الفتاوى

  • شبهة في: ما اتخذ الله من ولد

    حدثت لي شبهة حول قول الله عز وجل )ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض( الآية. وسؤالي هو: هل تنفي الآية مطلقاً وجود إلهين اثنين حكيمين متفقين؟ والمانع من ذلك إذاً؟ وقد قرأت كتب التفسير ولم أفهم! أرجوكم أغيثوني عاجل جداً جداً جداً فإني لا أنام الليل؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    هذه الآية الكريمة )ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ( هي الآية الواحدة والتسعون من سورة (المؤمنون)، وهي تُقرِّرُ استِحالةَ أن يستقيمَ أمرُ الكون بوجودِ إلهين مُتصَرِّفَين في الكون؛ لأنَّه بافتِراضِ ذلك سيَقعُ التنازُعُ في إرادةِ التصرُّف؛ إذ يمتنعُ تصرُّفُهما معاً في خَلقِ أحدٍ أو موتِه، أو زيادتِه في الرزقِ أو نقصِه، أو شفائه أو مرَضِه وغيرِ ذلك.. فلما استحال استِقامةُ تصرُّفِ الصانِعَيْن معاً كان دليلاً على امتِناعِ حُصُولِه؛ فضلاً عن أنَّ الإلهَ قادرٌ لا يعجزُ وإرادتُه غالبةٌ لا تُقهَر. والإشارة بالعُلو في الآية إلى التغالُب والتخاصُم؛ مما يُحتِّمُ غلبةَ أحدِهما؛ فيكون الغالبُ إلهاً وتنتفي الألوهيةُ عن المغلُوب؛ فلم يبقَ إلا وُجوبُ إلهٍ واحِد. وهي حُجةٌ بالِغةٌ كما قال الطبري رحمه الله: )ما كان معه مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ( يقول: إذن لاعتزلَ كلُّ إلهٍ منهم )بِمَا خَلَقَ( من شيء، فانفرد به، ولَتغالَبُوا؛ فلعلا بعضُهم على بعضٍ وغلب القويُّ منهم الضعيف؛ لأن القويَّ لا يرضى أن يعلُوَه ضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلهاً؛ فسبحان الله ما أبلغَها مِن حُجةٍ وأوجَزَها لِمَنْ عقلَ وتدبَّر” [تفسير الطبري 19/66]. وزاد ابن كثير الأمرَ بياناً فقال رحمه الله: “أخبر تعالى أنه لو كان في الوجود آلهةٌ غيرُه لفسدَت السمواتُ والأرض، فقال )لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ( أي: في السماء والأرض )لَفَسَدَتَا( كقوله تعالى )مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ( [تفسير ابن كثير 5/337] وقال رحمه الله: “يُنزِّه تعالى نفسَه عن أن يكونَ له ولدٌ أو شريكٌ في الملك، فقال )مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ( أي: لو قُدِّر تعدُّدُ الآلهة؛ لانفرَدَ كلُّ منهم بما يخلق؛ فما كان ينتظم الوجود. والمشاهَد أنَّ الوُجودَ مُنتظِم مُتسِق، كل من العالم العلوي والسفلي مُرتَبِط بعضُه ببعضٍ في غايةِ الكمال )مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ( ثم لَكان كلٌّ منهم يطلبُ قهرَ الآخَرِ وخِلافَه؛ فيعلو بعضُهم على بعض. والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبَّرُوا عنه بدليلِ التمانع، وهو أنه لو فُرِضَ صانعان فصاعدا، فأراد واحدٌ تحريكَ جسمٍ وأراد الآخر سُكُونَه، فإن لم يحصلْ مُرادُ كلِّ واحدٍ منهما كانا عاجِزَيْن، والواجبُ لا يكون عاجزًا، ويمتنعُ اجتِماعُ مُرادَيْهما للتضاد. وما جاء هذا المحال إلا من فرضِ التعدُّد؛ فيكون مُحالا، فأما إنْ حصلَ مُرادُ أحدِهما دون الآخر؛ كان الغالبُ هو الواجب، والآخر المغلُوب ممكناً؛ لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا؛ ولهذا قال )وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ( أي: عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولدَ أو الشريكَ عُلُواًّ كبيرا” [تفسير ابن كثير 5/491] وقال الرازي: )إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ( المعنى لانفرد على ذلك كلُّ واحدٍ من الآلهة بخلقِه الذي خَلَقَه واستبَدَّ به، ولرأيتم مُلكَ كلِّ واحدٍ منهم مُتمَيِّزاً عن مُلكِ الآخَر، ولَغَلَبَ بعضُهم على بعضٍ كما ترَوْن حالَ مُلوكِ الدنيا ممالكهم متميِّزةٌ وهم مُتغالِبُون، وحيث لم ترَوْا أثَرَ التمايُز في الممالِك والتغالُب؛ فاعلموا أنه إلهٌ واحدٌ بيدِه مَلَكُوتُ كل شيء”. [تفسير الرازي 11/203].

    وأنصح الأخ الكريم أن يُكثِرَ من الاستعاذة من الشيطان الرجيم؛ فإن هذه الشكوك من وسوسة الشيطان لعنه الله، وقد روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ} وعلى السائلِ أن يُحصِّنَ نفسَه بالأذكار النبوية لاسيما الالتزام بـأن يقول {لا إله إلا الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} مائة مرة؛ فإنها حِرزٌ من الشيطان اليومَ كلَّه. كما روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ {مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ}

    ومن اللطائف في هذا الحديث مِمَّنْ أُوتِيَ جوامِعَ الكَلِمِ صلى الله عليه وسلم أنَّ الإكثارَ من ذِكْرِ التوحيدِ ونفيِ الشريك وإثبات الملكِ والحمدِ لله دون سواه {لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} يُذهِبُ الوسوسةَ ويكون حِرزاً من الشيطان يمنعُه من الوسوسة في الإيمان يوماً كاملاً! فما أجملَ هذه المناسَبَةَ وما ألطفَها لمن تدبَّرَها!

  • حدود حديث المرأة مع أبناء العمومة

    هل التحدث مع أولاد العم والخال يعتبر خلوة فى الواتساب؟ وما هى الحدود الشرعية في الحديث معهم سواء فى مواقع التواصل أو عند الزيارات؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فأولاد الخئولة والعمومة أرحام تجب عليك صلتهم، ويحرم عليك قطيعتهم، وهذه الصلة تكون بالزيارة والاتصال وما إلى ذلك من وسائل الصلة، والكلام معهم في الواتساب أو مواقع التواصل الاجتماعي لا يُعَدُّ خلوة ما دام في حدود المباح، أي سؤال عن الأحوال وما إلى ذلك مما يكون بين المحارم، دون رفع للكلفة ولا تطرق للممنوع، يدل  على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسـلم وهو قدوتنا وأسوتنا كان النساء يكلمنه ويكلمهن وكذلك كان الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، والله الموفق والمستعان.

  • قول الإمام مالك في تأمين الإمام

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نسأل الله أن يجعل أعمالك في موازين حسناتك

    نريد تبيين رأي مذهب الإمام مالك. في قول آمين بالنسبة للإمام. وجزاك الله خيراً

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فمذهب مالك رحمه الله تعالى في هذه المسألة أنه يندب تأمين الفذ والمأموم في السر والجهر، أما الإمام فإنه يؤمِّن في السر فقط. استدلالاً بقوله عليه الصلاة والسلام (إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولونا: آمين) رواه مالك والشيخان. فلو كان يطلب من الإمام التأمين لقال: فإذا قال آمين. وقد تأولوا قوله صلى الله عليه وسلم (إذا أمن الإمام فأمنوا) اي بلغ موضع التأمين، أو أن معناه: إذا دعا؛ لأنه قد يسمى الداعي مؤمنا؛ أو أن أخباره صلى الله عليه وسلم عن تأمين الإمام لا يدل على وجوبه ولا على الندب إليه؛ لأنه قد يخبر عن فعل مباح ولا ينكر على فاعله. والعلم عند الله تعالى

  • أجرة الإرضاع للمطلقة

    السؤال: هل أجرة الإرضاع هي للمطلقة طلقة غير رجعية أو لمن أكملت عدة الطلاق بمنزل زوجها وذهبت للإقامة   لبيت وليها، أم تمنح للزوجة التي ما زالت في عصمة زوجها. علماً بأنني تسرعت ورددت في منشور حول هذا الأمر وقلت إنها للمطلقة حتى تتغذى منه وترضع ولدها من طليقها من لبن تكون من طعام اشترته من ماله ويشب الطفل من مال ابيه وأنها قد تكون من أسرة فقيرة لا تستطيع توفير الطعام الكافي للمرضعة

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد

    هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم، والذي عليه الشافعية والحنابلة أن استرضاع الطفل واجب على أبيه، وأن الأم لا يجب عليها إرضاع الطفل، وليس للزوج أن يجبرها عليه، سواء أكانت في عصمة أبي الطفل أم لا. اللهم إلا إذا لم يوجد غيرها من المرضعات أو لم يقبل الولد ثدي غيرها أو لم يكن للأب ولا للطفل مال، فعندئذ يكون متعيناً عليها أن ترضعه؛ استدلالا بقوله تعالى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} وبناء على هذا الرأي فإنه يجب على الأب استئجار من ترضعه ولو كانت أم الصبي في عصمته، إلا إذا كان في رفضها رضاعه تعريضه للهلاك، فيتعين عليها حينئذ إنقاذ روحه. ولها أن تأخذ من ماله أو مال أبيه أجرة مثلها على الرضاعة.

  • أسباب الرزق

    السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، لو تفضلتم، مسألة (الرزق وجلب الرزق) يتناولها  الكثير من الدعاة في نشر الدعوة ودعوة الشباب إلى الطريق المستقيم ويذكرون الناس بأحاديث الاستغفار يكثر الرزق والاستقامة تجلب الأموال ومثل ذلك كثير، والمشكلة أن بعض الشباب يرفع سقف التوقعات فيستغفر كثيرا وينتظر الأموال الكثيرة بناء على القصص التي سمعها فلا يحصل على ذلك ثم سرعان ما يعود أدراج الرياح، والناظر في السيرة النبوية  يجد أن النبي صلى الله عليه و سلم يدعو الناس إلى الإسلام من أجل دخول الجنة ورضوان الله وليس من أجل تحصيل الرزق… المرجو توضيح في هذا الباب وجزاكم الله خيرا

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فدين الإسلام قد جاء لتحقيق مصالح العباد في المعاش والمعاد، ولإسعادهم في الدنيا والآخرة، ولذلك تجد آيات القرآن تدعو الناس إلى الهدى والخير مبيِّنةً أن ذلك هو طريق السعادة في الدارين؛ وذلك كقوله تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه} وقوله تعالى {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} وقوله تعالى {وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً} ونحو ذلك من الآيات

    ونبيُّنا صلى الله عليه وسلم حين يدعو الناس إلى الإيمان يبيِّن لهم ما في ذلك من مصالح دنيوية وأخروية كقوله عليه الصلاة والسلام (قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، قولوا: لا إله إلا الله تملكوا بها العرب والعجم) وقوله (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطانا) إلى غير ذلك من الأحاديث.

    ولذلك النظرة الشرعية الصحيحة في هذا الأمر تنبني على جملة من المفاهيم:

    أولها: حقارة الدنيا وهوانها على الله عز وجل، وأنها لو كانت تزن عنده جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء؛ فليست هي مقياساً لقرب العبد من الله أو بعده عنه، وليست هي معياراً لكرامته على الله أو هوانه عليه، وقد قال ربنا جل جلاله مصححاً الفهم لأولئك المشركين المغرورين {أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين. نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} ولما مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه على جدي أسكَّ ميت؛ فقال لهم (أيكم يشتري هذا بدرهم؟) ثم قال لهم (والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هوان هذا عليكم)

    ثانيها: أن نبيِّن للناس أن الأرزاق مقسومة والآجال مكتوبة، وأن الرزق والأجل قرينان، وكل ما نبذله إنما هو من باب الأسباب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها؛ فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) ولا بد من أن نعرِّف الناس أن الرزق والأجل قد كُتبا ونحن في بطون أمهاتنا؛ كما ثبت من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

    ثانيها: أن مطلوباً منا الأخذ بالأسباب الشرعية التي نجلب بها الأرزاق من تقوى الله والإكثار من الاستغفار؛ لقوله عليه الصلاة والسلام (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) والصلاة والسلام على رسول الله، لقوله عليه الصلاة والسلام (تكفى همك ويقضى دينك) والمتابعة بين الحج والعمرة، لقوله (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد) وصلة الأرحام لقوله (من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه) والإنفاق في وجوه الخير  لقوله (ما من يوم يصبح إلا وينزل فيه ملكان يقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفا) ومصداق ذلك في القرآن قول ربنا جل جلاله {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}

    ثالثها: أن الأسباب الشرعية لا تغني عن الأسباب الوضعية التي جعلها الله باباً للرزق؛ فإن ربنا جل جلاله قد أمرنا بذلك حين قال {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}؛ وقد كان الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أهل حرف؛ فما من نبي إلا ورعى الغنم، وقد كان نبي الله داود عليه السلام حدادا، ومارس نوح عليه السلام النجارة، ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أطيب الكسب قال (عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور) وقال (ما أكل آدميٌّ طعاماً قط خير من أن يأكل من عمل يده) وحثَّ على الزراعة والتجارة والاحتطاب؛ فكل نشاط إنساني نافع إنما يندرج تحت المهمة التي من أجلها استخلفنا الله في الأرض حين قال {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها}.

