعالى فإنهم يرون أن الوتر مرتبط وقته بوقت العشاء؛ فمن صلى العشاء تقديماً فلا يصلي الوتر إلا بعد مغيب الشفق؛ وقد جاء تلخيص ذلك في الموسوعة الفقهية؛ حيث قالوا: وَقْتُ الْوِتْرِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ ـ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ـ يَبْدَأُ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ خَارِجَةَ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهِ: فَصَلُّوهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالُوا: وَيُصَلَّى اسْتِحْبَابًا بَعْدَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ، لِيُوَالِيَ بَيْنَ الْعِشَاءِ وَسُنَّتِهَا، قَالُوا: وَلَوْ جَمَعَ الْمُصَلِّي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ، أَيْ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ فَيَبْدَأُ وَقْتُ الْوِتْرِ مِنْ بَعْدِ تَمَامِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ….. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَوَّل وَقْتِ صَلاَةِ الْوِتْرِ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحَةِ وَمَغِيبِ الشَّفَقِ، فَمَنْ قَدَّمَ الْعِشَاءَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ فَإِنَّهُ لاَ يُصَلِّي الْوِتْرَ إِلاَّ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ… اهـ

  • حديث افتراق الأمة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أرجو من سيادتكم الموقرة شرح حديث: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة الى آخره، مع ذكر أقوال أهل العلم فيه، وشكرا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فهذا الحديث رواه جمع من الصحابة، وخرَّجه الأئمة العدول الحفاظ، كالإمام احمد، وأبي داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، وابن حبان، وأبي يعلى الموصلي، وابن أبي عاصم، وابن بطة، والآجري، والدارمي، واللالكائي. كما صححه جمع من أهل العلم كالترمذي، والحاكم، والذهبي، والسيوطي، والشاطبي، وأيضًا للحديث طرق حسنة كثيرة، بمجموعها تصل إلى حد القول بصحته. ونصه (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) وفي بعض الروايات (هي الجماعة).

    وهذا الحديث علم من أعلام النبوة؛ وتأكيد على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله حقاً؛ حيث أخبر فيه عليه الصلاة والسلام بأمر غيبي، وقد حصل كما أخبر؛ فافترقت الأمة بعد وفاته إلى فرق كثيرة.

    والمقصود بهذا الحديث تلك الفرق التي خالفت الصحابة في أصول الدين وأمور الاعتقاد؛ كالرافضة والخوارج والقدرية والجبرية، وليس مقصوداً به الاختلافات التي حصلت في الفروع الفقهية في أبواب الحلال والحرام كالتي بين المذاهب المتبوعة، وليس مقصوداً به كذلك جماعات العمل الإسلامي المعاصر التي تتفق في أصول الدين لكنها تختلف في وسائل الدعوة إلى الله، وكيفية العمل لنصرة هذا الدين اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد. ويختلفون كذلك في فقه الواقع مما له مساغ اجتهاد ومساحة تعدد.

    هذا وقد اختلفت أقوال أهل العلم في تحديد الفرقة الناجية التي ورد ذكرها في هذا الحديث، وقد ذكر الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في كتاب (الاعتصام) خمسة أقوال:

    أولها: أنهم السواد الأعظم: قال: فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة، وعلماؤها، وأهل الشريعة العاملون بها، ومن سواهم داخلون في حكمهم، لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم.

    ثانيها: أنهم أئمة العلماء المجتهدون: والمقصود بهم العلماء الأعلام من أئمة الهدى المتبعين للكتاب والسنة، قال الشاطبي: فمن خرج على علماء الأمة مات ميتة جاهلية.

    ثالثها: أنهم الصحابة على الخصوص؛ قال الشاطبي: فعلى هذا القول فلفظ الجماعة مطابق للرواية الأخرى، في قوله عليه الصلاة والسلام: (ما أنا عليه وأصحابي) فكأنه راجع إلى ما قالوه، وما سنوه، واجتهدوا فيه حجة على الإطلاق.

    رابعها: أنهم جماعة أهل الإسلام: إذا أجمعوا على أمر وجب على بقية أهل الملل اتباعهم، قال الشاطبي: وكأن هذا القول يرجع إلى الثاني وهو يقتضي أيضاً ما يقتضيه، أو يرجع إلى القول الأول وهو الأظهر.

    وهذا القول الرابع لم يسنده الشاطبي رحمه الله تعالى لقائل؛ وهو يتضمن إشكالاً من حيث كون أهل الإسلام أنفسهم ينقسمون إلى فرق؛ وإنما المقصود تحديد الفرقة الناجية؛ ولذلك فالأولى إسقاطه

    خامسها: أنها جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير وجب على بقية الأمة لزومه. قال الشاطبي في بيانه: وحاصله أن الجماعة راجعة إلى الاجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنة، وذلك ظاهر في أن الاجتماع على غير سنة خارج عن معنى الجماعة المذكورة في الأحاديث المذكورة، كالخوارج ومن جرى مجراهم

    قال المباركفوري رحمه الله تعالى في كتاب (تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي) نقلاً عن الإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي قوله: قد علم أصحاب المقالات أنه صلى الله عليه وسلم لم يُرد بالفرق المذمومة المختلفين في فروع الفقه، من أبواب الحلال والحرام، وإنما قصد بالذم من خالف أهل الحق في أصول التوحيد، وفي تقدير الخير والشر، وفي شروط النبوة والرسالة، وفي موالاة الصحابة، وما جرى مجرى هذه الأبواب، لأن المختلفين فيها قد كفَّر بعضهم بعضاً، بخلاف النوع الأول، فإنهم اختلفوا فيه من غير تكفير ولا تقسيم للمخالف فيه، فيرجع تأويل الحديث في افتراق الأمة إلى هذا النوع من الخلاف.ا.هـــ

  • حكم تقشير البشرة

    هل يجوز تقشير البشرة سواء الوجه أو الجسم؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فلا يجوز تقشير البشرة؛ بإزالة القشرة الخارجية للجلد ليبدو أكثر نضارة؛ وذلك لما رواه الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم القاشرة والمقشورة، والواشمة والموشومة، والواصلة والمتصلة) وهذا الحديث وإن كان في إسناده مقال إلا أن جمهور العلماء قد أخذوا به؛ باعتبار ما في التقشير من تغيير خلق الله عز وجل؛ فيلحق بالوصل والوشم والوشر والتفليج الثابت النهي عنها جميعا؛ لما فيها من تشبه بالفاجرات ولما تتضمن من تدليس؛ ولما يترتب عليها من ضرر، والعلم عند الله تعالى

  • إقامة الحد لقبول التوبة

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالواجب على المذنب أن يتوب لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} ولقول النبي صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله وأستغفره في كل يوم مائة مرة) رواه أحمد. وليس من شرط قبول التوبة إقامة الحد؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرشد من جاءه مقراً على نفسه بالذنب أن يستر على نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه كما فعل مع ماعز والغامدية رضي الله عنهما، وقال عليه الصلاة والسلام (من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله) رواه مالك.

    أما إذا تعلقت المعصية بحقوق الناس فلا بد من رد الحقوق إلى أهلها حتى تصح التوبة والله تعالى أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى