الفتاوى

  • تعلق قلبي بالجهاد

    تعلق قلبي بالجهاد؛ فما الحل؟ جزاكم الله خيراً

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فأنت على خير لكونك متعلقاً بشعيرة عظيمة هي ذروة سنام الإسلام، وهي سبب عز المسلمين، وهي سنة خير المرسلين، وقد مارسها من قبلك صالحو المؤمنين، وخيار المتقين، فَسَلِ الله أن يستعملك في طاعته، وأن يهيئ لك الجهاد في سبيل دينه وإعلاء كلمته، وأكثر من القراءة عن أحكام الجهاد، وسل عنها أهل العلم، وأكثر من الدعاء لإخوانك المجاهدين في سبيل الله، واعلم أنك مأمور بأنواع شتى من الجهاد؛ كجهاد النفس والشيطان والهوى، ومأمور كذلك بأن تجاهد بلسانك ومالك ويدك، ومأمور بأن تجاهد بالحجة والبيان من حاد عن سواء الصراط، ومأمور بأن تجاهد بالسلاح من كفر بالله وصد عن سبيله، ومن اعتدى على حرمات المسلمين، وإياك أن يحملك حبك للجهاد على أفعال لا يقرها الدين من الاعتداء على الآمنين وترويع المسلمين، بل اصبر حتى يحقق الله لك ما تريد، والله الموفق والمستعان.

  • إحياء ليلة النصف من شعبان

    ما هو حكم صيام وإحياء ليلة النصف من شعبان؟ وهل هناك دليل كما يزعم البعض؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فقد روي في فضل قيام ليلة النصف من شعبان وصيام نهارها أحاديث اختلف الناس في تصحيحها، وإن كان أكثر المحققين من أهل العلم على تضعيفها، ومن ذلك ما رواه  الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب) قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة، وسمعت محمداً ـ يعني البخاري ـ يضعف هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة، والحجاج بن أرطأة لم يسمع من يحيى بن أبي كثير.ا.هـ وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي: وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها.ا.هـ

    وممن أنكر إحياء تلك الليلة من علماء المالكية الإمام ابن الحاج في كتابه (المدخل) وعليه فما ينبغي للمسلم الموفق أن يخص تلك الليلة ولا ذلك اليوم بعبادة؛ حذراً من الدخول في قول نبينا صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) والله تعالى أعلم.

  • هل نحرم من جدة؟

    كنا ننوي أنا وزوجي المرة في شهر رمضان المبارك هذا العام، وعند تجهيزنا لبدء الإجراءات يسر الله لزوجي أنه يجب أن يسافر إلى جدة حيث رئاسة عملهم هناك ولمدة شهرين إن شاء الله، وسوف نسافر معه، فأسأل فضيلة الشيخ عن كيفية إحرامنا هل نحرم عند محاذاتنا للميقات في الطائرة أم نحرم من جدة؟ مع العلم بأننا سوف نمكث في جدة أياماً ليباشر زوجي عمله، ثم نذهب في العطلة لتأدية العمرة إن شاء الله.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فلا حرج عليك في الإحرام من جدة؛ وعلى هذا قد استقرت الفتوى عند أكثر أهل العلم، والله تعالى أعلم.

  • ينقلب إلى أسد أو ضبع بعد الموت!!

    هل يستطيع الإنسان أن ينبت أو يبعث بعد موته؟ كما أنني لا أصدقه ويقولون هذا في بعض القبائل؟ وفي بعض القبائل ينقلبون أسوداً وضباعاً هل هذا صحيح؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فهذا الكلام كله هراء لا قيمة له، ويكفيك قول ربنا جل جلاله في القرآن {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} فمن خرج من الدنيا لا يرجع إليها ثانية، بل هو في عالم البرزخ إلى حين النفخ في الصور وبعثرة ما في القبور، والله تعالى أعلم.

  • أحب أقدام النساء

    أنا أصلي من حوالي سنة، وأحفظ القرآن، ولكن عندي مرض ـ ولا أدري إن كان مرضاً أم لا ـ وهو حبي لأقدام النساء؛ لا أعلم لماذا هل خلقت هكذا أم بسبب تأخري في تأدية فرائض الله؛ فهل يجوز لي الاستمتاع بأقدام المرأة من تقبيل وغيره في الزواج أم لا؟

    كنت أصادق فتاة وأحبها ـ مع العلم أني قطعت علاقتي مع الجنس الآخر ـ وصارحتني هذه الفتاة أنها كانت تقيم علاقة مع شاب ثم تركها، ولكنهم اكتفوا بالمداعبة فقط؛ ثم قالت لي: لكي تتزوج مني يجب أن تنتقم لي؛ فبدأت أتحرش بهذا الشخص كثيراً؛ على الرغم من أنه إنسان طيب لم يفعل لي شيئاً، والآن أنا تبت إلى الله توبة نصوحاً؛ فما حكم هذه الإنسانة التي صارحتني؟ هل تعتبر مصارحتها جهراً بما ستر الله عليها؟ وهل يجوز أن تصارح من يتقدم لخطبتها؟ وما هو حكمي وحكمها بعدما سلطتني على هذا الشاب؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فسل الله تعالى أن يمن عليك بتوبة نصوح، وأن يعصمك من الزلل، وان يغنيك بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه، وإذا تزوجت إن شاء الله جاز لك أن تستمتع بما شئت من زوجتك فهي كله حلال لك؛ من رأسها إلى قدمها، وما حرم الله عليك سوى إتيانها في دبرها وحال حيضتها.

    وأما تلك الفتاة فما زادت على أن لعبت بك وحملتك على أن تنال من ذلك الشاب ما حرم الله عليك، دون تثبت منك أهي صادقة في دعواها أم كاذبة؟ فعليك أن تتوب إلى الله مما كان وتقطع صلتك بهذه الفتاة اللعوب، والله المستعان.

  • سؤال عن بنك أمدرمان

    هل بنك أم درمان الوطني من البنوك الإسلامية؟ وهل يجوز التعامل في المعاملات الخاصة به في الودائع المحددة بفائدة محدده سابقة مسبقاً؛ مثلاً يمنح البنك فائدة عل وديعة محددة الأجل.

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالبنوك السودانية سواء منها ما تسمى بالإسلامي وما لم يتسم لا تستطيع التعامل بالربا صراحة؛ لأن الربا مجرَّم محرَّم قانوناً، وفي كل بنك هيئة للرقابة الشرعية تعرض عليها المعاملات لتجيزها أو تمنعها؛ وهناك هيئة رقابة شرعية في البنك المركزي تراقب عمل تلك الهيئات، وليس ثمة بنك يستطيع أن يحدد الفائدة سلفاً بنسبة معلومة من رأس المال؛ لأن ذلك هو عين الربا، بل البنوك تتعامل – غالبا – في نظام الوديعة الاستثمارية بصيغة المضاربة التي يكون الربح فيها مشاركة بين رب المال والمضارب الذي هو البنك، وإذا كان للسائل استفسار أكثر فيمكنه الرجوع إلى هيئة الرقابة الشرعية في البنك المذكور، والله الموفق والمستعان

  • أذكر الله وأنا منشغل البال

    الاستغفار من العبادات العظيمة، ولكني كثيراً عندما أذكر الله أنتبه أن فكري منشغل بشيء ولساني منشغل بالذكر، فأتوقف وأقول في نفسي: هذا الشيء بسيط جداً لا يمكن أن يجازيني به الله، من المؤكد أن الله تعالى يقصد شيئاً أصعب من هذا، فأفيدوني هل هذا الذكر البسيط الذي أكون فيه منشغل الفكر أثاب عليه؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فما أنت فيه عليك أن تلزمه وتحرص على التجويد ما استطعت، والذي يذكر الله أو يستغفره وهو منشغل البال خير من الذي لا يذكره ولا يستغفره أصلا، ولا يوسوسن لك الشيطان بأن هذا عمل يسير فكيف يكون عليه ذلك الجزاء الأوفى؛ لأن الله تعالى من كرمه ورحمته وجوده يجزي على العمل اليسير الثواب الكثير، ولذا سمى نفسه في كتابه الشاكر والشكور؛ فاستعن بالله ولا تعجز، والله ولي التوفيق.

  • خروج المعتكف من المسجد

    إذا أراد شخص أن يعتكف في أحد المساجد في رمضان، وهو بعيد عن وطنه وأهله، ولا يجد من يقضي له حوائجه من أكل وشرب وغيرها، ولا يريد أن يكلف أحداً من زملائه بذلك؛ فهل يجوز له الخروج من المسجد لإحضارها من أماكن قريبة من المسجد؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    فالأصل أن يلزم المعتكف المسجد ولا يخرج إلا لضرورة أو حاجة، ومن الحاجات التي تبيح للمعتكف الخروج شراء الطعام الذي لا بد منه؛ إن لم يكن في المسجد متاحاً، لكن عليه أن يأتي به فيأكله في المسجد ولا يجلس به في السوق لئلا يبطل اعتكافه، في سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: {السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد منه ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع} فيه دليل على المنع من الخروج لكل حاجة من غير فرق بين ما كان مباحاً أو قربة أو غيرهما إلا الذي لابد منه كالخروج لقضاء الحاجة وما في حكمها، والله تعالى أعلم.

  • توسل آدم عليه السلام بالرسول صلى الله عليه وسلم

    عندما ارتكب سيدنا آم عليه السلام الخطيئة هل توسل برسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رفع رأسه فوجد مكتوباً عند قوائم العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    الحديث رواه الحاكم في المستدرك من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي. فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال: يا رب لما خلقتني بيدك، ونفخت فيَّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال الله: صدقت يا آدم؛ إنه لأحب الخلق إليَّ؛ ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك}

    قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/88): موضوع، أخرجه الحاكم في “المستدرك” (2/615) وعنه ابن عساكر (2/323) وكذا البيهقي في باب ما جاء فيما تحدث به صلى الله عليه وسلم بنعمة ربه من “دلائل النبوة” (5/488) من طريق أبي الحارث عبد الله بن مسلم الفهري، حدثنا إسماعيل ابن مسلمة، نبأنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب مرفوعا، و قال الحاكم: صحيح الإسناد، و هو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب؛ فتعقبه الذهبي بقوله: بل موضوع، و عبد الرحمن واه، و عبد الله بن مسلم الفهري لا أدري من هو. قلت: والفهري هذا أورده في “ميزان الاعتدال” لهذا الحديث، وقال: خبر باطل رواه البيهقي في “دلائل النبوة” و قال البيهقي: تفرد به عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم وهو ضعيف. وأقره ابن كثير في “تاريخه” (2/323) ووافقه الحافظ ابن حجر في “اللسان” أصله “الميزان” على قوله: خبر باطل وزاد عليه قوله في هذا الفهري: لا أستبعد أن يكون هو الذي قبله فإنه من طبقته، وقال الهيثمي في “المجمع” (8/253): رواه الطبراني في “الأوسط” و”الصغير” وفيه من لم أعرفهم.ا.هـ

  • هل النبي مخلوق من نور؟

    هل النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

    أولاً: فإنني أنصح السائل الكريم ومن معه بأن يشتغلوا بما ينفعهم من مهمات الدين دون إغراق في قضايا كلامية جدلية لا يترتب عليها عمل؛ لأن هذا من المراء الذي نهينا عنه.

    ثانياً: نبينا صلى الله عليه وسلم بنص القرآن بشر كسائر البشر مخلوق من أب وأم كما مضت سنة الله تعالى؛ إلا أنه أكملهم خَلقاً وخُلقاً، وقد قال الله تعالى {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} وقال {قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً} وقال سبحانه {ألر تلك آيات الكتاب الحكيم أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس} وفي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال {صلى بنا رسول الله الظهر خمساً؛ فلما سلَّم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا. فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين، ثم سلَّم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني} وفي الصحيحين من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال {إنما أنا بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو مما أسمع، فمن قضيت له شيئاً من حق أخيه فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من نار} وكذلك سائر الأنبياء قبله كما قال سبحانه {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم} ونبينا عليه الصلاة والسلام بشر لكنه خير الناس نسباً وأجملهم خلقة وأزكاهم خُلقا.

    ثالثاً: مما يدل على هذا المعنى ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش؛ فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما  منصوبتان، وهو يقول {اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك} وفي رواية الترمذي {فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة} وفي رواية مالك في الموطأ {كنت نائمة إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففقدته من الليل فلمسته  بيدي فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد يقول} فلو كان نوراً حسياً كما يظن بعض الناس لما احتاجت عائشة رضي الله عنها لالتماسه في الظلام.

    رابعاً: قد يستدل بعض الناس بقوله تعالى {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} قال أهل التفسير: قيل: النور في هذه الآية هو الإسلام وقيل: هو محمد صلى الله عليه وسلم، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم نور باعتبار ما يدعو إليه من هدى وأنه يخرج الناس من الظلمات إلى النور. قال العلامة ابن عاشور رحمه الله تعالى: وجملة {قد جاءكم من الله نور} بدل من جملة {قد جاءكم رسولنا} بدل اشتمال، لأنّ مجيء الرسول اشتمَل على مجيء الهُدى والقرآن.ا.هـ وكذلك المعنى في قوله تعالى {إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا} قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: أي: وأمرُك ظاهر فيما جئت به من الحق، كالشمس في إشراقها وإضاءتها، لا يجحدها إلا معاند.ا.هـ وقال الألوسي رحمه الله تعالى في روح المعاني: يستضيء به الضالون في ظلمات الجهل والغواية، ويقتبس من نوره أنوار المهتدين إلى مناهج الرشد والهداية.ا.هـ وقال ابن الجوزي في زاد المسير: أي كالسِّراج المضيء في الظلمة يُهتدى به.ا.هـ وقال البيضاوي رحمه الله في تفسيره: يستضاء به عن ظلمات الجهالات ويقتبس من نوره أنوار البصائر.ا.هـ وقال الزمخشري في كشافه: جلى به الله ظلمات الشرك واهتدى به الضالون، كما يجلى ظلام الليل بالسراج المنير ويهتدى به، أو أمدّ الله بنور نبوّته نور البصائر، كما يمدّ بنور السراج نور الأبصار.ا.هـ وقال النسفي رحمه الله في تفسيره: جلا به الله ظلمات الشرك، واهتدى به الضالون؛ كما يجلى ظلام الليل بالسراج المنير ويهتدى به، والجمهور على أنه القرآن فيكون التقدير وذا سراج منير أو وتالياً سراجاً منيراً.ا.هـ وقال أبو السعود: يُستضاءُ به في ظلماتِ الجهلِ والغَوايةِ ويُهتدى بأنوارِه إلى مناهجِ الرُّشدِ والهدايةِ.ا.هـ وقال ابن عاشور رحمه الله تعالى: تشبيه بليغ بطريق الحالية وهو طريق جميل، أي أرسلناك كالسراج المنير في الهداية الواضحة التي لا لبس فيها، والتي لا تترك للباطل شبهة إلا فضحتها، وأوقفت الناس على دخائلها، كما يضيء السراج الوقّاد ظلمة المكان. وهذا الوصف يشمل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من البيان وإيضاح الاستدلال  وانقشاع ما كان قبله في الأديان من مسالك للتبديل والتحريف فشمل ما في الشريعة من أصول الاستنباط والتفقه في الدين والعلم، فإن العلم يشبَّه بالنور فناسبه السراج المنير.ا.هـ

    خامساً: القول ببشرية الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعني أنه بشر كسائر الناس، بل هو عليه الصلاة والسلام أجمل الناس خَلْقاً، وأحسنهم خُلُقاً، وأزكاهم نفساً، وأكملهم عقلاً، وأوفرهم حلماً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم  أنس رضي الله عنه {ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه؛ حسن الصوت، وكان نبيكم أحسنهم وجهاً وأحسنهم صوتاً} رواه الترمذي من حديث أنس رضي الله عنه وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم عدد من أصحابه كعلي بن أبي طالب وهند بن أبي هالة والبراء بن عازب والربيع بنت معوذ وغيرهم مما هو وارد في الصحاح والسنن والمسانيد؛ وخلاصة ما وصفوه به أنه كان أجمل الناس صورة وصوتاً ومعنى؛ وكما قال حسان رضي الله عنه  في مدحه صلى الله عليه وسلم:

    وأحسن منك لم تر قط عيني           وأجمل منك لم تلد النســاء

    خلقت مبرأ من كل عيـب           كأنك قد خلقت كما تشـاء

زر الذهاب إلى الأعلى