    رابعها: لا بد أن نعلم الناس أن الدنيا ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي مزرعة للآخرة، وقد ذمَّ الله تبارك وتعالى ناساً فقال {ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون} ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون الدنيا هي غاية همنا ومبلغ علمنا فقال (من كانت الدنيا همه شتت الله عليه شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له، ومن كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع الله عليه شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة) وقال (من جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله هم دنياه، ومن تشعبت به الهموم لم يبال الله به في أي أوديتها هلك)

    خامسها: لا بد أن نضرب للشباب مثلاً بتلك القدوات الصالحة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن جمع الله لهم بين الخيرين؛ فكانوا في الدنيا أغنياء أهل يسار وسعة وفي الوقت نفسه عملوا لآخرتهم فأعزَّ الله بهم الدين وأصلح بهم الدنيا؛ كالصِّديق أبي بكر رضي الله عنه الذي نال شهادة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال (ما نفعني مال مثلما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا) وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الذي حُفر الذهب من تركته بالفئوس بعد موته وأصابت كل امرأة من زوجاته ثمانين ألف دينار، وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهما الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم فقال (اللهم بارك لعبد الله في صفقة يمينه)

    وأخيراً لا بد أن نعلِّم الناس أن المال ظل زائل وعارية مستردة، ويوم القيامة لا ينفع العبد مال ولا بنون، وأن الأكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من أنفق ماله ابتغاء رضوان الله، والله الموفق والمستعان.

  • حكم برمجة أجهزة التلفزيون والقنوات

    هل إذا قمت بتركيب جهاز لاقط في بيتي، وبرمجت فيه قنوات لا فيها غناء بموسيقي أو مخالفات شرعية، فهل بعد مماتي إذا قام أهل بيتي ببرمجة باقي القنوات المخالفة أكون مسئولا عن ذلك أمام الله تعالى؟ وبماذا تنصحني أحسن الله إليك.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالقرآن الكريم ناطق بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، والسنة النبوية قاضية بأنه لا يجني ولد على والد؛ وعليه فإن الأب إذا اجتهد في تربية أهله وأولاده على الدين، وتنشئتهم على الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وجنَّبهم ما استطاع وسائل الفساد والإفساد؛ فلا إثم عليه بعدها إن حصل شيء مما يكرهه الله عز وجل من الكفر أو الفسوق أو العصيان، مثلما كان من نبي الله نوح عليه السلام فإنه دعا ولده إلى الله وأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر، وكان آخر ذلك أن ناداه ((يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين)) فلما أصر الولد على الكفر نزلت به العقوبة وأنجى الله نوحاً ومن معه من المؤمنين، والحمد لله رب العالمين.

  • أسلم وجسده عليه وشم

    ما الحكم في إسلام رجل أجنبي كان يضع وشماً على جسده؛ وماذا عليه أن يفعل؟

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالوشم محرم؛ لأنه من تغيير خلق الله، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة؛ لكن هذا الرجل فعل ذلك في أيام جاهليته، والإسلام يجب ما قبله؛ فإن أمكنه إزالة هذا الوشم دون ضرر بليغ يقع عليه، فالواجب عليه إزالته، وإلا فلا لأن الضرر لا يزال بمثله، والله تعالى أعلم.

