الفتاوى

  • تسجيل البيت بإسم الزوجة للحصول على إيجار

    أنا موظف عام خصص لي إيجار سكن سنوي بملغ محدد، وشاءت الأقدار أن صاحب المنزل المستأجر طالب بإخلاء المنزل، والآن ـ والحمد لله ـ اكتمل بناء منزلي الخاص؛ حفاظاً على هذا المكتسب من الوظيفة هل يجوز لي أن استأجر منزلي بعد أن أقوم بتحويل ملكيته إلى زوجتي؛ علماً بأن منزلي في نفس منطقة الإيجار وأن إيجاره أعلى من الذي يدفع لمستأجر آخر؟ وأفيدوني عن شرعية هذا الإيجار بعد أن استفتيت قلبي ولم أر ضرراً يقع على آخر بل أحافظ على منزلي!!!

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    أولاً: اعلم ـ بارك الله فيك ـ أن استفتاء القلب المذكور في حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال {جئت تسأل عن البر؟} قلت: نعم, قال {استفت قلبك؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك} رواه أحمد والدرامي وحسَّنه النووي ليس معناه اتباع الهوى، وأن يتشهى الإنسان من الأحكام ما يريد؛ وإنما معناه ـ كما قرر أهل العلم ـ هو أن من تعارضت عنده أقوال العلماء فإنه يجب عليه أن يقلِّد من كان ثبتاً في دينه أقوى في علمه؛ فإن لم يترجح عنده شيء رجع إلى قلبه؛ فما وجد في صدره منه حرجاً تركه وابتعد عنه. يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: إذا كان التردد من جهة اختلاف المفتين، اختلاف المجتهدين في مسألة، فاختلف المجتهدون في تنزيل واقعة هذا المستفتي على النصوص؛ فمنهم من أفتاه بكذا، ومنهم من أفتاه بكذا. فهذا ليس الإثم في حقه أنْ يبقى مع تردُّدِ نفسه، ليس الإثم في حقه أن يزيل تردد نفسه، وليس البر في حقه أن يعمل بما اطمأنت إليه نفسه خارجا عن القولين، بل البر في حقه ما اطمأنت إليه نفسه من أحد القولين؛ لأنه لا يجوز للعامي أنْ يأخذ بقول نفسه مع وجود عالم يستفتيه، بل إذا استفتى عالما، وأوضح له أمرَه وأفتاه فإن عليه أن يفعل ما أفتاه العالم به، فإذا اختلف المفتون فإنه يأخذ بفتوى الأعلم الأفقه بحاله

    ثانياً: المعاملة التي تسأل عنها تحكمها اللوائح والأنظمة التي تضبط العلاقة بينك وبين الجهة المخدِّمة لك؛ والذي أعلمه أن عقود العمل تتيح للمستخدم سكناً يستأجره أو بدل سكن يُبذل له إن كان يملك سكناً، وفي مثل حالتك أنت تريد تسجيل البيت باسم زوجتك من أجل أن تتقاضى إيجاراً هو في الواقع أعلى بكثير من بدل السكن الذي تتيحه لك وظيفتك فيما لو قبضته مضافاً إلى راتبك، وفي هذا تحايل على الأنظمة؛ وما ينبغي لك ذلك، وأنت مأجور على تحريك في أمر دينك وحرصك على الحلال، والله الموفق والمستعان.

  • زكاة الأسهم

    السؤال: لدي أسهم هل أخرج الزكاة من القيمة الكاملة لها بناء على سعرها اليوم أم أخرجها من أرباحها فقط؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فإن زكاة الأسهم تكون بحسب نوع النشاط الذي تمارسه الشركة التي أنت مساهم فيها؛ فإن كانت من الشركات التجارية كشركات الاستيراد والتصدير فالزكاة واجبة في قيمة السهم وربحه معاً عند حلول الحول مع بلوغ النصاب؛ لأنها تعامل معاملة عروض التجارة وتزكى كزكاتها، وأما إن كانت من الشركات ذات الأصول الثابتة كشركات النقل والشركات الصناعية فالزكاة واجبة في الربح فقط إذا بلغ نصاباً بنفسه أو بضمه إلى غيره عند حلول الحول، والله تعالى أعلم.

  • تحويل الأموال من الخارج

    شخص خارج السودان يحول أموال المغتربين إلى أهلهم في السودان بفائدة ويحاول تحقيق شرط التقابض لكن أحياناً تحول الظروف دون ذلك. فما حكم المال الذي يربحه. وجزاكم الله خيرا.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فيا أخي شرط التعامل في الصرف هو التقابض بمعنى أن تدفع العملة التي عندك وتقبض ما يقابلها من العملة الأخرى في ذات اللحظة دون تأخير، سواء كان القبض نقداً أو شيكاً معتمداً بتاريخ اليوم نفسه؛ بحيث يمكنك صرفه في ذات الوقت لو أردت، ودليل اشتراط التقابض قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولا تبيعوا غائباً منها بناجز) وحديث ابن عمر رضي الله عنهما (وَنَهَى عَنِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَسَاءً بِنَاجِزٍ) رواه البخاري، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ (لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ) وفي موطأ مالك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: (لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ وَلَا تَبِيعُوا شَيْئًا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ وَإِنْ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلَا تُنْظِرْهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ الرَّمَاءَ وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا) ومن حديث القاسم بن محمد أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: (الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَالصَّاعُ بِالصَّاعِ وَلَا يُبَاعُ كَالِئٌ بِنَاجِزٍ) قال الباجي رحمه الله تعالى في المنتقى: قَوْلُهُ: (وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالذَّهَبِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ نَاجِزٌ) مَنَعَ مِنْ تَأَخُّرِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الصَّرْفِ عَنْ حَالِ النَّقْدِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ الْأَجَلَ فِي الصَّرْفِ وَالْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّ النَّاجِزَ هُوَ مَا نَجَزَ الْقَبْضُ فِيهِ حَالَ الْعَقْدِ وَالْغَائِبُ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا غَابَ عَنْ الْمُشَاهَدَةِ حَالَ الْعَقْدِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِي كُمِّ الصَّيْرَفِيِّ أَوْفَى تَابُوتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا غَابَ عَنْ الْحُضُورِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِيهِ لِمُقَابَلَتِهِ بِالنَّاجِزِ.ا.هـــــ

    والشاهد من هذه الأحاديث قوله (ولا تبيعوا غائباً بناجز) وذلك في الذهب والفضة، ويقاس عليهما كل ما اتخذه الناس ثمناً للأشياء وقيماً للمتلفات، فلا يجوز بيع عملة حاضرة بأخرى غائبة، بل لا بد من وجود العوضين في مجلس العقد، فإذا كان هذا الشخص ملتزماً بذلك الشرط محاولاً تحقيقه قدر إمكانه فلا حرج عليه في ذلك التعامل والفائدة التي يتقاضاها حلال إن شاء الله، وما يحصل إحياناً مما هو خارج عن وسعه لا يؤاخذه الله به، والله تعالى أعلم.

  • قضاء الصلوات

    بحمد الله أصبحت أصلي الخمس في وقتها، وعزمت على قضاء ما تركته كسلاً من الصلاة لسنوات طويلة، هل علي أن أصلي السنن الراتبة الحاضرة؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فعليك – أحسن الله إليك – أن تجتهد في قضاء ما فاتك من صلوات تلك السنوات، واحرص على أن تستغرق أكثر الوقت في قضائها، ولا تشتغل عنها بالسنن ولا النوافل؛ فما تقرب العبد إلى ربه بشيء أحب إليه مما افترض عليه، والله تعالى أعلم.

  • نسيت المضمضة في الغسل

    اغتسلت من الجنابة ونسيت المضمضة والاستنشاق وجففت أعضائي، ثم توضأت مباشرة مع المضمضة والاستنشاق ثم صليت، فهل صلاتي صحيحة؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فليست المضمضة والاسنتشاق من فرائض الغسل عند جمهور العلماء، بل المطلوب تعميم البدن بالماء مع نية رفع الحدث أو استباحة الممنوع، وعليه فغسلك صحيح وصلاتك صحيحة إن شاء الله، والله الموفق والمستعان.

  • حكم أكل الحشرات

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سعادة الشيخ الدكتور، أرجو أن تكون بخير.

    إذا سمحتم لي بسؤالكم ما التكييف الفقهي لأكل الحشرات؟ الاتحاد الأوروبي اتجه منذ اليوم لإدخال بدرة مسحوق الحشرات في الأطعمة (الخبز والمشروبات وكل المأكولات) بدلاً عن اللحوم والأسماك كسياسة لإيجاد بدائل غذائية غير مكلِّفة على أن يتم إيقاف تعاطي اللحوم نهائياً خلال ٦ أعوام.

    ثبت علمياً عدم إضرار هذه الحشرات بصحة الانسان كالخنفساء مثلا وهي تحتوي على الكثير من الفايتمينات والمعادن المفيدة؟ جزاكم الله خيراً،

    د. الطيب محمد سليمان – لندن

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا دكتور، أما بعد

    فهذه المسألة يحكمها قول ربنا جل جلاله {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} فقد قال أهل التفسير: كل ما استخبثته العرب الحاضرة فهو من المحرمات؛ لأن القرآن قد نزل بلسانهم؛ وقولهم (الحاضرة) تحرزاً من البادية لأنهم قد يأكلون أي شيء، ومن هنا ذهب جمهور العلماء – ومنهم أبو حنيفة والشافعي وأحمد ومن قبلهم ابن شهاب وعروة بن الزبير وغيرهم – إلى تحريم حشرات الْأَرْضِ: كَالْفَأْرَةِ، وَالْحَيَّاتِ، وَالْأَفَاعِي، وَالْعَقَارِبِ، وَالْخُنْفُسَاءِ، وَالْعَظَايَةِ، وَالضَّفَادِعِ، وَالْجِرْذَانِ، وَالْوَزَغِ، وَالصَّرَاصِيرِ، وَالْعَنَاكِبِ، وِسَامِّ أَبْرَصَ، وَالْجِعْلَانِ، وَبَنَاتِ وَرْدَانِ، وَالدِّيدَانِ، وَحِمَارِ قَبَّانَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَخْبَثَةٌ طَبْعًا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}

    وَذهب مالك رحمه الله إلى الترخيص في أكل ذلك كله؛ وَاشْتَرَطَ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْحَيَّاتِ أَنْ يُؤْمَنَ سُمُّهَا، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ التَّرْخِيصُ فِي أَكْلِ الْحَشَرَاتِ: الْأَوْزَاعِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وقد استدلوا على ذلك بأدلة:

    منها ما رواه أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ مِلْقَامِ بْنِ تَلِبٍّ، عَنْ أَبِيهِ تَلِبِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ التَّمِيمِيِّ الْعَنْبَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (صَحِبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَةِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا)

    وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ أَشْيَاءَ، وَأَبَاحَ أَشْيَاءَ، فَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا أَبَاحَ فَهُوَ مُبَاحٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ.

    وَقَالَتْ عَائِشَةُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – فِي الْفَأْرَةِ: مَا هِيَ بِحَرَامٍ، وَقَرَأَتْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به} الْآيَةَ.

    وقد أجاب الجمهور عن هذه الأدلة بِأَنَّ مِلْقَامَ بْنَ تَلِبٍّ مَسْتُورٌ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ، وَبِأَنَّ قَوْلَ أَبِيهِ تَلِبِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَةِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِهَا، كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ صَحَابِيٍّ لِشَيْءٍ لَا يَقْتَضِي انْتِفَاءَهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وعدم العلم ليس علماً بالعدم.

    وأما استدلالهم بأن الله سكت عن هذه الأشياء؛ فالله تعالى لَمْ يَسْكُتْ عَنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ حَرَّمَ الْخَبَائِثَ، وَهَذِهِ خَبَائِثُ، لَا يَكَادُ طَبْعٌ سَلِيمٌ يَسْتَسِيغُهَا، فَضْلًا عَنْ أَنَّ يَسْتَطِيبَهَا، وَالَّذِينَ يَأْكُلُونَ مِثْلَ هَذِهِ الْحَشَرَاتِ مِنَ الْعَرَبِ، إِنَّمَا يَدْعُوهُمْ لِذَلِكَ شِدَّةُ الْجُوعِ، كَمَا قَالَ أَحَدُ شُعَرَائِهِمْ: أَكَلْنَا الرُّبَى يَا أُمَّ عَمْرٍو وَمَنْ يَكُنْ … غَرِيبًا لَدَيْكُمْ يَأْكُلُ الْحَشَرَاتِ

    وَالرُّبَى جُمَعُ رُبْيَةَ، وَهِيَ الْفَأْرَةُ، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَفِي «اللِّسَانِ» أَنَّهَا دُوَيْبَّةٌ بَيْنَ الْفَأْرَةِ وَأُمِّ حُبَيْنٍ، وَلِتِلْكَ الْحَاجَةِ الشَّدِيدَةِ لَمَّا سُئِلَ بَعْضُ الْعَرَبِ عَمَّا يَأْكُلُونَ، قَالَ: كُلُّ مَا دَبَّ وَدَرَجَ، إِلَّا أُمَّ حُبَيْنٍ، فَقَالَ: لِتَهْنِ أَمَّ حُبَيْنٍ الْعَافِيَةُ!!

  • النوم بعد صلاة الفجر

    ما حكم النوم بعد صلاة الفجر، نحن في الكويت في الصيف هذه الأيام الليل قصير والنهار طويل صلاة الفجر ٣:٣٠ وننام الساعة ١١فهل لنا أن ننام بعد الفجر؟ وهل يؤثر هذا في الرزق؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فخيرٌ للمسلم أن يبادر إلى النوم عقيب صلاة العشاء من أجل أن يستعين بتلك النومة على صلاة الفجر في وقتها ولا يحتاج لنوم بعدها؛ لكن إذا وجد أنه محتاج للنوم بعد الفجر فلا حرج عليه، والأفضل أن يكون ذلك بعد طلوع الشمس؛ لأن ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ساعة تُقسم فيها الأرزاق، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في (الطب النبوي): ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل، ويرخي العصب ويضعف الشهوة، إلا في الصيف وقت الهاجرة، وأردأ منه نوم أول النهار، وأردأ منه النوم بعد العصر، ورأى عبد الله بن عباس ابناً له نائماً نومة الصبيحة فقال له: قم. أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق؟ ثم قال: وقيل نوم النهار ثلاثة: خلق، وحرق، وحمق. فالخلق نومة الهاجرة، وهو خلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والحرق نومة الضحى تشغل عن أمر الدنيا والآخرة، والحمق: نومة العصر. ثم قال: قال بعض السلف: من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه.ا.هـــــ والعلم عند الله تعالى.

  • الحلف على التوبة

    هل يجوز لي أن أحلف على المصحف على أن أترك ذنبا معينًا وهو ليس من الكبائر؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فلا حرج في أن تحلف على ترك ذنب معين وإن لم يك من الكبائر؛ لأنه إذا جاز الحلف على ترك المباح جاز الحلف على ترك المحرم أو المكروه، ومتى ما حصل الحنث وجبت عليك الكفارة بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجزت وجب عليك صيام ثلاثة أيام، والله تعالى أعلم.

  • تغطية وجه النساء

    سمعنا أن هناك اختلافاً في حكم تغطية الوجه للنساء من واجب إلى مستحب؛ فما رأي فضيلتكم خاصة للنساء في السودان؟؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فوجه المرأة هل هو عورة أو ليس بعورة من المسائل التي تنازع فيها أهل العلم قديماً وحديثاً؛ بناء على اختلافهم في تفسير قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وقوله تعالى {يدنين عليهن من جلابيبهن} وقد اختلف أهل الحديث في الحكم على بعض الأحاديث التي يستفاد منها أن وجه المرأة عورة أو ليس بعورة، وذلك الاختلاف مردُّه إلى الحكم بثبوت الحديث حيناً، ووجه الدلالة منه حيناً آخر.

