الفتاوى

  • إسبال الرجل ثيابه

    ما حكم إسبال الرجل ثيابه؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فقد ثبتت الأحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم في النهي عن الإسبال والتشديد في منعه؛ كقوله عليه الصلاة والسلام {لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء} وقوله {ما أسفل الكعبين فهو في النار} وقوله {ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب} وتشتد الحرمة إذا اقترن بالإسبال قصد الخيلاء، والله تعالى أعلم.

  • لا يريد أطفالا بسبب الوضع الإقتصادي

    السلام عليكم أريد أن أعرف حكم شاب تزوج وقرر عدم الإنجاب لعدم استعداده اقتصادياً للأطفال، ولكنه أراد أن يقضي شهوته فاستخدم العوازل لمنع الحمل. وما حكم استخدام اللولب لمنع الحمل؟ وشكرا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فلا مانع من استخدام موانع الحمل بأنواعها، وذلك بشروط خمسة:

    1ـ ألا يكون في استخدامها ضرر على المرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وابن ماجه وصححه الألباني في غاية المرام

    2ـ أن يكون ذلك برضا الزوجين، لأن إيجاد النسل من مقاصد النكاح الأساسية، وهو حق ثابت لكل واحدٍ منهما، فلا يجوز لأحدهما منع الآخر منه بدون رضاه.

    3ـ أن تدعو الحاجة إلى ذلك، كتعب الأم بسبب الولادات المتتابعة، أو ضعف بنيتها، أو غير ذلك.

    4ـ ألا يكون القصد من استخدام هذه الحبوب هو قطع النسل بالكلية

    5ـ أن تكون المصلحة المرجوة من استعمالها راجحة على المفسدة المتوقعة

    ولا يجوز لهذا الإنسان أن يمنع الحمل بدعوى أنه لا يضمن له عيشاً كريماً؛ فإنه لا يملك رزق نفسه بل الله عز وجل هو الذي يرزق الصغير والكبير، وقد قال في خطاب هذا وأمثاله {نحن نرزقكم وإياهم} وقال في موضع آخر {نحن نرزقهم وإياكم} قال المفسرون: كأن الله تعالى ينبه على أن الصغير قد يكون سبباً في رزق الكبير كما أن الكبير – غالباً – يكون سبباً في رزق الصغير. ومهما يكن من أمر فإن التأجيل سائغ إلى أمد قريب لكن أن يعلق ذلك على تحسن الأحوال الاقتصادية فليس بصواب، والله الهادي إلى سواء السبيل.

  • يريد الزواج وأبوه رافض

    سؤالي هل يجوز الكذب على الوالد لإقناعه بالخطوبة والزواج مبكراً؛ مثلاً أن يقول رأيت رؤيا تحثني على الخطوبه والزواج مبكراً؟ أو سألت بعض المشايخ فدلوني على تعجيل الخطبة؛ علماً أن والدتي موافقه على هذا الأمر لكن الوالد يقول أجل هذا الأمر إلى وقت أخر دون أي تبرير مقنع!! علماً بأن والدي مقتدر مادياً وأيضاً لديَّ الرغبه التامة بالزواج مبكراً لكي أعف نفسي من هذه الفتن وأخذ البركة في هذا الأمر أيضاً أتمنى أن تعطوني بعض النصائح لكي أقنع والدي  أتمنى الإجابة سريعاً الله يوفقكم ويسدد خطاكم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا يجوز الكذب بادعاء رؤيا لم تكن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «إن أفرى الفرى أن يري العبد عينيه ما لم تريا» وقوله «من تحلم بما لم ير كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين» لكن يمكنك أن تسأل بعض المشايخ ثم تخبر والدك بالذي قالوه، وأنت محقٌّ أيها الشاب في سعيك لإعفاف نفسك وإحصان فرجك؛ حفظاً لدينك وصيانة لعرضك، وقد رغَّبك النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال «من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» ويجب على الوالد – أصلحه الله – أن يحقق لك رغبتك هذه ما دام قادراً، والله الموفق والمستعان.

  • التكبير في عيد الفطر

    السلام عليكم ورحمة الله، تقبل الله منا ومنكم الطاعات، وكل عام وأنتم بخير، أود أن أسأل عن تكبيرات عيد الفطر دبر الصلوات هل هي يوم العيد فقط؟ أم تستمر ليومين بعده؟ جزاكم الله خيرا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فالتكبير لعيد الفطر يكون من ليلة العيد وإلى أن يخرج الإمام للصلاة، وليس ثمة تكبير بعد ذلك، أما في عيد الأضحى فإن التكبير يكون من يوم عرفة ولا ينقضي – عند جمهور العلماء – إلا بمغيب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق؛ عملاً بقول الله تعالى {واذكروا الله في أيام معدودات} والله تعالى أعلم.

  • استرقاق الأسرى

    هل هناك مانع (شرعي) من أن يقوم المجاهدون في مواقع الجهاد المختلفة باسترقاق الأسري واتخاذ رجالهم عبيداً ونسائهم إماء؛ كما كان الحال أيام رسول الله r وحتى وقت قريب؟ أكرر أني اسأل عن المانع الشرعي إن وجد وليس عن ما تعارف عليه الناس.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

     فالإمام ـ أعني الحاكم ومن يقوم مقامه كقائد الجيش ونحوه ـ يتصرف في الأسرى وفق ما تقتضيه المصلحة من خلال خيارات أربعة، وهي القتل أو الاسترقاق أو المن أو الفداء؛ ودليل ذلك قوله تعالى )فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما مناً بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها( مع فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث قتل بعضهم؛ كما فعل بعقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث يوم بدر، ومنَّ على آخرين كما فعل ببني المصطلق، ولا مانع شرعاً من استرقاق الأسرى لأن الحكم باق ولم ينسخه شيء، ومرد ذلك إلى تحقيق مصلحة المسلمين، والله تعالى أعلم.

  • فضل سورة الحشر والواقعة

    السؤال الأول: ما هو فضل قراءة سورة الحشر وهل هنالك أحاديث وردت فيها؟

    السؤال الثاني: سمعت بعض الناس يقول من قرأ سورة الواقعة لم تصبه فاقة ما صحة المقال؟ وجزاكم الله خيرا وتقبل الله منا الصيام والقيام

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالحديث المروي في فضل سورة الواقعة رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق والحافظ أبو يعلى وابن السني في عمل اليوم والليلة عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه لما مرض مرضه الذي توفي فيه، فعاده عثمان بن عفان فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي. قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي. قال ألا آمر لك بطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني. قال: ألا آمر لك بعطاء؟ قال: لا حاجة لي فيه. قال: يكون لبناتك من بعدك؟ قال: أتخشى على بناتي الفقر؟ إني أمرت بناتي يقرأن كل ليلة سورة الواقعة، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من قرأ سورة الواقعة كل ليلة، لم تصبه فاقة أبدا” وقد أعل الزيلعي هذا الحديث بأربع علل: أولاها: نكارة متنه، وثانيها: اضطراب إسناده، وثالثها: الانقطاع، ورابعها: ضعف رواته. وقد حكم عليه بالضعف جهابذة المحدثين كالإمام أحمد وأبي حاتم وابنه والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي؛ فهو حديث ضعيف.

    وأما سورة الحشر فقد ورد في فضل الآيات الأخيرة منها ما رواه الترمذي عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات في يومه مات شهيداً ومن قرأها حين يمسي فكذلك. قال الترمذي: حديث حسن غريب.

    وأما الأحاديث الأخرى الواردة في فضلها فإنها لا تثبت كحديث ابن عباس الذي رواه الثعالبي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (من قرأ سورة الحشر لم يبق شي من الجنة والنار والعرش والكرسي والسموات والأرض والهوام والريح والسحاب والطير والدواب والشجر والجبال والشمس والقمر والملائكة إلا صلوا عليه واستغفروا له. فإن مات من يومه أو ليلته مات شهيدا) وكذلك ما أخرجه عن أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (من قرأ آخر سورة الحشر لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ – إلى آخرها- فمات من ليلته مات شهيدا). والله تعالى أعلم.