  • زنا بامرأة متزوجة فحملت منه

    زنا صديقي بامرأة متزوجة وحملت منه وأنجبت بنتاً، وزوجها لا يعلم بأنها ليست ابنته وهي الآن فى عامها الثالث؛ مع العلم بأنها قد تاب توبة نصوحا وقطع علاقته معها تماماً؛ وهذا الأمر قد غيَّره لإنسان جديد كلياً ولكن بقي هذا الذنب يقتله ويعذبه كثيرا.. السؤال: هل يخبر زوجها بهذا الأمر؟ وهل له توبة؟ وما هي كفارته؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فالزنا كله حرام، لكن بعضه أشد حرمة من بعض؛ فمن زنا بامرأة متزوجة فهو أعظم عند الله إثماً ممن زنا بامرأة لا زوج لها؛ لأن الزنا يتضاعف إثمه بتضاعف المفسدة التي تترتب عليه؛ فمن زنا بمتزوجة فقد أفسدها على زوجها ودنس فراشه وأدخل عليه من ليس منه؛ مع ما في ذلك من الخيانة والإثم، لكن ما دام صاحبك قد تاب فإن الله تعالى يتوب على من تاب، وقد قال في الكفر الذي هو أعظم من الزنا {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} فالحمد لله الذي وفقه لتوبة نصوح، وما ينبغي له إخبار الزوج بما كان؛ لأنه ليس في ذلك مصلحة البتة، بل يستتر بستر الله عز وجل، ولأن في إخبار الزوج بما كان تنغيص لعيشه وتكدير لصفوه، وفيه فضيحة تلك المرأة وتشتيت الأسرة؛ مع ما في ذلك من المخالفة لقوله صلى الله عليه وسلم “من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله”.

    وهذه البنت تنسب للزوج لأنه صاحب الفراش، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “الولد للفراش وللعاهر الحجر” أما المرأة فإنها إن تابت تاب الله عليها، وإلا فهي متوعدة بقوله صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ فِى شَىْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وضعَّفه الألباني والأرناؤوط

  • التعامل مع الفتيات في العمل

    ما حدود التحدث مع الفتيات في العمل؟ علماً بأني شاب؛ وفي أوقات معينة يتطلب العمل المخالطة؛ فما هي الحدود؟ فأنا أتعامل مع الناس دائما بالابتسامة والضحك، ونيتي لا تحمل أي شيء تجاه أحد، فقط أحب أن أكون حلو المعشر يحب الناس التعامل معه، ونيتي يحاسبني الله عليها؛ فهو أعلم بي منها. أرجو الرد لأني غير راض عن نفسي في التعامل المغلق تماماً، وعن نظرة البعض لي بأني لست حلو التعامل، إلا أني لا أرضى إلا ما يرضاه الله لي.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

    فمما ينبغي أن يُعلم ابتداء أن الاختلاط الحاصل في مؤسسات العمل وقاعات الدرس مما لا يرضاه الله تعالى، وهو مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي فصل بين الرجال والنساء في أطهر البقاع وهي المساجد؛ فكان للرجال صفوف وللنساء صفوف، وللرجال باب وللنساء باب، وقال {خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها} وقال {لو تركتم هذا الباب للنساء} وفي مجالسه المباركة عليه الصلاة والسلام كان النساء يجلسن خلف الرجال ويطرحن أسئلتهن، دون أن تحصل مخالطة أو ملابسة؛ بل أمر عليه الصلاة والسلام النساء بألا يزاحمن الرجال في الطرقات؛ فقال لهن {تنحين، عليكن بحواف الطريق} وهذا كله سعياً لسلامة القلوب وطهارة الأعراض.

    لكن مع هذا أقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحسن التعامل مع النساء، وهو خير الناس خلقاً عليه الصلاة والسلام فيتكلم معهن متى ما دعت لذلك حاجة، ويلقي عليهن السلام {مرحباً بأم هانئ} ويقضي حوائجهن {انظري يا أم فلان أيَّ طرق المدينة شئت أذهب معك حتى أقضي حاجتك} وهكذا ينبغي لك أن تنزل كل مسلمة منزلة أختك من نفسك؛ وانظر ما تحب من الناس أن يأتوه إلى أختك فافعله مع بنات المسلمين، وليس من لوازم التزام حدود الله أن تكون عبوس الوجه مقطب الجبين؛ بل لا مانع من الكلام لحاجة مع طلاقة الوجه وحُسن اللفظ؛ قال تعالى ((وقولوا للناس حسنا)) واحرص عافاك الله على البعد عن مواطن الريبة، وإياك والتوسع في المباح لأنه قنطرة إلى الحرام، والله الموفق والمستعان.

  • ما معنى تجديد الدين؟

    السلام عليكم ورحمة الله. ما معنى الحديث عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يبعث كل مائة عام رجل يجدد للناس دينهم بالتفصيل الممل؟

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد

    فالحديث رواه أبو داود والحاكم في المستدرك وابن عدي في الكامل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»

    والبعث المذكور أنه يكون على رأس المائة هو الإثارة والإرسال، فيكون المعنى – كما قال المناوي في فيض القدير – (إن الله يقيض لهذه الأمة على رأس المائة مجدداً، أي: أنّ هذا المجدد يتصدى في رأس المائة لنفع الأنام، وينتصب لنشر الأحكام) 

    أما المقصود بـ (الرأس) في قوله صلى الله عليه وسلم: «على رأس كل مائة سنة»، فقد قال بعضهم: يعني في أولها، وقال آخرون: بل في آخرها

    والتجديد يعني جعل الشيء جديداً، فتجديد الدين يعني إعادة نضارته ورونقه وبهائه وإحياء ما اندرس من سننه ومعالمه، ونشره بين الناس.

    وهذا اللفظ (التجديد) يؤكد أن التجديد الموعود لابد أن يكون على حين فترة من العلماء، واضمحلال لشأن أهل الحق وحملة السنة، فيبعث الله هؤلاء المجدّدين ليعيدوا للناس الثقة بدينهم، ويعلموهم ما جهلوا من شأنه. فليس معنى الحديث أن التجديد إضافة شيء جديدٍ إلى الدين، كما أنه لا يعني بحالٍ من الأحوال اقتطاع شيء منه ونبذه. فهذا وذاك ليسا في الحقيقة تجديداً، وإنما هو مسخٌ وتجريد.

    فأما لفظ «مَنْ» فإنه يطلق على المفرد وعلى الجماعة – من حيث اللفظ -، ومن حيث المراد بها في الحديث قال بعضهم: المقصود بها فردٌ، وحملوا «مَنْ» في هذه الرواية على لفظ (رجل)، أو (عالم) كما جاء في بعض الروايات، وقد اختار هذا الرأي عدد من العلماء، ونسبه السيوطي إلى الجمهور فقال: وكونه فرداً هو المشهور قد نطق الحديث والجمهور. ونسبه غيره إلى (العلماء). واختار آخرون العموم، منهم: الحافظ ابن حجر، وابن الأثير، والذهبي، والمناوي، والعظيم آبادي، وغيرهم.

    ومما يدل على أن المراد العموم وليس شخصاً بعينه؛ قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله»

    وقد قال الإمام البخاري في ترجمته على الحديث: (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، وهم أهل العلم)

    قال الإمام النووي في شرحه لهذا الحديث: (ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين؛ منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدثون، ومنهم زهّاد، وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض) ونقل ابن حجر كلام النووي ثم زاد في آخره: (ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد، وأن يكونوا في بعضٍ منه دون بعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولاً فأولاً، إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله.ا.ه

    يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بعد سياق الخلاف في المجدّد: أفرد أم جماعة؟: (ولكنّ الذي يتعين فيمن تأخر المحملُ على أكثر من الواحد؛ لأن في الحديث إشارة إلى أن المجدّد المذكور يكون تجديده عاماً في جميع أهل ذلك العصر، وهذا ممكنٌ في حقّ عمر بن عبد العزيز جداً، ثم في حق الشافعي. أما من جاء بعد ذلك، فلا يعدم من يشاركه في ذلك).

    وقال: (لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحدٌ فقط؛ بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة، وهو متجهٌ؛ فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوعٍ من أنواع الخير، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدَّعي ذلك في عمر بن عبد العزيز فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير، وتقدمه فيها؛ ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه. وأما من جاء بعده؛ فالشافعي – وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة – إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد، والحكم بالعدل. فلعل هذا كل من كان متصفاً بشيءٍ من ذلك عند رأس المائة هو المراد؛ سواء تعدَّد أم لا)

    وقال الإمام الذهبي: (من – هنا – للجمع، لا للمفرد، فنقول مثلاً: على رأس الثلاثمائة: ابن سُريجٍ في الفقه والأشعري في الأصول، والنسائي في الحديث… الخ)

    وهذا المجدد أو أولئك المجددون من صفاتهم إدراك واع لحال هذه الأمة وما تعانيه، ثم إرادة مصممة على التغيير، ثم إمضاء هذه الإرادة وتحقيق عملي لها.

    ومن تتبع مسيرة هؤلاء المجددين – جزاهم الله خيرا – يجد بعضهم قد برع في تجديد الدين في أبواب الحكم والجهاد كعمر بن عبد العزيز، وبعضهم في نشر العلم وتبويبه وترتيبه كالشافعي، وبعضهم قد برع في رد الأمة إلى الجادة على حين ضياع وتيه كما فعل نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي، وبعضهم في رد الناس إلى السنة على حين غربة منها كما فعل أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وهكذا جزاهم الله جميعاً خير الجزاء عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

زر الذهاب إلى الأعلى