    وهذه من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف؛ لأنها من موارد الاجتهاد، وما ينبغي التثريب على المخالف فيها ما دام من أهل النظر، ولا يصدر فيما يقول عن هوى، ولا يخفى عليك أن الأنبياء عليهم السلام قد اختلفوا في بعض المسائل كما حكى القرآن ذلك في قوله سبحانه {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين} وكذلك الصحابة رضي الله عنهم حصل بينهم خلاف في عدد من المسائل؛ كما هو مبيَّن في شرح قوله صلى الله عليه وسلم “من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة” ولم يعب بعضهم على بعض، ولا عاب عليهم النبي صلى الله عليه وسلم.

    فما ينبغي أن يضيق صدرك بهذا الخلاف، ولا تعتقد أن قول فلان أو فلان سيكون فصلاً في المسألة؛ بل سيبقى الخلاف قائماً لأن المسألة قد اختلف فيها الأولون وهم أعلم وأفقه وأورع من الآخرين، ومهما يكن من أمر فإن الذي عليه أكثر العلماء – من الفقهاء والمفسرين – هو أن وجه المرأة ليس بعورة؛ ولا خلاف بينهم كذلك في مشروعية تغطية الوجه خاصة عند خوف الفتنة، والله المستعان.

  • يمنعون الحديث عن التوحيد

    في منطقتنا يوجد مسجد لجماعة من الصوفية به اختلافات كثيرة بين هذه الجماعة وأهل الحي (أغلبية المصلين) إمام هذا المسجد ضعيف الشخصية لكنه حافظ القرآن، حيث يمنعون أي محاضرة أو درس يحتوي علي موضوع (التوحيد والشرك) عندما نسألهم عن السبب يقولون: بتجيب المشاكل، إلا أنهم لا يمتنعون عن مواضيع الصلاة والصوم وغيرها، ويتضايقون من أهل السنة ويصفونهم بـ(الوهابية) مع العلم أن أغلبية المصلين يجهلون أحكام الصلاة والدين.

    وأيضاً هناك دعاء يقال بعد الصلوات من قبل الإمام والمداومة علي قنوت الصبح (ثابت) مع العلم أنا أصلي معهم الصلوات الخمس عدا الجمعة أصليها ببعض المساجد. ماحكم اطلاق كلمة وهابي؟ أفيدونا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالواجب على المسلمين أن يعظموا حرمات بعضهم البعض وأن يمتنعوا عن كل ما فيه أذى، سواء بالقول أو الفعل، وقد قال سبحانه {ولا تنابزوا بالألقاب} وقال النبي صلى الله عليه وسـلم “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء” وحسبه أن يكون ناصحاً آميناً آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر من غير أن يجرح الناس ولا يؤذيهم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسـلم ما كان فظاً ولا غليظاً ولا سخاباً بالأسواق ولا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح، وما كان يواجه أحداً بشيء يكرهه، وقد قال الله له {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر} إذا تبينت هذه الأصول فإنني أجيب عن أسئلتك فأقول:

    أولاً: الأصل في المساجد أنها بنيت لذكر الله وتلاوة القرآن وإقام الصلاة وتعليم العلم؛ ولا يجوز منع من أراد أن يذكِّر الناس أو ينصحهم أو يعلمهم، ما دام يبذل علماً نافعاً وهو في ذلك يتحلى بالحكمة والموعظة الحسنة وقد غلب صوابه على خطئه، ومن منعه أو حرض عليه يُخشى أن يدخل فيمن قال الله فيهم {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين. لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}

    ثانياً: الدعوة إلى التوحيد هي لبُّ الدين وأساسه؛ وهي التي بدأ بها كل رسول؛ كما قال سبحانه مخاطباً نبيه عليه الصلاة والسلام ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)) وقال سبحانه ((وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)) وكان كل نبي يقول لقومه ((اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)) ويدخل في ذلك التحذيرُ من أنواع الشرك، وحضُّ الناس على أن يفردوا ربهم جلَّ جلاله بأنواع العبادة كلها، وأن يَقدُروه حق قدره؛ وهذا الذي ينبغي تقديمه على كل شيء، كما قال النبي صلى الله عليه وسـلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين أرسله إلى اليمن “إنك ستأتي قوماً أهل كتاب؛ فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة…الحديث” فقدَّم صلى الله عليه وسـلم التوحيد على العبادات العملية، والتي هي ثمرة التوحيد ومظهره العملي، ولا يجوز أن يقال: إن هذه الدعوة تفرِّق صف الأمة، بل هي السبيل الصحيح لوحدة دائمة لا مؤقتة، ولكن لا بد من التنبيه على مسائل يغلط فيها بعض الناس:

    أولاها: أن ثمة فرقاً بين الدعوة إلى التوحيد والإساءة إلى المدعوين؛ فإن بعض الناس يظن أن من لوازم الدعوة إلى التوحيد ذكر المخالفين بأسمائهم أو طوائفهم وطرقهم، والتشنيع عليهم وربما السخرية منهم ومن عقائدهم ومشايخهم المعظَّمين عندهم، مما يفضي إلى إعراضهم عن قبول الحق واستمساكهم بما هم عليه من الباطل، وقد قال الله تعالى ((وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ))

    ثانيها: ليس من لوازم الدعوة إلى التوحيد الإغلاظ على الناس واستعمال الشدة معهم، بل الإغلاظ يكون على الكفار والمنافقين حال الجهاد ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)) وإلا فإن الأصل في الدعوة أن تكون بالرفق وبالتي هي أحسن حتى مع الكافر ((وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) والكتابي ))وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ)) وقد علمنا من قطعيات الدين بأن الرفق لا يعدله شيء، وأن لين القول والمجادلة بالحسنى والدفع بالتي هي أحسن أمور مطلوبة مع الكافر الأصلي؛ فكيف بالمسلم الذي تلبَّس بشيء من البدع أو المعاصي؟ فكيف لو كانت تلك التي توصف بالبدع أموراً مختلفاً فيها وقد قال بها من أئمة العلم الأقدمين والمحدثين كثيرون؟ ألا فليعلم المنصفون أنه لا تلازم بين الدعوة إلى ما كان عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم من الهدى والنور وبين الوقوع في أعراض الناس، وهمزهم ولمزهم أحياءً كانوا أو أمواتا. وبعض من يعتقد أنه داعية التوحيد فيه من الخفة والطيش وإثارة للعداوة والبغضاء شيء كثير، وهو بأسلوبه هذا لن يرشد غافلاً ولن يهدي ضالاً، ومفسدة كلامه تربو على مصلحته إن كان في كلامه مصلحة.

    ثالثها: الدعوة إلى التوحيد مجال واسع قد يلج إليه الشخص من خلال تفسير  آية من القرآن أو شرح حديث في السنة أو سرد موقف من السيرة أو بيان حكم في الفقه العملي، أو غير ذلك من أبواب العلم، وليس من شرط بيان التوحيد أن يكون الدرس أو الخطبة أو الكتاب معنوناً بهذا العنوان؛ والداعية البصير قد يتناول التوحيد ويشرحه حين يتحدث عن السيرة أو التفسير أو الحديث أو الفقه، فالعلوم الإسلامية متضافرة يخدم بعضها بعضاً، وليس بالضرورة أن يكون عنوان الدرس (التوحيد) من أجل أن يكون توحيدا؛ فإن الله تعالى ما تعبدنا بالأسماء، والنظر الشرعي إنما يكون في المضامين لا العناوين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسـلم يدعو إلى الله تعالى وإلى دينه بطرح سؤال أو سرد قصة أو ضرب مثل أو غير ذلك من الأساليب، وما ينبغي لعاقل أن يحجِّر واسعاً؛ ليسعى بعد ذلك في تصنيف الناس: هذا يدعو إلى التوحيد، وهذا لا يدعو إليه

    رابعها: ليست الدعوة إلى التوحيد قاصرة على بيان شرك القبور، بل يشمل ذلك أبواباً كثيرة من العلم كلها داخل تحت هذا العنوان الكبير، فنهي الناس عن الرياء والطيرة وتعليق التمائم توحيد، كما أن أمرهم بالتوكل على الله واللجوء إليه والاستغاثة به والنذر له وإخلاص العمل له وموالاة المسلمين والبراءة من الكافرين توحيد، وكذلك الحديث عن عذاب القبر ونعيمه وأشراط الساعة والجنة والنار والصراط والميزان والحوض والعرش والكرسي توحيد، والحديث عن صفات الكمال والجمال لذي الجلال والإكرام توحيد، وتذكير الناس بوجوب الحكم بما أنزل الله، ونبذ القوانين الجاهلية الوضيعة توحيد، والحديث عن النبوات وشمائل المصطفى صلى الله عليه وسـلم ومعجزاته توحيد وهكذا.