  • هل يجوز وصف النبي بالطريد؟

    وصف أحد الكُتاب النبي صلى الله عليه وسلم بـ”الطريد”؛ مع أنه لم يقصد التنقيص من مقامه الشريف، ونص كلامه: “…. ويأتي سراقة بن مالك ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فتغوص قدما فرسه في الرمل ويتعثر ويستغيث بالنبي عليه الصلاة والسلام، فيرحمه رسول الله ويعطيه الأمان بموقف شامخ راسخ، قائلا له: (ما قولك إذا لبست سواري كسرى)! ها هو النبي يعد بسواري كسرى؛ وهو طريد شريد ملاحق مهدد بالموت فأي شخص هذا؟ وأي ثبات ذلك الثبات؟” ولكنني أنكرت هذا الوصف واعتبرته سوء أدب، فلو تفضلتم بزيادة بيان، وجزاكم الله خيرا.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فهذا الوصف أعنى (الطريد) ورد في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اجتمع أناسٌ من الأنصار فقالوا: آثر علينا غيرنا!! فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فجمعهم؛ ثم خطبهم فقال: {يا معشر الأنصار: ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله؟} قالوا: صدق الله ورسوله. قال: {ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله؟} قالوا: صدق الله ورسوله. قال: {ألم تكونوا فقراء فأغناكم الله؟} قالوا: صدق الله ورسوله. ثم قال: {ألا تجيبونني؟ ألا تقولون: أتيتنا طريداً فآويناك؟ وأتيتنا خائفاً فآمناك؟ ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبقر وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم فتدخلونه بيوتكم؟ لو أن الناس سلكوا وادياً أو شعبة وسلكتم واديا أو شعبة سلكت واديكم أو شعبتكم. لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، وإنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض} وعليه فإن استعمال هذه اللفظة واردة في الحديث النبوي وقد نطق بها خير البشر صلى الله عليه وسلم؛ لكن إذا كان عرف بلدٍ ما يحملها على معنى غير صحيح فما ينبغي استعمالها لا كتابة ولا نطقاً، مثلها في ذلك لفظة هلك التي استعملها القرآن في حق نبي من الأنبياء كما قال سبحانه ((ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا)) وقد استقر عرف الناس على استعمالها في حق من مات على الكفر أو كان مشهوراً بالفسق ونحو ذلك، والله المستعان.

  • الجرتق وتصوير العرسان

    السلام عليكم ورحمة الله، ما حكم الجرتق وتصوير العروسين في الإستديو، وجزاكم الله خيرا.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    الجرتق عادة أدمنها بعض الناس في أعراسهم والحال ـ كما وصف النساء ـ أن العروسين ليلة زفافهما يجلسان فتقوم إحدى النساء برش اللبن عليهما ويُربط للعريس ما يسمى بالضريرة وهي حريرة يتوسطها شيء من الذهب، وفي الوقت نفسه يغني النساء ويزغردن، ولا شك أن هذه العادة قد اشتملت على جملة من المفاسد:

    أولها: أن بعض النسوة قد ارتبط اعتقادهن بحصول الحمل من عدمه بهذه العادة، فمن أجريت له تلك الطقوس ستحمل زوجه وتكون له ذرية ومن لا فلا، وهذا يعارض قول ربنا سبحانه وتعالى {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} وقوله تعالى {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله}

    ثانياً: أن مخالفات شرعية ترتكب حال القيام بتلك العادة، ومن ذلك:

    • الاختلاط الحاصل بين الجنسين حيث إن الرجل يجلس بين جماعة من النساء أغلبهن لسن من محارمه، ولربما يدخل ويجلس على تلك الحال غيره كذلك
    • تحليه بالذهب والحرير وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهما: «هذان حرام على ذكور أمتي حلٌّ لإناثها»
    • ما يصحب تلك الحال من أغان وأهازيج لا تخلو مما لا ينبغي ذكره عن محاسن العروس ووصف لجسدها وما إلى ذلك
    • قيام بعضهن برش العروسين باللبن، وهذا من تحقير نعمة الله واستخدامها في غير ما خلقت له {من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين}

    والذي أنصح به كل عروسين أن يحرصا على افتتاح حياتهما بطاعة الله عز وجل فبالطاعة يحصل الخير ويقل الشر وتقترب الملائكة وتبتعد الشياطين، وحريٌّ بمن أكرمه الله بالزواج أن يشكر ربه على نعمته، وأن يستعملها في طاعته، وأن يحيي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الزواج بأن يشرب مع عروسه لبناً وأن يدعو بأن يبارك الله له فيها، وأن يجعل بيته عامراً بالقرآن وطاعة الرحمن، وأسأل الله الهداية للجميع.

    وأما تصوير العروسين فلا حرج فيه إن شاء الله إذا كان القائم بذلك امرأة؛ لأنه لا يخفى أن العروس تكون في كامل زينتها وما ينبغي أن يراها رجل أجنبي على تلك الحال، والله تعالى أعلم.

  • تخصص في جامعة مختلطة

    السلام عليكم ورحمة الله. جزاك الله خيراً شيخ عبد الحي على ما تقدمونه من نفع للإسلام والمسلمين.

    أنا طبيبة وكنت أنوي التخصص في مجال النساء والتوليد إلا أني بعد زواجي وولادتي رأيت أنه يتطلب البقاء 24 ساعة في المستشفى مرة أو أكثر في الأسبوع بما لا يتناسب معي كزوجة وأم، واخترت بدلاً منه تخصص أمراض الدم وعلم الأمراض، يشجعني زوجي كثيراً على قراري هذا ولكني لم أجد هذا التخصص إلا في الجامعة التي تخرجت منها وهي جامعة مختلطة حيث ندرس السنة الأولى فيها قبل أن يتم توزيعنا على المستشفيات، فوجد زوجي في نفسه حرجاً من ذلك رغم أنه لا يمانع تخصصي ولا المجال الذي اخترته، مشكلته في الدراسة الجامعية المختلطة فأرجو الإفادة جزاكم الله خيرا.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.

    فلا شك أن الدراسة الجامعية في بلادنا تكتنفها في الغالب جملة من المحاذير الشرعية من حيث اختلاط الذكور بالإناث، وعدم مراعاة طبيعة كل من الجنسين في تحديد التخصص المناسب، أضف إلى ذلك أن كثيرين لا يرون في الأمر حرجاً أصلاً، ومن ثَمَّ  فإنهم لا يفكرون في تغييره أصلاً فضلاً عن سعيهم في ذلك رغم كثرة الجامعات التي أنشئت في الآونة الأخيرة.

    ومهما يكن من أمر فليس العلاج بأن يمتنع الطيبون والطيبات عن الدراسة أو يقلعوا عن التدرج في كمالاتها والتماس أعلى الشهادات في جميع التخصصات النافعة، بل عليهم أن ينخرطوا في تلك الجامعات لنيْل كل علم نافع مع مجاهدة أنفسهم في غض البصر وكف الأذى؛ لأنهم لو امتنعوا عن الدراسة بسبب المفاسد الموجودة لترتب على ذلك أن تخلو الجامعات ممن يرجون لله وقارا، وتصير خالصة لأهل الفساد والريبة.

    فالذي أراه لك وينبغي أن يقتنع به زوجك أن ميزان المفاسد والمصالح قاضٍ بدخولك تلك الجامعة لا رضا بالمنكر ولا إقراراً له بل سعياً لتغييره في أمد قريب إن شاء الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم “فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع” والله الموفق والمستعان.

  • الحب وعيد الحب

    ما حكم الحب الموجود بين طلبة الجامعات؟ وما حكم من تقع في عشق كل من يسمعها كلام الغزل؟ ما حكم الاحتفال بما يسمي بعيد الحب؟ في الختام رجاء شيخنا الجليل ان تخصصوا حلقات للحديث عن هذا المرض الذي استشرى بين شباب وبنات المسلمين وهدمت بيوت بسبب أن الناس لا يشعرون بحب أزواجهن وازدادت الخيانة للأزواج.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالذي يجري بين الطلبة والطالبات مما يسمونه حباً إنما حقيقته لهو وعبث وإزجاء للفراغ وتضييع للأعراض، ولو سألت واحداً ممن يمارسون ذلك فقلت له: هل ترضى لأختك أن تجالس الشباب على مقاهي الجامعات؟ وهل ترضى لها أن يخاطبها زميلها بكلمات الحب والهيام؟ وهل ترضى لها أن تخرج معه في نزهة أو رحلة؟ لكان جواب كل بشر سوي: لا. ولا كرامة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” وإذا وقع الإنسان في حب فتاة فينبغي له أن يزم نفسه بزمام الشرع، ويأتي البيوت من أبوابها إن كان ثمة طريق لذلك، وإلا فليصبر وليستعفف حتى يغنيه الله من فضله. وكذلك الحال بالنسبة للفتاة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “ومن يستعفف يعفه الله”

    وأما العيد المسمى عيد الحب فهو من أعياد النصارى، بل هو أقذر أعيادهم حيث يتجهزون فيه لممارسة الجنس على أوسع نطاق، وتوزع الأكياس الواقية على المدارس الثانوية والجامعات في أوروبا وأمريكا لارتكاب فاحشة الزنا في دورات المياه وغيرها، وقد نسبوا هذا العيد إلى ذلك القسيس لأنه ـ بزعمهم ـ كان يقوم بإبرام عقود الزواج سراً للجنود في الوقت الذي منعتهم  فيه الدولة الرومانية على أيام كلايديس الثاني من الزواج بدعوى أنه يربط الجندي بعائلته فيشغله عن تنفيذ مهامه القتالية، فقبض على ذلك القس ونفذ فيه حكم الإعدام في يوم 14/فبراير عام 270ميلادي. ومن ذلك اليوم سموه عيد الحب وصاروا يتبادلون فيه البطاقات والورود الحمراء ويمارسون ما حرم الله عليهم جهلاً منهم وإسرافاً على أنفسهم، فقلدهم سفهاء المسلمين وساروا على دربهم حذو القذة بالقذة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولبيان حكم الإسلام في هذا العيد أذكر بهذه الحقائق:

    1ـ أن العيد عنوان يميز كل أمة عن غيرها، وهو نابع من دينها وعقيدتها؛ وقد قال النبي  {إن لكل قوم عيداً، وإن عيدنا هذا اليوم} متفق عليه، فالمسلم الذي يحتفل بأعياد الكفار ويشاركهم فيها إنما ينادي على نفسه بتميع عقيدته وفساد تصوره وقلة اكتراثه بتراثه.

    2ـ عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: {ما هذان اليومان؟} قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {إن الله أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى يوم الفطر} رواه أبو داود والنسائي، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقر أهل المدينة على احتفالهم بما عهدوه أيام جاهليتهم، بل ذكرهم بنعمة الله عليهم في عيدين عظيمين قد ارتبط كل منهما بعبادة عظيمة تقرب إلى الله تعالى، مع أننا نجزم أن أهل المدينة رضي الله عنهم ما كانوا يصنعون في ذينك اليومين شيئاً مما يصنعه هؤلاء الكفرة الفجرة في عيدهم هذا الذي سموه عيد الحب.

    3ـ أن ذلك من التشبه بهم حيث يهنئ بعضهم بعضاً في ذلك اليوم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {من تشبه بقوم فهو منهم} رواه أحمد وأبو داود ـ ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفار في كل ما اختصوا به، وقد كان عليه الصلاة والسلام يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود: إن محمداً يريد أن لا يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه.

    4ـ أنه لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم مشاركة غير المسلمين في عيدهم، ولا أصحابه رضي الله عنهم من بعده كذلك وقد علمنا أن اليهود كانوا يساكنونه المدينة، ولو حدث ذلك لنقل إلينا، مثلما نقل أنه عاد يهودياً لما مرض وأكل من طعام يهودية وقبل هدية بعض النصارى كالمقوقس.

    5ـ ثم إن اقتران هذه المناسبة الكفرية بتلك الضلالات التي يمارسها أولئك الشهوانيون من اختلاط ومجون وفسق كافٍ في أن ينتهي أولو النهى والأحلام عن مشاركتهم وقد قال الله عز وجل }والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما{ وما رأيت في ديارنا هذه من يحتفل بهذا العيد إلا بقية ممن يتبعون الشهوات ويبررون لأنفسهم كل حرام، نعوذ بالله من الخذلان.

    وبعد. فقد يقول قائل: إن هؤلاء الذين تسمونهم كفاراً يشاركوننا في أعيادنا ويحتفلون بها معنا فلمَ لا نشاركهم؟ والجواب: أننا محكومون بالشرع لا بالأهواء وليست مشاركتهم لنا مبيحة مشاركتنا إياهم، فليست المكافأة لازمة بكل حال، ولو أنهم دخلوا مساجد المسلمين وصلوا صلاتهم أنكافئهم بدخولنا كنائسهم وأن نشاركهم صلاتهم؟ ولو أن النصراني عصى الله فسقى مسلماً خمراً أيحل للمسلم أن يسقيه الخمر؟  }ما لكم كيف تحكمون{ إن الواجب على المسلم أن يعظم الأيام التي أمره الله بتعظيمها ويعرض عما سوى ذلك مما ابتدعه الكفار بجهلهم، ولا يغتر بكثرة الهالكين }وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله{ أسأل الله أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً وأن يختم لنا بالحسنى إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

زر الذهاب إلى الأعلى