إنني امرأة مسلمة أحب أن أعمل وأتكسب بالحلال؛ ففكرت أن أفتتح مركز لتجميل السيدات، وأحب أن يكون للنساء المحجبات بالأخص، ولكن لن أستطيع تخصيص نوعية النساء إلا بعد فترة؛ حيث تعتاد النساء عليَّ، وينتشر الخبر بنوعية الزبائن ولكني أخاف من عدة أمور:
- أن تأتيني سيدة أو فتاة أشتهيها فكيف العمل؟
- أن اغضب الله من حيث لا أدري؛ خصوصاً إذا جمَّلنا امرأة وهي أغضبت الله واستخدمت جمالها بما لا يرضي الله
- أن يطلب منا الصبغ باللون الأسود وهو محرم فنقع في الحرام
- في بلادنا تخرج معظم العرائس بغير حجاب في يوم الزفاف؛ بدعوى الخوف على المظهر مع أنها تأتي بحجاب، وكذلك من الممكن أن يكون الحفل مختلطاً؛ فهل علينا الإثم؟
- أحب أن أعمل غرفة من المكان لتعليم الأطفال والأمهات التجويد والقراءة بالأحكام هل المكان مناسب؟
- وكيف يجب أن تكون طبيعة لباسنا أمام النساء أنا والموظفات؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فقد طبع الله النساء على حب التزين والتجمل، ولكن الشرع يضع لهذه الرغبة حدوداً لا يجوز تعديها ولا إهمالها، ومن ذلك ألا تشتمل هذه الزينة على حرام كوصل أو وشر أو وشم أو تفليج أو تغيير لخلق الله تعالى، وألا يتوصل إليها عن طريق التكشف أمام رجال أجانب أو تمكينهم من ملامسة المرأة والعبث بوجهها وجسدها بدعوى تزيينها؛ كما يحصل الآن في كثير من الدور التي تسمى بالكوافير، وألا يتوسل بهذه الزينة إلى حرام من تبرج وفتنة وسعي بالفساد في الأرض، وألا تتعدى هذه الزينة حدودها بحيث تصبح الهم المقعد المقيم للمرأة؛ فمن أجلها تضيع الصلوات وتذهب الأوقات، وتصير مجالاً للافتخار وحصول الكبر والعجب في مجتمعات النساء، إذا تبين ذلك فإنني أجيب على أسئلتك:
أولاً: إذا علمت من حالك أنك ـ عياذاً بالله ـ تشتهين النساء، فما ينبغي لك أن تفتحي على نفسك باب فتنة، بل أوكلي العمل إلى غيرك ولا تباشريه بنفسك سداً للذريعة وقطعاً للشر
ثانياً: قيامك بتجميل امرأة ما إنما هو بحسب غلبة الظن؛ فإذا غلب على ظنك أنها ممن يتقين الله ولا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى فلا حرج عليك في تجميلها، وإن غلب على الظن خلاف ذلك فلا ينبغي لك التعاون معها على الإثم والعدوان
ثالثاً: الصبغ بالسواد ـ عند أكثر العلماء ـ محظور من غير فرق بين الشابة والعجوز، وهو عند بعضهم مكروه، فلا يجوز لك عمله ولا الإعانة عليه؛ فقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: جيء بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسـلم وكأن رأسه ثغامة ـ سحابة أو نبت أبيض ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسـلم {اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره بشيء وجنبوه السواد} وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة} رواه أبو داود والنسائي وغيرهما، واستدلالاً بهذين الحديثين قال جماعة من العلماء بكراهة الخضاب بالسواد؛ قال النووي رحمه الله: والصحيح بل الصواب أنه حرام.
رابعاً: إذا علمت ـ من واقع الممارسة ـ أن العروس التي تزينينها تخرج من غير حجاب، وتعرض زينتها أمام الرجال الأجانب، فلا يجوز لك تزيينها؛ لقوله تعالى {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} وبإمكانك تجميل غير العرائس، أما إذا كان ذلك هو الأعم الأغلب ـ من حال النساء ـ فابحثي عن عمل آخر، ولا خير في رزق يأتي عن طريق معصية الله تعالى
خامساً: لا حرج في تخصيص مكان لتعليم الأطفال والأمهات تجويد القرآن وأحكام الإسلام؛ وليس للتعليم في ديننا مكان مخصوص، بل كل مكان يستطيع المرء أن يحييه بذكر الله فليفعل
سادساً: لباس المرأة المسلمة أمام المسلمات يجب أن يكون ساتراً للجسد إلا ما جرت العادة بكشفه كالرأس والعنق والذراعين وأسافل الساقين، والله تعالى أعلم.