    وأما القنوت في صلاة الصبح فقد اختلف الأئمة رحمهم الله في مشروعيته؛ فذهب أحمد وأبو حنيفة رحمهما الله إلى أنه لا يسن القنوت في صلاة الصبح ولا في غيرها من الصلوات سوى الوتر؛ لما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسـلم قنت شهراً يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه. وعن أبي مالك ر ضي الله عنه قال: قلت لأبي: إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسـلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة نحواً من خمس سنين أكانوا يقنتون في الصبح؟ قال: أي بني محدث. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.

    وذهب مالك والشافعي إلى أن القنوت في صلاة الصبح سنة في جميع الزمان، لأن أنساً ر ضي الله عنه  قال: “ما زال رسول الله صلى الله عليه وسـلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا” رواه أحمد وعبد الرزاق والدارقطني والحاكم والبيهقي وصححاه، وكان عمر رضي الله عنه يقنت في الصبح بمحضر من الصحابة وغيرهم. روى عبد الرزاق في مصنفه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر رضي الله عنه أنه قنت في صلاة الصبح فقال: {بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك، ونستهديك، ونستغفرك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكافرين ملحق. اللهم عذِّب الكفَّار أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك}

    والمستحب عند المالكية أن يكون قبل الركوع؛ لما فيه من تطويل القيام ليتسنى للمسبوق إدراك الركعة،وهو المروي عن عمر وعلي وابن مسعود وخلق من الصحابة رضي الله عنهم، وهو مذهب إسحاق ومالك. ويستحب عند هم – أي المالكية -الإسرار بالدعاء في القنوت

    وأما عند الشافعية فهو عندهم بعد الركوع جهراً؛ وكلا الأمرين سائغ مشروع؛ لما روى حميد قال: سئل أنس عن القنوت في صلاة الصبح فقال “كنا نقنت قبل الركوع وبعده” أخرجه ابن ماجه. قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في (المجموع): مذهبنا أنه يستحب القنوت فيها – يعني صلاة الصبح – سواء نزلت نازلة أو لم تنزل، وبهذا قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم، وممن قال به أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي وابن عباس والبراء بن عازب رضي الله عنهم. رواه البيهقي بأسانيد صحيحة. وقال به من التابعين فمن بعدهم خلائق، وهو مذهب ابن أبي ليلي والحسن بن صالح ومالك وداود، وقال عبد الله ابن مسعود وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري وأحمد: لا قنوت في الصبح.ا.هـــــــــــــ

    وهذه المسألة – كما هو ظاهر – قد تعددت فيها مذاهب العلماء، والخلاف فيها معتبر؛ والناس على مذهب إمامهم الذي يصلي بهم فإن قنت قنتوا معه وإلا فلا؛ حتى لا تصبح مادة للخلاف بين المسلمين في المسجد الواحد، واعلم بارك الله فيك أن العلماء متفقون على صحة صلاة من قنت ومن ترك.

    وما أجمل مقولة ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد) حيث حقَّق المسألة ثم قال: والإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف أنه صلى الله عليه وسـلم جهر وأسرَّ وقنت وترك.. ثم قال: وصح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: والله لأنا أقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسـلم .. فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح….، ثم قال: ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسـلم، فعل ذلك ثم تركه، فأراد أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة، وهذا رد على أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقاً…. ويقولون: هو منسوخ وفعله بدعة… وأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، ويقولون: فعله سنة وتركه سنة، فلا ينكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله، ولا يرونه بدعة، ولا فاعله مخالفاً للسنة.ا.هـــــــ والله أعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى